منيار بونجق.. أنموذج من شبابنا المضحي!

إبراهيم اليوسف
 
أتيح لي، أن أتواصل مرة أخرى- بمنيار، ابن الصديق فرمان بونجق، أمس، للاطمئنان على صحته، ولمتابعة أبعاد، ما يتعلق  بطبيعة الحملة التي تمت بحق أسرتهم، وراح يسرد لي بعض التفاصيل، عما كتب من منشورات، وتعليقات ظالمة لم يكن هدفها ابن الأسرة – شاكر- الذي تبرأ من أعماله أهله، بعد انتشار أنباء انضمامه للمرتزقة السوريين الذين سيقوا –كما أيام سفربرلك- في حروب تركيا المجنونة،  ليحاربوا طرفاً ليبياً ضد آخر، نصرة لمخطط تركيا -الاستعماري المتجدد في المنطقة- وهي التي تأسست خريطتها من خلال ابتلاع خرائط الآخرين، بل إن أسلافها لم يكونوا إلا طاعون التاريخ، وما نتج في التالي، من إعادة رسم خرائط المنطقة كان نتيجة الفيروس الذي نشروه، وتواطؤ الدول الكبرى.
 في ما يتعلق بأوضاع هؤلاء المرتزقة السوريين، ثمة منهم من استغل نظام أردوغان جوعهم، وتشردهم، وبؤسهم، وشقاءهم، وفق مخطط تقديم الرغيف ومن ثم سحبه، من أجل الإيقاع بهم، وجعلهم وقوداً في حروبه اللئيمة في المنطقة، على أمل توسيع خريطة عرشه. خريطة تركيا، على المبدأ الذي تأسست عليه هذه الدولة، ولعل أجهزة أمنها استغلت وجود شاكر على أراضيها، ودفعت به إلى ليبيا، باعتباره يعرف ذلك المكان- وإن كان في إمكانه القبول – بإعدامه- على أيديهم، مقابل رفضه الانصياع لأوامرهم، إلا -اللهم- إذا كان – في الأصل- أحد المتطوعين مع فصائلهم، لهذا السبب أو ذاك، وهو ما لا يغفر له، لأن مجرد التطوع أعظم جريمة ضد شعبه.
إذاً، تحمل تركيا تبعات جريمة كبرى، تضاف إلى جرائمها، ماضياً وحاضراً، ألا وهي تشويه اللاجئين إليها – ما استطاعت- ودفعهم إلى لجة الحرب، وفق ما تريده هي، ليكونوا مجرد بيادق توجههم، كما تشاء. وقوداَ في محرقتها مشتعلة الوطيس، بعد أن هجروا من وطنهم تحت وطأة الحرب الدائرة، وبسبب  سلوك نظام مجرم، هوشريك تركيا في مخططها، وإرهابها، في المنطقة منذ عشرات السنوات!
إن أسرة بونجق، اضطرت للهجرة إلى إقليم كردستان، بعد استشهاد ابنها: أحمد، وكتب والده الكثير في مواجهة قتلة ابنه، نتيجة نشاط سابق لهذا الأخير، والذي كان من ضمن ما قام به هو الدفاع عن سري كانيي، قبل ظهور أي طرف رسمي يدافع عنها.
بيني ومنيار بونجق، نجل الكاتب فرمان بونجق، تواصل خاص، كلما أتيح لنا المجال، ومتى كان ثمة  ضرورة، إذ إنه شد انتباهي إليه، عندما انضم إلى- بيشمركة روج- وكان له نشاط بارز على صفحات التواصل الاجتماعي، بل إنه أحد شبابنا الشجعان في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي وجميع المعارك على الإقليم حتى اللحظة، وقد تعرض، أثناء مواجهته معارك- الريفراندوم/ الاستقلال ضد إرهابيي بغداد وإيران ولبنان وسوريا، للإصابة، من قبل هؤلاء، ما أ فقده إحدى عينيه، وشل بعض أطرافه- ولايزال يستعين بعكازين- بعد أن أمضى فترة طويلة في الاعتماد على – الكرسي المتحرك- وهو الشاب في ريعان شبابه، وعنفوان قوته، وإرادته، وأعلمني أمس أنه أجرى حوالي أربعين عملية جراحية، حتى استطاع أن يصل مرحلة الاستعانة بعكازين!
سألته عن كيفية مشاركته في الحرب- وكنت أعرف ذلك- فقال لي:
عندما شنت القوات العراقية- وميليشات الارتزاق التابعة لإيران من عراقيين وسوريين ولبنانيين – وبالتنسيق مع المأفون قاسم سليماني – حربهم لمحو الإقليم. محق الكرد.  كان آنذاك، في إجازة، وآلمه احتلال كركوك وتوجه هؤلاء الفصائل لاحتلال: هولير/أربيل- وبقية مدن الإقليم، ف “قطع” إجازته، كما يقال، والتحق بقطعته، ليقول له قائده:
عد، أنت الوحيد، الآن، لأبويك، فقد استشهد لك شقيق، وثمة آخر بيشمركي وهو شقيقك” محمد” الذي يحارب معنا ضد الأعداء ” للأسرة العشرات من المتطوعين في بيشمركة روج”، وقال رفضت ذلك، وانخرطت في المعارك، لتستهدفني ومجموعتنا قذيفة، استشهد إثرها ثمانية من رفاقي، ولأفقد عيني وأصاب بالشلل!
وما يسجل لمنيار أكثر:
أنه أصيب منذ أيام بكسرفي ضلعه، وهو يوزع المواد التموينية، في حملات رفاقه البيشمركة التطوعية، في فترة- الحجر الصحي العام في الإقليم- وحدث أن صعد إلى أحد الطوابق العليا، عبر الدرج، وبوساطة عكازيه، وبيده – سلة غذائية- لأسرة لاجئة محتاجة، فتهاوى أرضاً، وتعرض لذلك الكسر الذي أقعده الفراش من جديد!
 
