ســــــــــــوريا أولاً

  صوت الأكراد *

رغم أهمية تحصين الحدود ، ورغم أهمية سد المنافذ أمام أية جهة للاعتداء على سوريا خاصة إسرائيل ، ورغم أهمية الموقع اللبناني ستراتيجياً لسوريا ، لذلك فإن تحركات الحكومة السورية تبقى مشروعة لحماية حدودها والحفاظ على عمق استراتيجي لها ، ولكن تبقى للداخل السوري الأهمية القصوى والاستراتيجية الأهم في مواجهة اية تحديات حالية ومستقبلية لبلدنا .

هذا الوضع الداخلي والذي يبدو أن الحكومة عزفت عن التفكير فيه أو يبدو الاهتمام به استثنائياً نظراً لمشاغل القيادة السورية كما تروجها الجهات التي تحاول أو تسعى للتهرب من الاهتمام بالوضع الداخلي بل يروقها كثيراً استمرار الأوضاع على ما هي عليه .
ففي ظل الأحكام العرفية وانتشار الفساد والرشوة في معظم مؤسسات ودوائر الدولة ، وتردي الوضع الاقتصادي وانتشار البطالة وتفاقم الفقر باضطراد والهجرة والنزوح الجماعي من المناطق الشمالية الشرقية في سوريا( دير الزور – الرقة – الحسكة ) حيث يقدر عدد المهاجرين من محافظة الحسكة لوحدها خلال السنوات الأخيرة بأكثر من /800/ ألف واستئثار حزب البعث لوحده بكل مفاصل الحياة السياسية في سوريا في ظل غياب أو منع أية أصوات مخالفة لسياسات البعث بالتعبير عن نفسها بشكل علني مهما كانت تلك السياسات صائبة وذات بعد وطني بل هناك إصرار متزايد على قمع ولجم جميع أنشطة القوى الوطنية الديمقراطية ، والتي لا تقبل الدوران في فلك البعث أو التبعية له ، بل ترغب في اتباع سياسة وطنية بامتياز ومستقلة تماماً الأمر الذي يرفضه الحزب الحاكم ويصر على تطويع تلك الأحزاب للخضوع والتبعية له ، وإن كل ذلك خلق مناخاً داخلياً سلبياً حيث الاعتقالات السياسية لأصحاب الرأي والفكر ، وكذلك انتشار البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية وغيرها من العوامل التي ذكرت في مقدمة المقال خلقت احتقاناً داخلياً متزايداً وأوضاعاً سياسية واقتصادية واجتماعية سلبية ، الأمر الذي يضعف من وحدة المجتمع السوري وتماسكه ، بل يضعف سوريا داخلياً إلى أبعد حد ، لذلك إذا أرادت السلطة تحصين سوريا في وجه أية تحديات يجب تحصينها من الداخل أولاً وهذا يتطلب تحقيق تحولات ديمقراطية حقيقية وإصلاحات سياسية عميقة مترافقة مع إصلاحات اقتصادية واجتماعية موازية لها ، وإقرار الواقع التعددي لسوريا والذي يتكون من أكثر من قومية حيث يشكل الشعب الكردي القومية الثانية في البلاد ، الأمر الذي يتطلب إيجاد حل عادل لقضيته .
وبذلك نستطيع تحصين سوريا داخلياً وحمايتها من أية تهديدات ومن أية جهة كانت ، فإرادة الشعوب ووحدتها الوطنية هي السلاح الأمضى لمواجهة كل التحديات.



*
الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )  – العدد (434) كانون الثاني 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…