تزعزع توازن نظام الملالي وخدعه المکشوفة في المرحلة النهائية!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
أعدم نظام الملالي الإجرامي، الصحافي روح الله زم، مدیر قناة “آمدنیوز” التلغرامیة، صباح يوم السبت 12 ديسمبر 2020، بعدما أستدرج إلی العراق من فرنسا، واعتقله جهاز مخابرات الحرس (بواسطة مسؤولة بوزارة مخابرات الملالي) في العراق، بتاریخ 14 أكتوبر 2019 ونقله إلى إيران.
وقالت قوات الحرس في بيان لها دون تحدید وقت ومكان الاعتقال، إنها استدرجت زم إلی داخل البلاد واعتقلته “في عملیة معقدة وذکیة ومتعددة الجوانب باستخدام أسالیب استخبارتیة حدیثة وطرق ابتکاریة”. وأعلن المتحدث باسم القضاء الإيراني غلامحسين إسماعيلي، في 30 يونيو 2020، عن حكم الإعدام الصادر بحق روح الله زم، مؤکداً أنه مثال بارز علی “المفسدین في الأرض”.
وفي منشور له كتب محمد علي زم، والد روح الله زم، أن ابنه ومحامیه وعائلته لم يكونوا على علم بوقت إعدامه، وأن مسؤولین أمنيین قد أخبروا عائلة روح الله، بتاریخ 11 ديسمبر 2020، بأنه سينقل “في غضون یومین أو ثلاثة أیام من العنبر 2” في سجن إيفين الخاضع لسيطرة الحرس الثوري، إلى “عنبر عام” و”سیحظی بإمکانیات أفضل ومزيد من الزيارات”.
وسبق أن أوضح والد روح الله زم في منشور آخر أن القضاء وعد ابنه بأنه “سيتم تبادله مع شخص من الجانب الآخر” بحسب ما قاله رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي. 
أما علي خامنئي، الذي يخشی من فضح هذا السيناريو وفشله الحتمي على الساحة الدولية، حیث من جهة قد تزعزت سیاسیة الاسترضاء والمساومة بشدة ومن المستحیل أن یعود الوضع علی ما کان علیه، ومن جهة أخرى برزت الانتصارات الأخيرة للمقاومة الإيرانية علی صعید قضیة محاكمة أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإرهابي للنظام، في محکمة بلجیکیة، فقد دفع مسؤولين قضائيين إلى الواجهة لوصف روايات السيد زم عن لقائه الأخير مع ابنه بأنها “قصص خيالية”، ووصف مناقشة تبادل روح الله زم بـ “الكذبة”.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قد صرحت في وقت سابق بأن “موقع آمدنيوز کان بمثابة “ري استارت” ضمن أقمار وزارة مخابرات نظام الملالي منذ البدایة”.
لأننا شهدنا في السنوات الأخيرة ظهور وسائل إعلامیة وقنوات فضائیة عديدة خارج إيران تحت عناوين مختلفة وبتکلفة باهظة وحتى بتمویل من بعض اللوبيات الخارجية للنظام، والتي اتضح فیما بعد أن معظمها ينتمي إلى عصابات النظام بشتی الطرق.
یعمل هذا النوع من وسائل الإعلام علی سياسة الکتابة والنشر ضد النظام أكثر منه ضد المقاومة الإيرانية، بهدف تشویه المشهد السياسي الإیراني، وبالتالي تهمیش النضال من أجل الإطاحة بنظام الملالي وتحديداً تهمیش المقاومة الأصیلة للشعب الإیراني، ومن ثم التشكيك في شرعية المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة بصفته البديل الوحيد للنظام. وبالرغم من استمرار هذه الغایة، إلا أن طبيعة هذا النوع من الإعلام قد اتضحت إلى حد كبير!
والواضح أن اصطناع البدائل المزیفة والمواقع الاکترونیة والقنوات الفضائیة التي تدار بأموال أطراف أخرى لكن بتوجیه المتساقطین من النظام، هو من “الأساليب والسيناريوهات الحدیثة ومتعددة الأوجه” التي تتبعها قوات الحرس ومخابرات نظام الملالي، والتي یتم تغطيتها ودعمها من قبل أجهزة النظام السيبرانية بحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدو وكأنها وسائل إعلام ذات شعبية وجماهیریة! 