إذاً، الحملة على  أسرة بونجق واضحة الأسباب!
وابنها- المتبرأ منه- هو مسؤول عن أفعاله. جريمته-إن كانت تمت حقاً- وينبغي تناوله هو، بعيداً عن سوريالية الحكم على سواه
ثمة أمر آخر، اتذكره، وهو صور الكاتب فرمان بونجق الذي ذهب إلى ساحات المعارك ضد الإرهابيين، بعيد غزو – شنكال- ونشر ذلك- كتقرير ميداني علىأكثرمن حلقة- في موقع ولاتي مه!
ثمة أمر جد مهم، أيضاً، أريد أن أبينه، وهو أنني كلما وجدت حملة على كاتب ما. على ناشط ما، فأقف في مواجهتها، ولعل الكثير من بيانات رابطة الكتاب والصحفيين/ الاتحاد العام للكتاب والصحفيين، أبادر، وبالتعاون مع زملائي لنشرها،  لا تهمني الجهة- الشخص- الأشخاص- الذين هم وراء هذه الحملات، وما هويتهم، إلا أنني أقف إلى جانب أي امرىء يتعرض للظلم، من أجل حرية رأيه، ولاضير من أن أخسر كل من تسول له نفسه الإساءة للآخرين، إلا أنني أضع، رأسي كل ليلة على وسادتي، مرتاح الضمير.
وإذا كنت أتناول -هنا- منيار بونجق، كأنموذج، فإن عشرات الآلاف من شبابنا الذين انخرطوا في معارك الدفاع عن أهلهم، في مواجهة الإرهاب بأشكاله، في كردستان سوريا- العراق… في مناطقهم، يستحق كل منهم تناوله، مطولاً، ولابد من فعل ذلك. إنهم أبناؤنا. مواطن فخارنا واعتزازنا، بعيداً عن استثمار أحد، لأجل جهة أو طرف!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…