معركة الدبلوماسية الكردية والاستفتاء الكردستاني

عمر كوجري
يشهدُ التاريخُ أن الكردَ نصعوا صفحات التاريخ في كلِّ الوقائع التي خاضوها منذ عهودٍ سحيقةٍ وحتى الآن، لم يطووا أعناقهم لباغٍ مهما تجبّر، واليوم تترجم أنهار دماء الشباب الكردي إلى لغة واحدة عابقة وآسرة، وهي الاستفتاء في جنوبي كوردستان الذي سيفضي بدوره إلى إعلان دولة كوردستان. 
منذ الزيارة الناجحة للرئيس مسعود بارزاني للبرلمان الأوروبي، ورجالات جنوبي كوردستان يعملون كخليّة نحل، فقد صارت المعركةُ الحقيقيةُ حالياً هي الدبلوماسية، وهي تتجهُ نحوَ النَّجاح، لأنّ القادةَ في هذا الجزء العزيز من وطننا يدركون أن تحديدِ يوم الاستفتاء في 25-9-2017 ليس بالسهولة المُرتجاة، ويعُون حجمَ المخاطر المحيقة بالحلم الكردي الذي يقترب من التحقُّق، فالدول الاقليمية الموجوعة الخواصر من الوجود الكردي في حتمية كوردستانه التي أضاعت منه يوماً مستعدة لتصفير جميعِ مشاكلها الكبيرة لأجل إفشال الاستفتاء، وكذا بعض الدول “الكبرى” التي مازالت تنظر إلى كوردستان من نافذة بغداد المركز، ومن منصة المقبور صدام ولاحقاً المالكي الشديد العداوة للكرد حالياً.
من هذه الرؤية، من كُلّف بهذه المهمة الصعبة للغاية هم أهلٌ لها، وبتنا نرى في الميديا العالمية العلم الكوردستاني العظيم يُضيء إلى جانب أعلام الدول التي تستضيف وفود الدبلوماسية الكردية، فترطيب الأجواء العالمية سائرٌ بقوة حتى يمضي يوم الاستفتاء بسلاسة وهدوء وفرحة كوردستانية عارمة، وهو بكل حال ماض كما رسم له مهندس دولة كوردستان الرئيس مسعود بارزاني.
في الداخل الكردستاني، الغالب الأعم تتوجّه الأجواءُ نحو التّصافي والتّلاقي، ويتمُّ محاصرةُ المعنّدين و”الزعلانين” بمزيد من الاستيعاب، وتذليل كلِّ المشاكل حتى غدوا في وضع إما القبول والانخراط في الاستفتاء وإنجاحه، أو يضعون أنفسهم في هامش النسيان كردياً، وعلى مستوى آخر يجهدُ الكوردستانيون لتشكيل نواة دولة قوية منيعة يهابُها الطامعون والمارقون، فهاهو سلاح الجو الكردستاني يقترب من التشكُّل ضمن قوات البيشمركة، وبدعم أمريكي بريطاني ألماني، ولهذا قال خبير دبلوماسي كردي أن “تشكيل سلاح الجو من أهم الخطوات، باتّجاهِ تشكيلِ جيشٍ قويٍّ يكون نُواةً لدولة كوردستان”. فطالما أن الكرد أثبتوا جدارةً في دحر تنظيم داعش الإرهابي، وقاتلوا بالنيابة عن العالم كما صرح الرئيس بارزاني مرةً للإعلام، فهم محلُّ تقديرِ واحترام أينما حلّوا.
لهذا لا خوف أبداً من اليوم المشهود للاستفتاء، وسينجحُ الكردُ لأوّل مرة في تقرير مصيرهم بأنفسهم دون وصاية من أحد.  
الكرد لم يدفعوا مئاتِ الآلاف من الشُّهداء لينتظروا ” الظروف المناسبة”.. هذه حقيقةٌ يجب أن يعيها القريبُ قبل البعيدِ.
كوردستان –  زاوية” العدسة ” العدد 565 تاريخ: 1-8-2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي سوريا لا تبنى بالخوف والعنف والتهديد ولا بالقهر، بل بالشراكة الحقيقية والعدالة التي تحفظ لكل مكون حقوقه وخصوصيته القومية والدينية والطائفية دون استثناء. سوريا بحاجة اليوم إلى حوارات ومفاوضات مفتوحة وصريحة بين جميع مكوناتها وإلى مؤتمر وطني حقيقي وشامل . وفي ظل الأحداث المؤسفة التي تمر بها سوريا والهستيريا الطائفية التي أشعلت لدى المتطرفين بارتكابها الجرائم الخطيرة التي…

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…