تجمع الملاحظين: كاوار خضر
منذ عسكرة الثورة السورية، آل مصير السوريين إلى غيرهم. وما يؤسف له أن هذه العسكرة جرّتنا إلى حرب بالوكالة لصراعات بين الدول المعنية بالمنطقة.
نظرا لدنو رحيل النظام، بدأنا مطالبة حراكنا السياسي التهيؤ لمرحلة ما بعده، مع قناعتنا أنه تخبط، ويتخبط في مسيرته. ولم يستطع، حتى الآن، تحقيق أبسط ما عقد العزم عليه. هذا الحراك الذي شاءت الأقدار أن تمده بالعديد من الفرص، ولكنه لم يفلح في استغلالها، لمحدودية قدرته الذاتية.
رغم ذلك، كانت وما زالت أدبياته السياسية تزخر بمشاريع وخطط عالية المقام، مثالا، لا حصرا، عندما طالب بحق تقرير المصير في القرن الفائت. نسأل: هل استطاع أن يعيد إلينا جنسياتنا، حتى طالب بالأصعب منها؟ سلوكه هذا أعاقه التنبه لأهمية نواقصه الذاتية. للأسف، لم يأبه، ولا يأبه بتلافيها. وجرّاء هذا انتقاده من قبلنا أصبح وظيفة متبعة وإلى الآن.
ليس النقدَ بحد ذاته مضر؛ ولكن، مجرد النقد، دون أي عمل من أجل الإصلاح هو المضر. سؤال يطرح نفسه: طالما نعلم بنواقصه هذه، لِما لا نعينه على سدها؟
العبرة في عدم قيامنا بذلك، هو ضحالة تأهيلنا لتحقيق المطلوب منا، فنحن والأحزاب سواء. فهي تتبنى مشاريعا وخططا خارجة عن إمكانياتها، ونحن ننتقدها بمقالات مهولة لو أنيط بنا ما حملنا فيها على أحزابنا لكان فشلنا في تحقيقها أكثر فداحة مما للأحزاب. كلتانا نقوم بما لصالحنا؛ حتى لا نُلام! ونذر الرماد في أعين الجماهير ونبلد بصيرته.
باقتراحنا أن تتهيأ أحزابنا لما بعد رحيل النظام، نتجاهل أو نتناسى انتقادنا، واتهامنا إياها بعدم الجدارة. كيف نطالبها ونحن على يقين أنها غير مؤهلة؟
أليس هذا منافٍ لما نعتقده؟
علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا نطالب من نعدّهم فاشلين؟
هذا التحول المفاجئ لمعظمنا حيالها مصدر تساؤل، جدير بالخوض فيه.
لو أننا، كمنتقدين مثقفين، منذ البداية عملنا على الارتقاء بجماهيرنا؛ كي تفرز أحزابا جديرة، لما كنا، الآن، بحاجة إلى أي اقتراح من هذا القبيل.
كلنا يعلم إن أي مشروع للسوريين عامة وللكرد خاصة، إن عدّوه أو لم يعدّوه لمرحلة ما بعد رحيل النظام، لن يُقبل؛ ما لم يحظَ بمباركه المعنيين. فالمعنيون لهم مشروعهم المعدّ لنا، لا داعي أن نتعبقر ونطالبها بما ليس بمسموح لها.
هناك شيء أهم من هذا المشروع: هو أن نرقى بذاتنا إلى مواكبة العصر. وما يحصل الآن هو إهمالنا لهذه الناحية المهمة جدا.
rawendkurd3@gmail.com