ما يحتاج إليه جنوب غربي كردستان – الجزء الرابع

د. محمود عباس
كما ويدرك الإخوة في الإدارة الذاتية أو بالأحرى في قيادة ال ب ي د أن مستوى تحالفهم مع أمريكا في الواقع السياسي، توضحت في الشهر الأخير، ومن خلال القصف التركي، وخدعة التصريحات والتصريحات المضادة، وبالتالي المدرعات الثلاث الأمريكية، التي جابت المنطقة، بمظهر مؤلم سياسيا، مقارنة بوجود 12 قاعدة استراتيجية عسكرية على سوية مواجهة الشرق الأوسط ومعها روسيا ضمن الأراضي التركية، ولا نشك أنها كانت مسيرة رمزية، عكست الوجود والدعم الأمريكي، ولربما حدت مؤقتاً من التدخلات التركية، لكن لا بد من الانتباه إلى غايتهم منها بالنسبة للجانب الكردي، والمعروفة لأبسط سياسي، بأنها:
1. كانت عملية (تطمين) للسلطة التركية قبل القوة الكردية، على أن أمريكا ستحرس حدودها الجنوبية، فلا داعي لإلهاء القوة الكردية عن مهمتها في تحرير الرقة أو محاربة داعش.
2. ومن طرف آخر (تهديد) لها، فيما إذا لم تستجيب لمطالبها، سيكون تسليح القوة الكردية في تصاعد.
3. والرسالة الثانية هي للقوى الكردية بأن الجبهة مع تركيا ستهدأ ليتم التركيز على جبهة الرقة، وهذه لم تدعم حتى الأن بالعتاد الذي يجب أن تقلل من الضحايا، والشهداء، أي أن الأسلحة النوعية المشابهة لتلك المدرعات لم تقدم للقوات الكردية بعد، وكما طلبته قائد القوات الأمريكية في المنطقة ( كتبنا هذه الحلقات  قبل أن تصدر الموافقة من البيت الأبيض على تسليح القوة الكردية، مع ذلك تظل الشكوك موجودة، حول نوعية وكمية الأسلحة المرسلة) وهذه تفتح الباب لأسئلة شكوكية عديدة، هل هي أيضا تندرج ضمن عدم رفع سوية القوات العسكرية التي قد تصبح على قدرة لمواجهة القوات التركية أو المعارضة أو السلطة السورية، أو قوة تتمكن من بلوغ البحر الأبيض المتوسط؟ وفي كل الأحوال فلا نستبعد أن يكون الدعم شحيحاً وعلى سوية مصطلح المتمردون، وهذه ناتجة من عاملين: الموضوعي وهو الأهم، وهي مصالح الدول الكبرى، والثاني العامل الذاتي وتعاملنا ككرد بين بعضنا.
  لا نشك لحظة بأن الإخوة في ال ب ي د يعلمون اللعبة، ما بين الاستعراض العسكري الجاري، وغياب التنديد أو حتى التنبيه على مستوى قرار سياسي لا من أمريكا ولا من روسيا، وهذه المدرعات الثلاث، ومدرعات روسية مشابهة في منطقة عفرين، ودون أن ترافقها تصريحات دبلوماسية، تتبين وكأنها تسير في جنازة شهدائنا. 
   والسؤال يفرض ذاته ما العمل إذاً؟ فهل تستطيع الإدارة الذاتية أو قوات الحماية الشعبية وفي واقعها الجاري رفض الأجندات الأمريكية الروسية؟ أليس الرفض تعني النهاية بشكل أو آخر، والطرق عديدة؟ وما هو البديل في حال رفض الأجندات الأمريكية الروسية؟ وهل للمنتقدين قدرة على التحرر من إملاءات الأطراف الإقليمية؟ أو عرض حلول أفضل للتعامل مع القوى الكبرى؟ جميعنا نعلم أننا وبجميع فصائلنا وأحزابنا، وفي الأجزاء الأربعة أدوات بيد الأطراف، وخاصة القوى الكبرى، ومن يدعي غير هذه، يخدع ذاته قبل الأخرين. 
