بيان صادر عن أحزاب الحركة الوطنية الكردية

لا تزال آلة القمع العسكرية والأمنية للنظام تزهق يوميا أرواح السوريين الأبرياء وتسفك دماءهم الطاهرة وتزج بأعداد كبيرة من الشباب والناشطين في غياهب السجون والمعتقلات ، تلك التي تزيد المتظاهرين والمحتجين إصرارا على مواصلة توسيع دائرة الاحتجاج والتظاهر ، كدليل حي وبرهان ساطع على أن خيار العنف أو الحسم بالقوة والذي يتبعه النظام منذ البداية لا يجدي نفعا ، ولا يمكن أن يكون حتى مجرد سبيل لتهدئة الأوضاع ولو إلى حين ، بل يزيد الأمر سوءا وتعقيدا ، ويساهم بوضوح في تأخير فرص الحلول الناجعة للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أواسط آذار المنصرم وحتى الآن .
إن الوضع بكل ما يحمل في ثناياه من الويلات والمآسي التي اقترفتها أجهزة النظام حيال مختلف أبناء المجتمع السوري ، هو موضع الإدانة والاستهجان من قبل أحزابنا السياسية ، لنؤكد في هذا السياق بأن فرص الحلول لأزمة البلاد المستعصية لا تزال قائمة – ولو في حدها الأدنى – وهي تكمن في تحقيق شروطها الأساسية التي تكرر نشرها باستمرار عبر بيانات الأحزاب ومختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية والتي يتحمل النظام مسئولية تأخيرها ولعل أولى هذه الشروط :
1- وقف العنف وسحب الجيش وقوى الأمن من مراكز المدن والبلدات وإعادتها إلى أماكنها .
2- إطلاق حرية التجمع في الساحات العامة وضمان حق التظاهر والاحتجاج للمواطنين .
3- وقف مداهمات قوى الأمن للبيوت والمنازل ، ومنع اعتقالها للناشطين والشباب ، والإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والموقف السياسي ، بمن فيهم معتقلي الحراك الجماهيري ، وحتى آخر المعتقلين ليوم الجمعة الأخيرة .
4- التطبيق الفعلي للمراسيم والقوانين والقرارات الصادرة بهذا الشأن ولاسيما مرسوم رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية .
5- توفير مستلزمات إقامة نظام وطني ديمقراطي تعددي يعترف بالوجود القومي الكردي في سوريا كمكون أساسي يتم إقراره دستوريا .
إلا أن الواقع وكما يبدو ، أن النظام لا يمتلك الإرادة حتى في مجرد التفكير بالحلول الموضوعية أو الاستجابة لكل دعوات الجماهير والقوى الوطنية والأحزاب السياسية ونداءات منظمات حقوق الإنسان ولجان ومؤسسات المجتمع المدني ، كما أنه لا يبالي حتى بالمساعي والجهود الإقليمية والدولية التي تحولت أخيرا إلى ضغوط وعقوبات اقتصادية وسياسية على البلاد والمستمرة وتيرة صعودها حتى الآن ، والتي ربما تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها .
إننا في أحزاب الحركة الوطنية الكردية ، وأمام هذا المشهد السياسي المعقد وتصعيد النظام لخيار العنف والحسم الأمني ، نرى لابد من تضافر جهود قوى المعارضة الوطنية العربية منها والكردية والتي ينبغي لها توفير عوامل ومستلزمات وحدة صفوفها ومواقفها السياسية ، ومن ثم دعم ومساندة مشروعية الحالة الوطنية الغاضبة التي تتحول بتصعيدها يوما بعد آخر إلى انتفاضة جماهيرية عارمة على امتداد الوطن السوري لتؤكد حزمها وعزمها على التواصل والاستمرار بصدور عارية ، حتى تحقيق أهدافها وتطلعاتها الوطنية والديمقراطية المشروعة في بناء حياة سياسية جديدة ، تضمن الحريات العامة التي تتعطش لها لعقود خلت من المهانة والمذلة والحرمان ، وتحقق العدل والمساواة بين الجميع في دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، دولة الحق والقانون التي تكفل الشراكة الحقيقية في البلاد والتداول السلمي للسلطة ، وتتساوى في ظلها مكونات المجتمع السوري وجميع ألوان طيفه ، وتنتفي بداخلها أشكال التمييز والامتياز لأي كان  قومي أو ديني أو سياسي .
28 / 8 / 2011

أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…