لكن دعونا لا ننسى أن زعيم المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، أعلن منذ سنوات أن “الأفعى لا تلد الحمام”. مثل هذه الوسائط الإعلامية، أیاً کانت ومهما بلغت من مکانة وصیت، هي في المقام الأول خدعة ولعبة ضمن السجل الأسود لنظام الملالي الخالي تماماً من نقطة بيضاء واحدة. هي أفاعي تتغذی على دماء الحمام ولا علاقة لها بإيران حرة وديمقراطية ولا علاقة لها بتشکیل حكومة وطنية وشعبية في إيران!
خلال الحكم غير الشرعي لنظام الملالي، شهد الشعب الإيراني والعالم مرات عديدة كيف يضحّي هذا النظام بالجمیع حتى بالمقربین منه ویقوم بتصفیتهم بعد أن یقضي وطره منهم، من أجل البقاء والحفاظ علی سلطته.
والان یسعی نظام الملالي المحاط بالأزمات الداخلية والدولية المستعصية التي أفقدته توازنه، بعملیات الإعدام الإجرامیة هذه إلی تنکیل عناصره وزمره الداخلیة وخلق أجواء من الرعب لمنع تصاعد الانتفاضات الشعبیة العارمة، خاصة بعد قضية فخري زاده ومحاكمة دبلوماسيه الإرهابي في بلجيكا.
تجدر الإشارة إلى أن النظام وكما جاء في البيان السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة في أغسطس 2019، قد عرض في مارس 2019، علی التلفزیون الرسمي، ارتباط جهازه الاستخباراتي بقناة “آمدنيوز” التلغرامیة في استعراض مزیف للقوة. لكنه الآن قد انتهز فرصة إعدام روح الله زم في لعبة مخزية وحاجة مفرطة للتنکیل بعناصره وزمره ودلالة واضحة علی الجريمة المضاعفة. (بیان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، 12 دیسمبر 2020).
السؤال الآن هو إلى متى سیغض المجتمع الإنساني البصر عن انتهاکات النظام الوحشیة لحقوق الإنسان وتلاعبه بمصير إيران والإيرانيين ولا یتخذ خطوة أبعد من الإدانة؟ هل عقارب الضمائر ثابتة علی الإدانة أم أنها ستمضي قدماً وتدخل حیز المحاسبة والتقاضي!؟ 
نعم، ما كان ینبغي إعدام روح الله زم، وقد سبقت المقاومة الإيرانية الآخرین في إدانة هذا العمل الإجرامي بشدة، ولكن ما ینبغي فعله الآن هو طرد هذا النظام من المجتمع الإنساني والدولي ودعم إرادة الشعب والمقاومة الإيرانیة لإسقاطه!
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين اثار الأستاذ مهند الكاطع، بشعاره “بمناسبة وبدونها أنا سوري ضد الفدرالية”، قضية جدلية تستحق وقفة نقدية عقلانية. هذا الشعار، رغم بساطته الظاهرة، ينطوي على اختزال شديد لقضية مركبة تتعلق بمستقبل الدولة السورية وهويتها وشكل نظامها السياسي. أولاً: لا بد من التأكيّد أن الفدرالية ليست لعنة أو تهديداً، بل خياراً ديمقراطياً مُجرّباً في أعقد دول العالم تنوعاً. كالهند،…

د. محمود عباس بصوتٍ لا لبس فيه، نطالب الحراك الكوردي في غربي كوردستان بعدم التنازل، تحت أي ظرف، عن مطلب النظام الفيدرالي اللامركزي، وتثبيته بوضوح في صلب الدستور السوري القادم. فهذا المطلب لم يعد مجرد خيارٍ سياسي ضمن قائمة البدائل، بل تحوّل إلى صمّام أمان وجودي، يحفظ ما تبقى من تطلعات شعبٍ نُكّل به لأكثر من قرن، وسُلب…

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…