عندما يقـرأ المملـوك رسائـل البـدوي

ديـــار ســليمان
 
المـشكلة ليست فيمـا يتفـوه به أحدٌ ما في مقـامٍ مـعين، مشكلة المشاكل هي في ظهـور المتصـوفين الذي لا يعملـون فقط على تفسـير النصوص بشكل يتخيلونه يتطابـق و إرادة أصحابها بعد أن يضيفـوا إليه الكثير من التوابـل، بل هي في محاولتهم الخـروج من جلودهم و تقمص شخصية (القـوال) لدرجة التماهي فيها فيقـدِم المُفسـِر على إرتـداء الفكـرة و إن كانت مـيتة و الغلـو في تقليد مـشية صاحبها وإن كان إعرجـآ في محاولة لتأكيد تبنيـه للفكـرة و لتحقيق المكاسـب المترتبة على ذلك حتى لو أضطـره الأمـر الى (بتـر عقلـه و تغييب ساقـه).

  و مـشكلة الكـورد هي في الأثنين معآ، فهي في كون الصـواريخ التي يمتلكهـا (حـسن تـركماني) قصـيرة المـدى لا يتجـاوز مـداها الحـدود السـورية كحـال رصاصته الفتاكة عندما يكـون الهـدف كورديآ، و هي كذلك في إن الاختصاصـي في الابـادة القوميـة (طلب هلال) العامل على هذا البرنامج الصاروخي قد زوده برؤوس قـذرة يمكنها التعـرف وبسهـولة على هدفها الكـوردي تاركـآ تفاصيـل التنفيـذ لظـروف المنفـذين مع توصيات بالتعجيل حتى لا تتفاقم (المشكلة).
 فعنـدما و ضع الأخـير دراسته عن الكورد في سوريا كان  يعتقـد إن دورة الزمـان قد بلغـت أقصـى مداها لذلك راح يؤسـس ثانيـة لمرحلـة العـودة الى الغـزو و السبي و النفـي، وعندما يصـدر المملوك بمرتبة وزير حكمـه بالتخـوين على الكـورد فانه يضـع في التنفيـذ نظـرية ذبح شـباب الكـورد بالجملة (وليس إثنيـن فقط في اليوم كما كان عليه الحال قبل أكثر من 2600 عام) و ذلك  بعد إستدعائهم الى (ديـوان الخدمـة) و إسـتعمال دمـائهم  في دهـن جسـد الأُمـة ذات الرسالة الخالدة في محـاولة لبعثها من جديد و شـفاءها من أمـراض التعـب و الوهـن التي أصـابت عزيمتهـا و التي تظهـر جليـة في  عجزها عن تحديـد الزمان و المكـان المناسـبين لفعـل ما يجـب فعلـه و تحولهـا بـدلآ من ذلك الى قاعـدة صاروخيـة كلاميـة عابر للقارات (المعفـي حتى اللحظـة من الجمـرك).
فالقـرار الرسـمي (الخليـوي) بإهـدار دم الكـوردي  والذي يبيـح إطـلاق النـار عليـه  من الخلـف أيضـآ ليس بسبب فـراره من سـاحة المعركـة بل لإمامتـه لزملاءه المقاتلـين أثنائهـا ليس إلا واحـدآ في سلسلة قـرارات ميدانيـة يعـج بها أرشيف الذاكـرة الكوردية حيث  تم تنفيـذها دائمآ دون أن يرف للقتلـة جــفن.


لكن لعنة الديموغرافيا وعقدة العجـز عن إثبـات القومية الثانية في مـكانٍ غير قصـي و التي تلاحق وزير الدفـاع عن الرشــوة الوطنيـة و الترويج لها تبقى هي البوصلة التي توجـه سـفينته خاصـة إذا تلاقت خطـوط سـيرها مع عقـول تخـطط لصنـع أعاصير تحمـل الدمار و عناصر الفنـاء، فما لم يستطع إثباته بالتدليس في غـير مـكان يحاول ان يثبتـه في مـكان آخر، لكن ذلك يتم خطـأً بالتضحية بالذاتً المهيئـة للفنـاء أصلآ و الخاوية من عناصر البقاء و أقصـاءها أولآ و من ثم تطبيـق هذه القاعدة قهـرآ على الآخرين.
وزير الدفاع السوري الأول يوسف الكوردي  و وزير الدفاع السوري الأخير حسن التركماني، حقـآ أنه لفـرق شاسع ما بين الأول والأخير..

إنه كالفرق بين صوت الدماء المتدفقة من جرحٍ فاغر تتعـثر به جيـوش جـرارة و بين الشخير على كرسي وثير يخـرق جـدار الصـوت لطائرات صاخبة.
  ما أسهل الدفاع عندما يكون مجـرد كــلام و ما أصعبـه حين يكـون فعـــل.

  
 
 4.2.2008    
 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…