عراضة كوردية في برلـين!

ديـار سـليمان

بداية و رغم كل شئ شكرآ من القلب لكل من ذهب الى برلين و إشترك فيما سُمي مظاهرة 28.08.2008 مع أن ما حدث هناك يخرج من قاموس المظاهرات و الإحتجاجات ويدخل في سجلات الفضائح الفلكلوريـة.


فعدد الذين ذهبوا مشكورين فاق رقميآ (على قلته) عدد الجهات التي من المفترض أنها وقفت خلف مظاهرتها العتيدة والتي من المفترض أنها أخذت وقتها في التحضير لها وتنفيذهـا، إذ كانت أرقام التلفونات التي وضعت للأستفسار عن المظاهرة وعناوين التجمع وزخم الإعلانات كلها كانت عوامل تشير بأن أرض برلين ستتكلم كوردي في الثامن والعشرين من آب
ولكن ما حدث هو أن (هيئة العمل المشترك) قزّمـت القضية التي خرجت من أجلها خاصة بعد أن كانت قد تركت ونتيجة لجهود الإعلاميين أثـرآ طيبـآ وصدىً كبيرآ، فجاء فعلها هذا والذي من المفترض به أن يتوج تلك الجهود ويعززها ويختمها مسكآ، جاء تفريغآ له من محتـواه ونزولآ به نحو الحضيض.
فكيف يمكن أن نعطي صورة طيبة عن القضية التي ندافع عنها ونحمل لوائها ولما يخرج لأجلها سوى بضع عشرات من الشبان، وهل يمكن تصديق أن مثل هذا الدفاع الهزيل والذي سلاحه بضعة شعارات تم رفعها على وقع لعلعـة فلاشـات التصوير سيؤدي الى كسـب حتى أبسط القضايا العائلية.

  
 ثم ما هذا البيان البائس الذي اكتشف فجأة بأن الوضع الداخلي (يبدو على غير ما يرام)، و يريد أن يضع إكتشافه هذا ويسجل براءته لدى السيد الرئيس من خلال رسالة رفضت السفارة إستلامها كعادتها؟
 ثم أين العـبرة التي أستخلصناها من سلسلة الإعتقالات التي تتم بين الفينة و الأخرى؟
ألم يستبدل النظام الحاكم مسألة إشغالنا بالجري خلف رغيف الخـبز بمسألة وضع هذه الشخصية أو تلك كطعم في سنارته من حينٍ الى آخر لكي نهجم عليه بشكل غريزي فرادى و زرافات بشكل يضر بالطرفين غافلين عن شـبكته الكبرى التي تضيق من حولنا و تكاد تخرجنا جميعآ الى حيث لا حيـاة؟
أبمثل هذا العمل الهزيل نقاوم جرائم كـبرى يتم التخطيط لها على أعلى المستويات؟
 ولكي لا يفهم البعض أن الحديث ينصب على التظاهرة التي التئمت في برلين فقد سبق وأن قرأت في المواقع الكوردية تحت بند أخبار عالمية..! خبرآ تحت عنوان مظاهرة الكورد في سويسرا أمام القنصلية الفرنسية وذلك عن مظاهرة تمت بتاريخ 11.07.08 والتي من المفترض أن يكون قد شارك فيها حسب متن الخبر العشرات من المتظاهرين (وهو في جميع الأحوال عدد قليل لا ينبغي أن يخوض بهم المرء مظاهرة)، لكن الصور التذكارية الثلاث المرفقة تقول شيئآ آخر، فعدد المتظاهرين الذين كان بعضهم يحمل حقيبته أو أشيائه الشخصية كان من 17ـ18 شخصآ، وكان هؤلاء واقفين قرب رصيف الشارع جنبآ الى جنب و كأنهم في موقف لحافلات نقل الركاب، إذ لم يكونوا يحملون علمآ أو أي شئ يدل على هويتهم أو لافتة بمطالبهم، وبهذه الصورة (القوية) خاطب هؤلاء الأخوة الرئيس الفرنسي محتجين على دعوته للرئيس السوري الى قمة الإتحاد المتوسطي و معددين أسباب إحتجاجهم التي فاقت عدد الواقفين في الصورة!
المحزن في المسألة و رغم مرور أيام على المظاهرة الأولى وشهور على الثانية وعقود على سواهما أننا لم نقرأ أو نسمع عن مراجعة و تقييمآ أو توضيحآ أو إعتذارآ عن مثل هذه الأعمال (الهزيل منها طبعآ) التي تضر القضية أكثر مما تنفعها، لا بل يستمر البعض في إستسهال القيام بها و بمن حضر ما دام الأمر لا يحتاج سوى الى ترخيص هو في المتناول متى شاء، فإذا كان طلب الترخيص هو عن مظاهرة عرمرمية في حين أن الحاضرين لا يتجاوزون المية وكانت الجهة المنظمة قد أخذت المسألة بشكل إعتيادي فهي ليست كذلك للجهة مانحة الترخيص التي تتكلف كثيرآ في مسائل أقلها توفير القوات لحماية المتظاهرين و قطع الشوارع، لذلك يجب الصدق مع الذات و مع لآخرين و الإعداد الجيد قبل أي خطوة أخرى، لأن قرينة الصدق تزول عند مثل هذه المبالغات الى قرينة عكسية، و إذا ثبتت هذه الأخيرة فمن الصعب إثبات عكس العكس.

02.09.2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم كابان تحليل لمعادلات القوة الجديدة في سوريا ما بعد الثورة لم تكن دمشق يوماً ساحة صراع بسيطة أو قابلة للتفسير بخطوط مستقيمة. لكن، بعد الثورة السورية وانهيار البنية المركزية للنظام القديم، بدأت البلاد تتشكل من جديد عبر قوى غير تقليدية تفرض سيطرتها من خلف الكواليس. في هذا السياق، يظهر “أبو دجانة” كرمز للدولة العميقة الجديدة — دولة المجاهدين…

فرحان كلش   سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق. في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون…

ريزان شيخموس مع صدور “الإعلان الدستوري” في سوريا بتاريخ 13 آذار/مارس 2025، رُوّج له على أنه نقطة انطلاق نحو دولة جديدة، ودستور مؤقت يقود مرحلة انتقالية تُخرج البلاد من أزمتها العميقة. لكنه بالنسبة لي، كمواطن كردي عايش التهميش لعقود، لا يمكن قبوله بهذه البساطة. الإعلان يعيد إنتاج منطق الإقصاء والاحتكار السياسي، ويطرح رؤية أحادية لسوريا المستقبل، تفتقر للاعتراف…

حواس محمود   إقليم كوردستان كتجربة فيدرالية حديثة العهد في العراق وفي المنطقة، ومع النمو المتزايد في مستويات البنى التحتية من عمران وشركات ومؤسسات إقتصادية وثقافية وإجتماعية، هذا الأقليم الآن بحاجة الى الإنفتاح على العوالم المحيطة به، والعوالم الأخرى على مستوى كوكبي عالمي كبير. فبعد المخاضات الصعبة والعسيرة التي خاضها الشعب الكوردي في كوردستان العراق من أنفال وكيمياوات وحلبجة ومقابر…