لماذا مشعل تمو تحديداً ؟

بقلم : بشار بن فارس – مسعود حسن

يستنكر النظام* في سوريا مقتل المعارض الكردي البارز مشعل تمو ، ثم يتحدث اعلامه الضال عن مآثره الوطنية ومواقفه الرافضة للتدخل الأجنبي في سوريا ، رغم أن كل الدلائل والحيثيات تشير إلى بصمات النظام الواضحة في مقتله ، من خلال أربعة أشخاص ملثمين يقتحمون بيته بسيارة (مرقمة) في يوم الجمعة ، حيث ينتشر الأمن بكثافة وتسأل الطيور المهاجرة فوق سمائها عن وجهتها ، ثم تلوذ تلك السيارة بالفرار دون أن يتمكن أي رجل أمن من القاء القبض عليهم في دولة أمنية ، وذو استنفار عال في هذا اليوم تحديدا تصل إلى درجة (الأحمر).
وهذا النظام هو نفسه أحيل الشهيد إلى محكمة الجنايات بتهمة إثارة الفتنة لإثارة الحرب.
في 26/أب/2008 تم تسليمه من قبل الأمن الجوي في حلب، إلى شعبة الأمن السياسي في دمشق، والتي بدورها أحالته إلى قاضي التحقيق الأول بدمشق في27/8/2008 ووجهت إليه النيابة العامة تهم نشر الأخبار الكاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة، وتضعف الشعور القومي، والانتساب إلى جمعية سرية بقصد تغيير كيان الدولة السياسي والاقتصادي، والانتماء إلى جمعية ذات طابع دولي، وإيقاظ النعرات العنصرية والمذهبية، والنيل من هيبة الدولة، والاعتداء الذي يستهدف الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح السوريين أو بحملهم على التسليح بعضهم ضد البعض الآخر، وإما بالحض على التقتيل والنهب في محلة أو محلات، ويقضي بالإعدام إذا تم، ويواجه السجن المؤبد، وأمر بإيداعه سجن عدرا المركزي بدمشق.
تبدو روايات النظام مفضوحة بكل تفاصيلها لكن السؤال لماذا مشعل تحديداً ؟
استطاع مشعل تمو الناطق باسم تيار المستقبل أن يكون أحد الكرد البارزين الموقعين على اعلان دمشق ، واستطاع أن يكون فعالا في الحراك الوطني المعارض في سوريا ، ثم انشائه لتيار المستقبل عام 2005 وهو ما أرق النظام فعلياً لمعرفته التامة بأن الأحزاب الكردية الموجودة لا تشكل خطرا على النظام ، حيث أن هذه الأحزاب تشبه النظام في قياداتها ، وفي ممارساتها ، واستمالتها لمتطلبات النظام الداخلية ، ولعل البيان الصادر حول مقتل رفيق دربهم دليل على هذا الخنوع ، ولعل التيار المتشكل (المستقبل) هو ما يرعب النظام من حيث الشكل والمضمون ، حيث الانتقال الفعلي من العمل الروتيني التقليدي في الحراك السياسي ، إلى مرحلة المشاركة الثقافية ، السياسية الحديثة المعارضة للشارع السوري وتفعيل دور الكرد في النسيج السوري ، واعتبار الأكراد مكون أساسي لهذا الوطن .
رفض مشعل تمو الحوار مع النظام الأمني ، على اعتبار أن العقلية الأمنية لا يمكن أن تُحاور ، ثم كان الوحيد الذي ينسق مع تنسيقيات شباب الداخل ، وهو الوحيد من بين التيارات السياسية في القامشلي الذي دعى إلى اسقاط النظام ، وإقامة دولة سورية مدنية ديمقراطية تعددية تشمل كل النسيج السوري بكل أطيافه وشرائحه تحت شعار (سوريا لكل مواطنيها) وقدرته التواصل مع المعارضة في الخارج ، بكل ثقله الوطني والذي كسر حاجز (اللاثقة) بين مكونات المعارضة السورية والأكراد ، ودخوله المجلس الوطني السوري أعطاه مصداقية أكثر على اعتبار هذا المجلس لكل مكونات سوريا ، مع كل هذا الارتقاء بالعمل الوطني للمعارض مشعل تمو ، ما جعله النظام هدفا له لإجهاض حركته النشطة ، وهو ما تسبب له بأزمة حقيقية في المناطق الكردية ، حيث أن المشاركة الكردية لم تكن بالمستوى المرجو منها ، فالمظاهرات كانت ضعيفة ، والخلافات حول الأولويات لم تكن متطابقة ، والريبة من المعارضة ، والاختلاف حول ما بعد هذا النظام ، والدولة المستقبلية ، وموقع الأكراد فيها .
خطأ هذا النظام ، انه اغتال مشعل تمو دون سواه ، ليكون رمزا وطنيا لكل السوريين ، وتمتزج دماؤهم ، فتقوم التنسيقات الثورية السورية بتسمية يوم السبت سبت الشهيد مشعل تمو تحت عبارة ( دماؤك يا شهيد نار على النظام ونور للثورة) لتنتفض سوريا بكاملها غضبا على استشهاده ثم يوم الأحد يكون يوم قامشلو وعامودا (لأجلك يا مشعل لأجلك يا مشعل الحرية) ليتوجه أزلام النظام في محافظة الحسكة إلى القامشلي لتقديم واجب العزاء ، وتحميل ما يسمى بالعصابات المسلحة سبب استشهاده ، ويتساءل أحدنا من قتل المشيعين الخمسة في الجنازة ، إذا كان النظام بريئا من دم مشعل ، ولم يقتنع النظام أن رموز المعارضة تتحول إلى أيقونة ، كما كان في مقتل إبراهيم قاشوش وجملته الشهيرة (يالله ارحل يا بشار) والتي باتت جملة المقدمة والخاتمة في كل مظاهرة تناهض النظام ، أو تهديدهم للمخرج هيثم حقي ، ومحاولة بتر أصابع الرسام العالمي علي فرزات ، ورياض سيف ، واختطاف الفتيات وتقطيع أوصالهن ، والتمثيل بجثث الأطفال ، وتهديد معارضي الخارج بأقربائهم ، ،،،،،
استراتيجية النظام في المرحلة المقبلة ستتوجه إلى ملاحقة واغتيال المعارضين ، وتهديد الدول إذا اعترفت بالمجلس الوطني ، وتبدو عقلية التهديد مسيطرة على هذا النظام ، وكأن وزير الخارجية رجل أمن يكلم مواطنه فيما مرحلة ما قبل الخوف ، رغم حزننا العميق وتأثرنا باستشهاد المناضل مشعل تمو ، فإن خطأ هذا النظام إنه استطاع أن يوحد تماماً صفوف المعارضة التي كان يعيبها التوحد ، ليكون هذا النظام بتصرفاته الرعناء القائد الفعلي للثورة السورية .
رحم الله الشهيد الذي سطر بدمائه منارة جديدة في اكتمال الثورة لدورتها نحو سوريا دون بشار ونظامه وإليك يا مشعل الحرية هذه الكلمات لجيفارا
لاننا واقعيون فاننا نطلب المستحيل
إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
… … لا يهمني أين و متى سأموت بقدر ما يهمني أن يبقى الثوار يملئون العالم ضجيجا كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• تجاوزاً نقول عنه نظام فهو لا يمت للنظام بصلة ، بل عصابة منظمة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…