مقترح جائزة صداقة بين الشعوب الكردية ؟!

 إبراهيم محمود
ليس عندي أدنى اعتراض على أي جائزة تقوّي دعائم الصداقة بين الشعوب. بالعكس، إنها من علامات قيام إنسانية منشودة بصورة أفضل، والهدف منها هو هكذا. اعتراضي الوحيد، والمتواضع، هو ما إذا كانت الجائزة هذه تكون بين شعب وآخر حقاً، وبالمفهوم المدني الحديث.
أثبّت هذا القول، وأنا أمعن النظر في جائزة ” أوصمان صبري ” للصداقات بين الشعوب. حيث لا اعتراض عليها بالمقابل، وإنما على الصيغة، على طرفيّ المعادلة. هناك بداهة، حيث منْح الصداقة يتمثل في ” الشعب الكردي “!. الشعب الكردي؟ هذا يدفعني إلى البكاء الخانق، وأنا بعمري المستهلَك كردياً، وأصرخ: حقاً، من يدلّني على هذا الشعب الموجود والمفقود؟
أقترح هنا، وأتمنى أن يفكَّر في مقترَحي: أن تُمنح جائزة صداقة بين الشعوب الكردية ! معقول؟
ربما يكون منْح جائزة كهذه، رافعاً من رصيد وعي المانحين كردياً للممنوح كردياً، بالمفهوم الكردي، وليس ما هم عليه الكرد، حتى أقل من مفهوم” القبيلة، العشيرة “، جرّاء الطبخات المعمولة في البازارات الكردية – الكردية، باسم شعب، لم أشعر به حتى الآن، رغم أنني أكتب عنه، وأقرأ عنه، وعن أنه موجود منذ آلاف السنين، سوى أنني عييتُ وما اهتديت إليه.
المحك، هو أن أسمع صوتاً، أن أرى ظلاً حقيقاً لهذا الموسوم بالكردي واقعاً، ليس بالتبويق، وليس بالتنابذات ما دون القبلية عينها، في المنابر حتى ما دون القبلية ” كان للقبيلة- العشيرة ” حتى الأمس القريب جداً نكهة التمايز، فضائل يقتدى بها، نحوة قبلية مسجَّلة ومغناة، حساب لمن يمثّلها، حدودها، واليوم، بامتداد ما هو كردي ضائعة هي الطاسة الكردية .
وضْع جائزة باسم الصداقة بين الشعوب الكردية، كما هي الشعوب العربية، ربما كإجراء إسعافي في غرفة ” العناية القومية الكردية ” المتشددة والمكورنة ” من الكورونا “، يصعد بوتيرة وعي الكردي المانح والممنوح، ولو درجة واحدة، وفي هذا الظرف الكردي المتنامي بؤساً، فإن ” شعرة من جلد الخنزير الكردي بالذات مكسب “.
علّ الشعور بجائزة كهذه، وبعلاقة متقابلة كهذه، يزيد في انتساب الكردي إلى كرديته شعبياً، وليس ما دون قبلياً، حيث الحزبية برسم الحربية، والحربية برسم الربحية، على كردية ريحية.
سوى أن إشكالاً كبيراً يعترض هذا المقترح، وهو في مَن يمكنه القيام بهذه المهمة الكأداء، ولمن يمكنه منح الجائزة هذه؟ إن خشيتي الكبرى الكبرى الكبرى ثلاثاً، هي في أنه في اللحظة التي يبادر من هم مخلصون لنسَب جائزة كهذه، يتردد صدى مدوّ عن الخلفية ما دون القبلية لهؤلاء، وأن الممنوح ما أن يتلقى الجائزة، حتى يبادر سريعاً إلى نشر نبأ حصوله عليها، في صفحة العشيرة التي ينتمي إليها، وهو ينحني تحت رايتها، أو تتفاخر عشيرته/ قبيلته عن بكرة أبيها، به سبعة أيام بلياليها !
هنا حاولتُ ازدراد ريقي، فلم أفلح !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…