اللاجئ متّهماً وضحيّة

نارين عمر
خصّص يوم العشرين من حزيران من كلّ عام تحت مسمّى” اليوم العالميّ للاجئ، أو يوم اللاجئ العالميّ”، وجاء في هذا اليوم تحديداً لتزامنه مع  يوم اللاجئين الافريقي الذي تحتفل به عدّة بلدان افريقيّة، ويعرَّف هذا اليوم على أنّه:
“يتمّ فيه إظهار واستعراض هموم وقضايا ومشاكل اللاجئين والأشخاص الذين تتعرض حياتهم في أوطانهم للتّهديد، وتسليط الضّوء على معاناة هؤلاء اللاجئين، وبحث سبل تقديم المزيد من العون والمساعدة لهم  برعاية وحماية المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين التّابعة للأمم المتحدة “JNHCRR”، وكان أوّل احتفال رسميّ به في عام 2001م. 
في هذا اليوم لا شكّ أنّ أعداداً كبيرة من سكّان العالم وخاصة سكّان الشّرق الأوسط يتساءلون، ويستفسرون: 
“كل منّا يُعتَبر  لاجئاً، مَنْ نعيش خارج الوطن أو مَنْ نعيش في الدّاخل! مَنْ يواسي مَنْ؟! المأساة أكبر من كلّ أنواع المواساة والعزاء!
الأمم المتحدة تعلن هذا اليوم يوماً عالمياً للاجئين  وكأنّ مَنْ يديرون الهيئة، ويسيّرونها كانوا يعلمون مسبقاً ما سيحلّ بنا نحن الشّعوب المغلوبة على أمرها؟ وكأنّ صحوة الضّمير قد أنذرتهم، أو حاستهم ما بعد السّادسة ألهمتهم بوجوب تخصيص هذا اليوم لهم بعد أن نزل عليهم وحي خراب أوطانهم وهلاكهم وإبادتهم! ؟ كلّ شيء جائز في عالمنا الذي بات أمره ومصيره بيد قلّة من الكثرة العالميّة منذ أن وجد هذا العالم عبر مئات الأعوام، وبذلك نستطيع أن نسمّي اللاجئ “متّهماً وضحيّة”.
السّؤال الأهمّ:
وماذا يقدّم هذا العالم للاجئ؟ وبالمقابل:
ماذا أخذ منه إلى أن وهبه رحمة وعطفاً هذا اليوم العتيد؟
المتحكّمون بهيئة الأمم المتحدة يدركون جيّداً أنّه
لهم وبيدهم الأمر والنّهي، ويدركون أنّهم هم الذين هجّروا هؤلاء الملايين بمشاعرهم الرقيقة وحاستهم التي لا حاسة قبلها ولا بعدها، وهم الذين يسارعون إلى مدّ يد العون والمساندة إليهم طبقاً للمثل القائل “يقتل القتيل، ويمشي في جنازته”.
ولكن لماذا نشدّد على عتاب ولوم هذه القلّة والكثير من شعوبنا يتحمّلون أسباب لجوئهم وتشرّدهم من أوطانهم نتيجة عدم تقديرهم للأسباب والنّتائج، وتصديقهم للقلّة في مزاعمهم وادعاءاتهم، واستكانتهم للقلّة المتحكّمة بهم، ومتى كانت الوعود العهود المكسوّة برداء السّياسة والاستحكام والسّيطرة تحقّق أمانيّ وطموحات الشّعوب؟!
المسألة أكبر من أن نلخّصها في يوم أو في شعارات لا تزيد الأوضاع سوى مأساويّة وكارثيّة أكثر. 
لو خصّصت أيّام السّنة كلّها للاجئ لن تعوّضه عن يوم واحد يعيشه في وطنه، وكلّ مساعدات العالم لن تغنيه عن رغيف خبز مع رشفة ماء في بيته مع ناسه وأحبّته ومحبّيه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…