فتح الله حسيني
لن أسرد حكاياتي العابرة وأنا في طريقي الى مدينة كركوك من أجل حوارات تلفزيونية متتالية، وأنا لست من أبنائها، على أية حال، ولن أسرد حكاياتي التي سمعتها وقرأتها عن حقول باباكركر، والأغاني التي تغنت بها، والقصائد التي كتبت عنها وعن غناها النفطي، ولن أكون أول أو آخر كردي يكتب عن هذه المدينة.
في إحدى المرات وفي هذه الصحيفة “الاتحاد”، أبان تفجير انتحاري إرهابي طال جمهرة من أبرياء كركوك، كتبت مقالة بعنوان “قلبي لكركوك” مثلما كان قلب الشاعر الجليل الجواهري لكردستان، وتمنيت ولو لمرة واحدة أن تنتعش هذه المدينة الإشكالية، بعد أن أبادها البائدون جغرافياً وطبوغرافياً وتاريخياً، وألحق بها الكثير من الغبن من لدن الأجهزة المخابراتية البعثية التي حكمت بالحديد والنار، بدءاً بتطبيق سياسات التعريب، ولا انتهاءً بتسييّر عمليات التهجير والتسفير القسريين على سكانها واصحابها الكرد الأصلاء، ضمن سياسة تغيير أسماء البشر والحجر، كسمة أولى من سمات نظام حكم لم يسم يوماً باسم الله ولا باسم الشعب.
الشعب الكردي ينتابه حزن وأحزان عميقة، وهو يتابع أخبار تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، تلك المادة التي باتت إشكالية أكثر من اللازم بعد مقترحات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا، خاصة وأن المرحلة الأولى ظهرت متخبطة، فما بال أصحاب الشأن في المراحل اللاحقة.
كم من أوطان تحولت الى أكفان في ظل طمس الحقوق، وهل يعقل أن يقبل الكرد بعد كل تلك الضريبة من الدماء وإزهاق الأرواح وعمليات الأنفال وجرائم الجينوسايد أن يكون الكردي بعيداً عن مدينته التي رحل عنها بقوة السلاح، قسراً لا طواعية؟ وهل سيرضى الكردي الذي ورث أرضه وعرضه أباً عن جد وجداً عن جد جد أن تكون مدينته منطلقاً لصواريخ الكاتيوشا ومنبعاً للإرهابيين، في ظل الاستقرار المخيم على أجواء وأراضي إقليم كردستان؟.
إذا كانت الأرواح التي تزهق هنا وهناك كفيلة بضم المدينة الى ربوع خريطتها غير المزيفة، فلتكن تلك الأرواح تعوم على أكواماً من النعم والخير بدلاً من أن يسبر أغوار المدينة، زقاقا زقاقاً، طريقاً فطريقاً، قتلة ومارقون.
ألم يكفي العراقيين موتاً، ألم يشبع هذا العالم من متابعة أخبار موت العراقيين، منذ أكثر من ثلاثة عقود ونيف؟
أليس الأجدى أن نكف عن لغة الضغائن ونلتفت الى هموم الشعب بدلاً من مطاردة قصاصات الخرائط التي لونت جزافاً، ورسمت زيفاً وبهتاناً؟
أليس من حق أي كركوكي ان يرتب بيته وداره وشارعه بعد أن رتبها أقرانه في المحافظات العراقية الأخرى، لا سيما وأن بغداد باتت تعيش ربيعها الجميل.
فإذا تفجرت براكين كركوك، الملتهبة، المحتقنة من ظلم التاريخ والجغرافيا، فلن يطفئها مجيء مئات الفصول التي تسمى بالربيع.
*عن صحيفة الإتحاد العراقية
الشعب الكردي ينتابه حزن وأحزان عميقة، وهو يتابع أخبار تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، تلك المادة التي باتت إشكالية أكثر من اللازم بعد مقترحات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا، خاصة وأن المرحلة الأولى ظهرت متخبطة، فما بال أصحاب الشأن في المراحل اللاحقة.
كم من أوطان تحولت الى أكفان في ظل طمس الحقوق، وهل يعقل أن يقبل الكرد بعد كل تلك الضريبة من الدماء وإزهاق الأرواح وعمليات الأنفال وجرائم الجينوسايد أن يكون الكردي بعيداً عن مدينته التي رحل عنها بقوة السلاح، قسراً لا طواعية؟ وهل سيرضى الكردي الذي ورث أرضه وعرضه أباً عن جد وجداً عن جد جد أن تكون مدينته منطلقاً لصواريخ الكاتيوشا ومنبعاً للإرهابيين، في ظل الاستقرار المخيم على أجواء وأراضي إقليم كردستان؟.
إذا كانت الأرواح التي تزهق هنا وهناك كفيلة بضم المدينة الى ربوع خريطتها غير المزيفة، فلتكن تلك الأرواح تعوم على أكواماً من النعم والخير بدلاً من أن يسبر أغوار المدينة، زقاقا زقاقاً، طريقاً فطريقاً، قتلة ومارقون.
ألم يكفي العراقيين موتاً، ألم يشبع هذا العالم من متابعة أخبار موت العراقيين، منذ أكثر من ثلاثة عقود ونيف؟
أليس الأجدى أن نكف عن لغة الضغائن ونلتفت الى هموم الشعب بدلاً من مطاردة قصاصات الخرائط التي لونت جزافاً، ورسمت زيفاً وبهتاناً؟
أليس من حق أي كركوكي ان يرتب بيته وداره وشارعه بعد أن رتبها أقرانه في المحافظات العراقية الأخرى، لا سيما وأن بغداد باتت تعيش ربيعها الجميل.
فإذا تفجرت براكين كركوك، الملتهبة، المحتقنة من ظلم التاريخ والجغرافيا، فلن يطفئها مجيء مئات الفصول التي تسمى بالربيع.
*عن صحيفة الإتحاد العراقية