المراوغة لحساب من: أيها «الديمقراطي» ؟

فرحات علي (Bavé péşeng)

لدى مطالعتي افتتاحية العدد 519 من جريدة  “الديمقراطي” والتي تصدر عن الحزب  الديمقراطي الكوردي في سورية الذي يترأسه الأستاذ عبدالحميد درويش، حيث جاءت تحت عنوان: “كيف نواجه سياسة الاضطهاد ؟ ”  تشكلت لدي جملة من التساؤلات والملاحظات حول  مضمون الأسطر القليلة التي جاءت بها الافتتاحية موضع الحديث وعلى اعتبار أن الجريدة المذكورة ناطقة باسم الحزب المذكور أنفا، وهي لسان حاله فمن البديهي أن ما جاءت به الافتتاحية تمثل طرحا سياسيا يتبناه الديمقراطي التقدمي برئاسة الأستاذ عبد الحميد، وبما أن الموضوع الذي تناولته الافتتاحية تلك يتعلق بالشأن الكوردي العام وقضيته الديمقراطية وجملة حقوقه أرى من حقي ومن واجبي اسرد تلك التساؤلات والملاحظات وان أفكر بصوت عال ومسموع :
أولا – إن القضية الكوردية في سورية وجرائم الاضطهاد والتهجير القسري المبرمج الذي يطال شعبنا ، والتنكيل والقمع الذي مورس ويمارس بحق القوى الوطنية والقيادات الكوردية في سوريا من قبل النظام الحاكم ليست وليدة اليوم، وإنما هي سياسة منتهجة حيال شعبنا منذ أن تشكلت الدولة السورية الحديثة، على عكس ما صورته الافتتاحية التي حاولت ودون وجه حق ، إن لم نقل أن كاتب المقال برر ساحة الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في سورية وخاصة الرئيس حافظ الاسد والذي في عهده كان التنكيل الأكبر والمشروع الأقسى الذي تم تنفيذه والذي طال في العمق القضية الكورية والشعب الكوردي وأرضه التاريخية، وإنني لا اشك أبدا انه غاب عن ذهن الكاتب إياه ، جملة هذه المشاريع العنصرية من الإحصاء الاستثنائي 1962 الى الحزام العربي 1974 والذي لا زال شعبنا يرزح تحت وطأته الى اليوم ، مقابل انبطاح سياسي كوردي مثلته أحزاب كوردية ومنها التقدمي نفسه على مر هذا التاريخ الطويل من عمره الذي يبدو انه مديد!
ثانيا – لقد صور كاتب المقال قضية الانتفاضة الكوردية في 12آذار 2004 على أنها أحداثا، متناسيا أنها كانت المرة الأولى و منذ ظهور أول تعبير سياسي كوردي في سورية ، قامت الجماهير الكوردية، وبشكل عفوي تدافع عن وجودها وكرامتها القومية والوطنية متجاوزة بذلك جملة هذه الأحزاب وهذه القيادات ، لتثبت للعالم كله ما عجزت حركتها عن إثباته طيلة نصف قرن فاستحقت تلك الجماهير احترام هذا العالم، وكان من الأجدى بأحزابها أن تقابلها الاحترام والتقدير والثناء بدل إجهاضها لحركتها وتثبيط عزيمتها والنيل من وطنيتها.


ثالثا –  وجاء في سياق التقييم لانتفاضة آذار وما رافقها من مواقف سياسية  (….

الممارسات الخاطئة  تجسدت بظهور طروحات سياسية غير واقعية وغير موضوعية استثمرتها الجهات الشوفينية في محاربة الحركة الكردية في الوسط الوطني ولتثبيت التهم العنصرية ..)
هنا لابد لنا من سؤال صاحب المقال وبالتالي الحزب الواقعي والموضوعي  هذا  :
هل من الموضوعية والواقعية تجاوز دماء الشهداء و استبدال مسقط  إلقاء اللوم …؟
كما أن محاربة الحركة الكوردية وإلصاق التهم بها يمينا ويسارا ومن دون وجه حق سياسة مارسها النظام منذ وقت طويل  أقربه أمدا منذ تشكلت هذه الأحزاب فهو ليس بأمر جديد .
رابعا- في الوسط نصب كاتب المقال نفسه مرشدا أعلى للقضية الكوردية وحركتها الوطنية فبادر الى إسداء النصح متناسيا أن الحركة الكوردية بالأصل هي حركة سلمية ديمقراطية ووطنية وتاريخاها يشهد لها ، حتى يوم طالت رصاصات الغدر صدور شبابه كانوا عراة الصدور وفارغي اليدين .


ولكن عن أي تعاون وتنسيق بين أطراف الحركة الكوردية  يتحدث أستاذنا كاتب الافتتاحية، وهل التنسيق والتعاون يقتضي ويقتصر على إيجاد المبررات للنظام والتخلي عن دماء الشهداء ، أم انه فقط من اجل العمل على إيجاد التعاطف مع القضية الكوردية في سورية وإيجاد حل ديمقراطي لها دون العدالة !

خامسا- إن هذا الذي تتغنى به اقصد “التحالف والجبهة”  نعلم ولا شك انك تعلم أيضا أنها لم تمثل منذ البداية سوى مجرد محاور سياسية لم تقدم للقضية الكوردية شيئا لأسباب أهمها : أنها كانت مطية لشخوصكم ومصالحكم الذاتية والحزبية الضيقة والأمثلة عليها كثيرة من أهمها الفشل المتكرر الذي تلاقيه جملة هذه التحالفات التي أنجزت وماتت في مهدها من الثمانينات، أخرها تحالفكم هذا المسمى التحالف الديمقراطي والذي ليس ببعيد ولا بخاف على احد انقسامه وفشله.

سابعا- شكرا للسيد كاتب المقال على هذه المعلومة الهامة، حيث يبدو أن الحركة الكوردية عبر كل هذا التاريخ الطويل لم تتوفر لديها الإرادة وحسن التصرف بعد، هذه الإرادة التي يبدو أنها غير متوفرة حتى في طرحه هذا وهو أمر دقيق مئة بالمائة لان الإرادة يا سيدي تتوفر فقط إذا ما لامست الحركة في خطابها المطالب الجماهيرية الكوردية وعبرت عن قضايا ها العادلة وهذا ما ليس متوفر لديكم.
كما لا شك فيه أن القضية الكوردية قضية ديمقراطية ووطنية بامتياز وان جملة الأحزاب السورية المعارضة متفقة على ذلك ….!
 ولكن مع من تطلبون الحوار سؤال أضعه في رسم الجماهير الكوردية قبل أن يكون موجها لسيادتكم.؟
 
Farhat_1960@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…