صبري رسول
منذُ القِدم والإنسان يقف إلى جانب أخيه الإنسان عندما تحلُّ به مصيبة، فيخفّفُ عنه الألم، ويقدّم له يد المساعدة، ويرشدُه إلى سبيل الخروج من المصيبة إن كانت اقتصادية أو ما شابه ذلك.
ومن المصائب التي تقصمُ كاهل الإنسان رحيل أحد محبيه إلى دار الأبديّة حسب مقولة الدّيانات السّماوية، أي حدوث حالة الوفاة، فيقف المرء حائراً أمام مثل هذه الكارثة، فلا يملك القدرة في مواجهتها، فالموت سيستمرّ إن استمرّت الحياة، لأنّهما وجهان نقيضان ينتج الأول عن وجود الثاني
ومن المصائب التي تقصمُ كاهل الإنسان رحيل أحد محبيه إلى دار الأبديّة حسب مقولة الدّيانات السّماوية، أي حدوث حالة الوفاة، فيقف المرء حائراً أمام مثل هذه الكارثة، فلا يملك القدرة في مواجهتها، فالموت سيستمرّ إن استمرّت الحياة، لأنّهما وجهان نقيضان ينتج الأول عن وجود الثاني
ومهما اجتهدَ الإنسان في إطالة عمره سيأتيه الموت، لأنّه – الموت – حالة طبيعية عند الكائن الحيّ الذي يفقد مبررات استمراره، كتلف بيولوجي لأحد أعضائه.
في هذه الحالة كيف يمكن أن يقدّم الإنسان لأخيه الإنسان، فالذي يموت يرتاح في نومته الأبدية، أما أهله وأقرباؤه وأصدقاؤه فهم الذين يُصابون بالألم الكبير.
ولا يكون العزاء عند الموت فقط، بل عند أي مصيبة تحلّ بالإنسان.
لما روى ابن ماجه عن عمرو بن حزم مرفوعًا “ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة، إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة”.
وعادة التعزية من العادات الاجتماعية التي تتغيّر وتتبدّل خلال التطور الاجتماعي والاقتصادي عند الإنسان، فكان الإنسانُ يفتحُ مناحةً لمدة شهر عند حالة الوفاة، وتلطم النسوة خدودَهن، ويحلقْنَ شعورَهن، ويعفّرْنَ وجوههن بالتراب، ويلبسنَ السوادَ لأشهر، وعند بعض الشعوب والديانات يستمرّ السواد لسنوات.
ولم يكن المسلمون في عهد رسول الله يجتمعون للعزاء، فذلك أمر أحدَثَه الناس من عند أنفسهم، وأصبحوا ينفقون في سبيل ذلك كثيرًا من الأموال، ويعدون الولائم، ويتنافسون في المظاهر حسب قول أستاذ الفقه في الأزهر الدكتور عبد العزيز عزام.
ويرى بأنّ ذلك ليس من الإسلام.
والعزاء لغةً جاء من مادة (عزي) ومعناه الصّبر وحُسْنُهُ، عزاه: صبره وسلاه، تعازى القومُ عزّى بعضهم بعضاً.
(المعجم المدرسي).
في 15/8/2008م توفي عبد العزيز سيد عمر زوج أختي الكبيرة، وهو من الأسياد (الأشراف بلغة أهل مكة) فنصب أهلُه (أخوه وأبناء إخوته) ثلاث خيم، فتوافد الناس إليها لثلاثة أيامٍ متوالية من الصّباح وحتى العاشرة والنّصف، حيث كانوا يستقبلون النّاسُ ويودّعونهم، حتى أصابهم التّعب الشّديد والإرهاق، إضافة إلى تقديم وجبات الغداء للناس الحاضرين وقت الغداء.
هذه صورة من صور العزاء عند أهل الجزيرة السورية من عربٍ وكردٍ، بغضّ النّظر عن دياناتهم ومذاهبهم.
فالمصيبة الكبرى ، فَقْدُ العزيز، من قريبٍ أو صديقٍ، تبقى أهون من مصيبة الإسراف وتقديم الولائم والإرهاق والتّعب النفسي والجسدي وغير ذلك، حيث باتتْ إقامة الولائم المفتوحة، عبئاً يُرهِق أهل الميت أشهراً وسنوات، والحقيقة أنّ هذه الصورة وإنْ كانت فيها إيجابيات، لها سلبياتٌ كثيرة أيضاً، لأنْ العبء المادي صار مظهراً من مظاهر الوجاهة الاجتماعية.
ولا ننْسَى أنّ إقامة مجالس العزاء لثلاثة أيامٍ عبءٌ إضافي إلى ما سبق من الأعباء، حيثُ تُعطَّل الأعمالُ، وتتوقف المصالح، وتبقى الأسرة والأهل منشغلين بمجلس العزاء لثلاثة أيام في الخيمة، وأسبوعاً في داخل البيوت.
