كورديات ديمقراطيات يفتقدن الديمقراطية

شفان إبراهيم
تفتقد المرأة للطروحات النسوية المتبنية لحقوقهن. فتبقى ضمن الإطار النظري، دون الاهتمام بأثر التعليم والاقتصاد في مشاركة المرأة في الحياة السياسية. تفتقد الكوردية انتمائها إلى المجتمع الكوردي من جهة التنظيم السياسي ومن جهة العلاقة القائمة بين النساء بعضهم ببعض. إن الاخـتلاف في الأسـس السـياسـية أوالتـاريخية أو غياب التشريع القانوني لمفهوم حقوق المرأة, يُفهم إلى أن محتواها المفهومي يتبدل بتغيير هـذه الأسـس, وارتباطها بمصالح الذكور فقط.
يمكن التمييز بين منحيين, المنحى الأول: وهو يختص بوضعية الحقوق بشكل مطلق, ويستوضح من الترميز إلى شمولية جميع المواطنين نساء ورجلاً بالواجبات, وثنيهم عن الكثير من الحقوق. فيتبلور وضعية مأسـاوية تختص بشمولهم كلهم بالمساواة من جهة تقاسم واقع الحال بكونهم رهائن في أيدي أنظمتهم اليوم , والأنظمة القمعية الرسمية بالأمس. 
المنحى الثاني : وهو الذي يقتصر على النساء حصراً, وعـلى هذا المنحى يتضح أن النساء يشغلن حيزاً أدنى وأقل قيمة مقارنة بأندادهن من الذكور. خاصة على صعيد قانون الأحـوال الشـخصية, لـكن المعضلة الكـبرى تـكمن في ربط المنحيين الأول والثاني. فطرح مشكلة حقوق المرأة الكوردية, يُرد عليها بـدفع الحوار إلى المنحى الأول الـذي يتضمن أن الذكور لايتمتعون بحقوق مدنية سياسية قانونية, لذا فالحديث عن حقوق خاصة بالمرأة غير مقبول في الظروف الراهنة, وفق معتنقي هذا الرأي. أما الكـورديات الـديمقراطيات يـضعن أنفسـهن خـارج جـدلية هذين المنحيين حيث يعتقدن أن هذا الحوار قد دار ولفترة زمنية طويلة في دوائر مفرغة وأن الحصول على مشاركة ديمقراطية ذو قـاعدة واسـعة لن تتحقق من دون تحويل النسـاء إلى شريكات كاملات, حيث أن تحرير النسـاء يبدأ مـن جـهة الاتصـال العضوي بـين تـحقيق المساواة وبناء الديمقراطية. وحين تـحرير المرأة الـكوردية يـؤدي ذلك إلى تـحرير مجموعات اجتماعية أخرى في إطار النظام السياسي. إن غياب الديمقراطية القائمة على المشاركة لأوسع قطاعات المجتمع الكوردي يحمل في طياته إعاقة مشاركة المرأة السياسية. فالحريات، شخصية كانت, أم لمختلف القطاعات الاجتماعية هي محدودة للغاية, بل إن التسلط مازال الأسلوب الوحيد للتواصل والعمل. هـذه الحقيقة تـضيف بُـعد أخر لمشكلة المرأة الكوردية, فـالنسـاء يناضلن مـن أجـل المشاركة السـياسـية في إطـار غير ديمقراطي وتسلطي.   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…