مع ذلك لا بد من الحراك، لعرض المطالب الكردية، لرفع سقف سوية التعامل، والاعتراف، وقد يكون بالاحتجاج الساذج البسيط، على سوية عرض الطلبات على الأمريكيين الذين يتعاملون معهم يوميا، أو احتجاجات جماهيرية، وبتغطية إعلامية. وبشكل عملي، سياسي ودبلوماسي، تكوين القوة العسكرية الكردستانية في جنوب غربي كردستان، والاتفاق على تحديد موقف كردي مشترك، من معظم أطراف الحركة الكردية في جنوب غربي كردستان، في الخارج والداخل، للحصول على ضمانات مؤكدة من القوى الكبرى، لوقف التدخل التركي وأدواتها، من جهة، وسلطة بشار الأسد وشبيحته، ومربعاته الأمنية، من جهة أخرى، الطرفين الذين يفرضان أجنداتهما على الأحزاب الكردية والكردستانية، والتقليل على الأقل من هيمنتهم على المنطقة الكردية الفيدرالية، كتقليص المساحات التي تحتلها سلطة بشار الأسد في منطقتي قامشلو والحسكة، فهي لا تزال تتحكم بمعظم مفاصل المنطقة ومساحات واسعة من جغرافيتها، مع وجود القواعد الأمريكية المؤقتة على أطراف تلك الجغرافيات.
  جميعنا والعالم وإعلام الإخوة سمعت تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية، وخاصة بعد قضية تسيير المدرعات الثلاث، وتصريح أردوغان بأنه حزين لتلك المشاهد، وسيحاول إقناع الإدارة الأمريكية بالتخلي عن القوة الكردية (طلب أردوغان وبشكل مباشر من البيت الأبيض سحب قرارها وبسرعة، دون أن يصدر رد من إدارة البيت الأبيض، وفي اللقاء أيضا لم يحصل سوى على الرفض غير المباشر إن لم يكن مباشر)  تبدوا هذه التصريحات وكأنها تلاعبات دبلوماسية متفقة عليها أمريكيا وتركيا، لتظهر وكأنها قضية القضايا في الشرق الأوسط، وإلا فلماذا قام أردوغان بسحب بعض الأليات التركية من على حدود المنطقة الكردية، وصرحت المتحدثة باسم البنتاغون، قبلها بيومين، وجوابا على سؤال من قناة الـ(سي ن ن ) بأنهم يسيرون تلك المدرعات لتطمين حلفاؤهم (المتمردون) الكرد، وبأن تركيا سوف لن تكرر قصفها، ودون تأكيد، ولئلا يلتهي المتمردون عن أجنداتهم المكلفون بها من قبل أمريكا، وهي محاربة داعش، وخاصة وهم مقدمون على تحرير الرقة، أي بما معناه، استهزاء سياسي بمقدرات الشعب الكردي لفرض الأجندات دون مقابل سياسي حتى اللحظة، ولا تعني هذا أن الحصول على الدعم الأمريكي خاطئ، بل نأمل أن يتصاعد، ولكن لا بد من عرض المتطلبات الكردية وعلى المستوى السياسي بالمقابل. 
  ومن ضمن جدليات هذه التلاعبات الدبلوماسية، والعلاقات العسكرية، وتمرير الأجندات، عرض أردوغان، والذي لم يترك فرصة إلا وشارك فيها بخباثة سياسية، رايه حول عملية تحرير الرقة مع روسيا، وتحدث فيها أثناء حواره مع ترمب، وجل همه إيقاف المساعدات والدعم عن المنطقة الكردية وليس فقط عن قوات ال ي ب ج، وترك الرقة، فقد قال بأنها ستتحرر بعد فترة زمنية وعن طريق الحصار. ولا شك أن أردوغان لا يهمه الشعب الموجود في المدينة ومعاناتهم، فمن اجل ضرب القضية الكردية مستعد لتدمير كل جنوب غربي كردستان، وجل تخوفه هي من ادعاءات البنتاغون، وأن حمايتها للقوة الكردية قد تنتقل إلى حماية للإدارة الذاتية، وعملية تحرير الرقة لا تعني شيئا مقابل احتمالية بلوغ الاعتراف السياسي الأمريكي الروسي بالمنطقة الكردية، فالخوف هو من الفيدرالية الكردية القادمة في جنوب غربي كردستان.
من الأهمية ذكره، وكما ذكرنا سابقاً، أن هناك خلاف ما بين وزارة الخارجية الأمريكية ومعها السي أي إي ووزارة الدفاع، حول علاقة أمريكا مع القوة الكردية وتركيا، خاصة وأنه لا تزال هناك رؤية بأن البيت الأبيض لا يزال غير صارم في قراراته، لعدم الاستقرار التام لمستشاري الرئيس على استراتيجية نهائية حول قضية الشرق الأوسط. ولا نستبعد أن الموقف سيتوضح بعد جولة الرئيس دونالد ترمب في الشرق الأوسط ومركز الناتو…
يتبع… 
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
2/5/2017م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…