في تشييع جثمان أمير البزق وورقة التوت الكوردية: موكب خجول ومشيعون لا تتجاوز اعدادهم عدد أغانيه

فدوى حسين
ودعت (قامشلو باژاري أفيني) كما لقبها سعيد يوسف أيقونة الفن وأمير البزق الكردي الذي عمل طوال حياته على إحياء الفلكلور الكردي والغناء الشعبي، ونال جوائز وشهادات تقدير كثيرة على عطاءاته غير المحدودة، والتي استمرت حتى وافته المنية في 26من شهر شباط 2020
وكالكثير ممن سبقوه فنا وعلما وثقافة، لم يحتفل به في حياته، ولم يتم تكريمه، بما يليق به وبمكانته الفنية، من قبل أية جهة.
ولكن أن يتجاوز هذا رحلة حياته إلى موته فهذا أمر آخر. فبعد أن أعلنت جهات وأطراف عدة التكفل بنقل جثمانه إلى مسقط رأسه، ليدفن فيها و بين ذرات ترابها التي عشقها وغنى لها، والتكفل بإقامة مجلس عزائه. قامت حكومة الإقليم مشكورة وتقديرا منها لفنه وشخصه، بتكفل تأمين سبل نقل جثمانه، مع أفراد عائلته ، حيث تم استقباله شعبيا ورسميا في مدينة زاخو، لينقل منها إلى كردستان سوريا. 
جنازة توقع لها الجميع وبعد ما شاهدناه من الحزن والأسف والحسرة على رحيله على صفحات التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي، ليتضح لنا أن كل ذلك يبقى عالما افتراضيا بعيدا عن الواقع، يصور لنا بطولات دونكيشوتية، ومناضلين من ظلال.
جنازة حضرها ممثلون من المجلس الوطني وبعض الكتاب والمثقفين ومشيعين لا يتجاوز عددهم الألف شخص، لم يحضرها ممثلو الإدارة الذاتية ولا أحزابها الصورية.. الأحزاب الرمادية وجماعة الخط الثالث منظمات المجتمع المدني والاتحادات الثقافية والفنية والنسوية – ماعدا الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا – وغيرها الكثير غاب عنها أخوة الشعوب من: عرب ومسيحيين. غابت عنها الجماهير التي غنت ورقصت وعشقت على أنغامه وترانيم أوتاره. جماهير تحتشد بإيعاز، لتهتف لحياة القائد وتختبئ بصافرة ، فهل هذه الجماهير بحاجة إلى تحشيد ومطالبة بالحضور كما عزا البعض ذلك تقصيرا من قبل المجلس الوطني، أو نيل تراخيص وموافقات من قبل الإدارة الذاتية ومكاتبها ، فالراحل كان شعبيا جماهيريا منهم، ولهم .
جنازة غابت عنها الفرق الفلكلورية و شح في كلمات التأبين وأكاليل الزهر كأقل تقدير لما يمكن تقديمه .
صراع سياسي طال أمده يرمي بظلاله على كل ما حوله، وكل مفاصل الحياة والمناسبات ،وكان ضحيتها الأخيرة: الراحل سعيد يوسف في جنازته التي أسقطت آخر أوراق التوت عن الصف الكوردي ووحدته، والدعوات من قبل كل الأطراف السياسية والشعبية له. مطالبات ورغبات هشة تذروها الرياح، في أول موقف عملي للاتفاق.
أطراف سياسية لم تحتمل أن يتصدر مشهد التشيع والجنازة أحدها، فكيف لها أن تتفق على مصير شعب وعلى مصير قضيته القومية التي سالت لأجلها أنهار من دماء ودموع.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…