عزالدين ملا
السوريون باتوا على قناعة بعد مرور عشر سنوات من القتل والتشريد والتدمير والقهر والذلّ، بأن هذه الأزمة لم تكن لتحريرهم أو خلاصهم من الاستبداد والديكتاتورية ونقلهم إلى مناخ ديمقراطي يعيشون فيه بكرامة وحرية؟، أيقنوا أن افتعال هذه الأزمة نتيجة تضارب في مصالح الدول الكبرى خاصة أمريكا وروسيا.
أمريكا التي تسيطر على معظم النقاط الاستراتيجية في العالم، ومن خلال تلك النقاط تسيطر على كافة مفاصل الحياة في دول العالم، ولكن النقطة الاستراتيجية الوحيدة التي لم تستطع اختراقهم، كانت سوريا التي تعتبر من أهم المواقع الاستراتيجية في العالم، وكذلك تخوفها من امتداد النفوذ الإيراني فيها والتي أصبحت مصدر قلق لإسرائيل.
أما روسيا التي خسرت معظم نقاطها الاستراتيجية في العالم، وباتت سوريا النقطة الاستراتيجية الوحيدة لها في حوض البحر الأبيض المتوسط، ومن هنا بدأ تنافس النفوذ في المنطقة، وكان السلاح الأمريكي هو شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية والتي تتعطش شعوب المنطقة للإرتواء منها، نتيجة الممارسات المستبدة والظالمة من قبل حكوماتها، والشعب السوري المتعطش إلى الحرية والخلاص غرر بتلك الشعارات ووثق بها من جهة ومن جهة أخرى أراد السوريون الخروج من تحت القبضة الحديدية للنظام الأسدي المجرم، كما لم تبهج قلوبهم ثورات الربيع العربي..
قام السوريون بثورتهم السلمية لأنهم كانوا على قناعة أن الدول الكبرى ستقف إلى جانبهم ضد النظام المجرم، ولكن ومع مرور سنوات الأزمة تبين أن لا أحد يكترث لمصيرهم وخاصة بعد أن طالبوا بالمفاوضات بين المعارضة والنظام.
هؤلاء أي المعارضة والنظام كلامهما لا يمثلان الشعب السوري، الكثير من شخصيات المعارضة التي كانت في الأصل أزلام النظام إنشقوا لأسباب عدة إما لعدم تحقيق مصالحهم الشخصية لدى النظام أو انشقوا لرغبة منهم للفوز بمكاسب أكثر ولأنهم كانوا يتوقعون سقوط النظام أو قد انشقوا بتوجيه من النظام لضرب الثورة والمعارضة الوطنية. وقد يكون كل ما حصل بإشراف وتوجيه دولي وخاصة روسيا وإيران وتركيا.
أمام كل هذه المعمعة الشعب الكوردي متوزع بين الطرفين الكورديين، المجلس الوطني الكوردي واحزاب الوحدة الوطنية، وبعض الأحزاب التي لم تنضو في أي من الطرفين.. المجلس الوطني الكوردي كان في بداية الأزمة السورية المظلة السياسية الوحيدة للشعب الكوردي، ولكن وكما قلنا في البداية هذه المظلة الوحيدة لا تخدم مصالح الكثير من الدول، لذلك تم ضرب الكورد بعمليات انشقاق ومتاجرة بالقضية الكوردية مقابل المال لذوي النفوس الضعيفة الذين لا مبدأ ولا كرامة لديهم سوى المال والمصلحة الشخصية وكذلك الحقد الدفين تجاه أخيه الكوردي.
وما آلَت إليه الحال الآن، صحيح أنها نتيجة تدخل وتداخل الدول في شؤوننا، ولكن السبب الآخر هو تشتتنا وعدم تقبلنا لبعضنا البعض، فكلما كانت الصفوف الكوردية متراصة ومتماسكة كان من الصعب اختراق الجدار الكوردي وزعزعته، وكلما كان مشتتاً كان من السهل اختراقه وتشتيته.
فـ العدو ليس فقط من الخارج، العدو الخارجي نستطيع معرفته ومواجهته بكل الوسائل الممكنة لدى الشعب الكوردي، ولكن العدو الأخطر هو العدو الداخلي من جسد الكوردي الذي لا يمكن معرفته إلا بعد فوات الأوان، حتى نعرفه قد نكون خسرنا الكثير، الشعب الكوردي في كوردستان سوريا خسر الكثير من مناطقه وشبابه والكثير من ناسه ومن كرامته نتيجة العاطفة الغبية التي جعله يلحق مصيره المجهول، فما حصل الآن في كوردستان سوريا وما خسرناه نتيجة عدم معرفتنا لعدونا الداخلي بشكل أفضل ولم نستطع دراسته بشكل نستطيع مواجهته وإنتزاعه من الجسد الكوردي.