وهذه العادة يجب التفكير بتغييره وتطويره بما يناسب الوضع الاجتماعي الناتج عن الحالة الاقتصادية، وعلى الجميع مراجعة هذه العادة وتطويرها بما يواكب التطور الاجتماعي والازدياد السكاني.
اعتقد أنّ اختصار المدة إلى ثلاثة أيامٍ من بعد العصر وإلى بعد العشاء، مع قبول التعزية هاتفياً، مع إلغاء الولائم ووجبات الغداء.
في هذه الحالة كيف يمكن أن يقدّم الإنسان لأخيه الإنسان، فالذي يموت يرتاح في نومته الأبدية، أما أهله وأقرباؤه وأصدقاؤه فهم الذين يُصابون بالألم الكبير.
ولا يكون العزاء عند الموت فقط، بل عند أي مصيبة تحلّ بالإنسان.
لما روى ابن ماجه عن عمرو بن حزم مرفوعًا “ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة، إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة”.
وعادة التعزية من العادات الاجتماعية التي تتغيّر وتتبدّل خلال التطور الاجتماعي والاقتصادي عند الإنسان، فكان الإنسانُ يفتحُ مناحةً لمدة شهر عند حالة الوفاة، وتلطم النسوة خدودَهن، ويحلقْنَ شعورَهن، ويعفّرْنَ وجوههن بالتراب، ويلبسنَ السوادَ لأشهر، وعند بعض الشعوب والديانات يستمرّ السواد لسنوات.
ولم يكن المسلمون في عهد رسول الله يجتمعون للعزاء، فذلك أمر أحدَثَه الناس من عند أنفسهم، وأصبحوا ينفقون في سبيل ذلك كثيرًا من الأموال، ويعدون الولائم، ويتنافسون في المظاهر حسب قول أستاذ الفقه في الأزهر الدكتور عبد العزيز عزام.
ويرى بأنّ ذلك ليس من الإسلام.
والعزاء لغةً جاء من مادة (عزي) ومعناه الصّبر وحُسْنُهُ، عزاه: صبره وسلاه، تعازى القومُ عزّى بعضهم بعضاً.
(المعجم المدرسي).
في 15/8/2008م توفي عبد العزيز سيد عمر زوج أختي الكبيرة، وهو من الأسياد (الأشراف بلغة أهل مكة) فنصب أهلُه (أخوه وأبناء إخوته) ثلاث خيم، فتوافد الناس إليها لثلاثة أيامٍ متوالية من الصّباح وحتى العاشرة والنّصف، حيث كانوا يستقبلون النّاسُ ويودّعونهم، حتى أصابهم التّعب الشّديد والإرهاق، إضافة إلى تقديم وجبات الغداء للناس الحاضرين وقت الغداء.
هذه صورة من صور العزاء عند أهل الجزيرة السورية من عربٍ وكردٍ، بغضّ النّظر عن دياناتهم ومذاهبهم.
فالمصيبة الكبرى ، فَقْدُ العزيز، من قريبٍ أو صديقٍ، تبقى أهون من مصيبة الإسراف وتقديم الولائم والإرهاق والتّعب النفسي والجسدي وغير ذلك، حيث باتتْ إقامة الولائم المفتوحة، عبئاً يُرهِق أهل الميت أشهراً وسنوات، والحقيقة أنّ هذه الصورة وإنْ كانت فيها إيجابيات، لها سلبياتٌ كثيرة أيضاً، لأنْ العبء المادي صار مظهراً من مظاهر الوجاهة الاجتماعية.
ولا ننْسَى أنّ إقامة مجالس العزاء لثلاثة أيامٍ عبءٌ إضافي إلى ما سبق من الأعباء، حيثُ تُعطَّل الأعمالُ، وتتوقف المصالح، وتبقى الأسرة والأهل منشغلين بمجلس العزاء لثلاثة أيام في الخيمة، وأسبوعاً في داخل البيوت.
وهذه العادة يجب التفكير بتغييره وتطويره بما يناسب الوضع الاجتماعي الناتج عن الحالة الاقتصادية، وعلى الجميع مراجعة هذه العادة وتطويرها بما يواكب التطور الاجتماعي والازدياد السكاني.
اعتقد أنّ اختصار المدة إلى ثلاثة أيامٍ من بعد العصر وإلى بعد العشاء، مع قبول التعزية هاتفياً، مع إلغاء الولائم ووجبات الغداء.
تقع المسؤولية أولاً وقبل كلّ شيء على رجال الدين الذي يعرفون أنّ هذه الصورة من مجالس العزاء خطأٌ كبير، وليس من الدين، ورغم ذلك يسكتون عليها، بل يجلسون فيها، ويتناولون الطعام، ويلقونَ المواعيظ التي حفظوها عن ظهر قلب، دون أن يأتوا بجديدٍ، كما يتحمّل المسؤوليةَ عن تطوير الأمر الوجهاءُ في العشائر والقرى، وبعض القوى في الحراك الاجتماعي والثقافي.