ترامب يختلف عن أوباما

توفيق عبد المجيد
يبدو أن النظام الإيراني أراد أن يختبر جدية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ، ومدى مصداقيته في التصريحات التي أدلى بها إبّان حملته الانتخابية وخاصة المتعلقة منها بالملف النووي الإيراني ، ناهيكم عن تصعيد الحرب ضد الإرهاب والمتشددين المتطرفين في رأيه ، حيث منع مواطني سبع دول عربية في مقدمتها العراق وسوريا من دخول الولايات المتحدة ، ثم توالت التصريحات التهديدية والتصعيدية لتبلغ ذروتها بعد المناورات العسكرية الإيرانية في مياه الخليج وداخل إيران ، وإطلاق الصواريخ البالستية ، وقصف الفرقاطة السعودية وهي تظنها أمريكية ، ليبدأ التصعيد من جانب أمريكا فتفرض عقوبات على خمسة وعشرين كياناً وشخصية بتهمة دعم الإرهاب ، وتجارب الصواريخ البالستية ، والتحرشات الإيرانية تجاه السفن التي تبحر في الخليج ، بالإضافة لتدخلاتها المكشوفة في شؤون دول الجوار ،
هذه الانتهاكات والخروقات والتصريحات الارتجالية من الجانب الإيراني قوبلت بردود أفعال قوية من قبل الأمريكان ليصف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إيران بأنها ” أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم ” ويتلوه مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل فيلين بأن ” بلاده لن تتسامح بعد الآن مع الأعمال الإيرانية ” مضيفاً أن أيام ” غض الطرف عن أعمال إيران العدائية انتهت ” ، ولتؤكد واشنطن أن ” كل الخيارات مطروحة للتعامل مع إيران بما فيها الخيار العسكري ” واشتدت لهجة التصريحات فبادر نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس محذراً إيران من أي عمل استفزازي تحريضي قائلاً ” على الإيرانيين التفكير مرتين قبل مواصلة أعمالهم الاستفزازية ” محذراً الإيرانيين من ” اختبار حزم ترمب ” لأن هناك ” رئيس جديد في المكتب البيضاوي ” ولم يتخلف الرئيس الأمريكي عن نوابه ومستشاريه ليدلي بتصريح هو الأقوى في هذا المجال ” إيران تلعب بالنار ولم تقدّر لطف أوباما لكن أنا مختلف ” ماضياً في القول أن ” إيران دولة إرهابية رقم واحد “. ولا يخفى على المتتبع للأحداث أن الولايات المتحدة أفرجت عن الأرصدة الإيرانية المجمدة على خلفية البرنامج النووي الإيراني في أواخر أيام أوباما وهي تقدر بمليارات الدولارات لتتابع إيران أنشطتها العدوانية وترتفع وتيرة التدخلات الإيرانية في الخليج ودول الجوار ، ثم لتبتلع إيران العراق التي سلمتها أمريكا لهم ” على طبق من ذهب ”   
ولم يتأخر الرد الإيراني الاستفزازي على التصريحات الأمريكية فبادرت إلى فرض قيود على ” أفراد وجماعات أمريكية على خلفية دعمهم للإرهاب ” ليقول وزير الخارجية الإيرانية أن ” إيران لن تعبأ بالتهديدات الأمريكية ولن تبادر بإشعال الحرب ” ولتصف الخارجية الإيرانية تحذير الرئيس الأمريكي ترامب بأنه ” استفزازي ومكرر ولا أساس له ” وليؤكد الرئيس الإيراني بأنهم ” مستمرون في تجاربهم الصاروخية ” فيبدو حيال ذلك وكأن النظام الإيراني من خلال امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل غدا كالمراهق المعجب بنفسه بشكل مبالغ فيه بناءً على ما يمتلك من العضلات.
هذه التصريحات والتصريحات المضادة ، وهذا الاشتباك بالكلمات والأقوال هل سيترجم إلى أفعال فنشهد حرباً حقيقية في مياه الخليج ؟ أم أن الجهود ستنصب على بتر ذيول وأصابع إيران الكثيرة في المنطقة ؟ وهل تفكيك إيران وزعزعتها من الداخل من أولويات إدارة ترامب فتبادرإلى دعم المعارضة الإيرانية المسلحة وفي مقدمتها المعارضة الكردية ، وكل المكونات الأخرى لتواجه هذا النظام المتعجرف المتغطرس ؟ وهل سيصمد الاتفاق النووي الموقع بين إيران وأمريكا والغرب ؟ أم سيلغى كما وعد الرئيس ترامب في حملته الانتخابية ؟ أعتقد أن إلغاء الاتفاق النووي سيكون المؤشر الأقوى على أن إيران لا بد أن تلجم وتحجم .
8/2/2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…