المقاومة الإيرانية في قلب ثورة عظيمة! نظرة لمؤتمر وارسو والوضع الهش للنظام الإيراني

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
الملالي الحاكمون في إيران طوال مدة حكمهم لطالما أرادوا من جهة الحسابات الدولية وخاصة الدول الغربية القيام بإجراءات تقيدية أو حتى إجراءات مدمرة ضد القوة الأساسية للمعارضة الإيرانية أي منظمة مجاهدي خلق لأنها العمود الأساسي للمقاومة التي تناضل من أجل إسقاط الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران. وهم في نفس الوقت سعوا لتدمير هذه القوة في داخل البلاد أيضا حيث وفقا للإحصائيات المنتشرة قاموا بقتل مايزيد عن ١٢٠ ألف معارض ربعهم أي ٣٠ ألف شخصا منهم كانوا من السجناء السياسيين الذين تم قتلهم جميعا في عام ١٩٨٨ خلال مدة تصل لأقل من ثلاث أشهر.
وعلى الرغم من أنه خلال فترات ماضية كان يسعى مسؤولو هذا البلد لإنكار هذه المقاومة في داخل إيران ولكن لم يخفى على العالم وجود مثل هذه المقاومة. وذلك لأن قائد هذه المقاومة معروف في خارج الحدود بالنسبة للجميع بشكل رسمي. مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية استطاعت خلال حملة دبلوماسية التعريف بالمقاومة الإيرانية على أنها المنافس الوحيد لنظام الملالي. فوجود إمرأة في رأس هرم هذه المقاومة لطالما كان أمرا مثيرا للغضب بالنسبة للملالي الحاكمين في إيران لأن شريحة النساء كانت أكثر شرائح المجتمع التي ذهبت ضحية دكتاتورية الملالي. 
وأغلب الأعضاء الأساسيين لهذه المقاومة كانوا تحت حصار الحكومة العميلة للملالي في العراق حتى عام ٢٠١٦ وتعرضوا عدة مرات لهجمات النظام البرية والصاروخية والنفسية. والملالي اغتنموا الفرصة التي أتيحت لهم لاحتلال العراق واستخدموا كل مساعيهم السياسية والعسكرية والإرهابية لكي لا يذروا ولو حتى شخصا واحدا من هذه القوة على قيد الحياة. فهم كانوا غاضبين جدا من ثبات هذه المقاومة الصامدة. لأنهم ثباتهم أمام الملالي نادى بوجودهم ومشروعية المقاومة في داخل إيران ورفع من موقعهم في خارج إيران والأهم من هذين الأمرين ضمن هذا الصمود، بقائهم ومستقبلهم المشرق. 
هذه القوة استطاعت العبور من الكمين الكبير الذي نصبه الملالي لها في العراق بكل فخر والمجئ لأرض أوروبا حيث أعلنت عن هدفها الآتي أيضا الأمر الذي كان مصدر قلق وإذعار للملالي. ايران الحرة والديمقراطية والعلمانية وطبعا بدون حكم الملالي الاستبدادي.
وقد استطاعت هذه القوة بفضل مقتدراتها وقوتها الخاصة التكثيف من حربها المستمرة مع الملالي من خلال تغيير الخارطة والأرض . واستطاعت من خلال استخدامها لإمكانات العصر الحالي أن تزرع البذور الأولى للانتفاضة التي انتشرت من عام ماضي في جميع أنحاء إيران وأخلت من توازن وموقف هذا النظام وغيرت المعادلات الدولية كليا ولكن بماذا تنشغل هذه القوة حاليا؟
فهم بالاعتماد على الطريق الذي قطعوه وعلى الثمن الباهظ الذي قدموا خلاله، لايقبلون بالحلول والبدائل المصطنعة لأنهم يملكون بحد ذاتهم بديلا حقيقيا وقوانين وأسس قوية خاصة بهم حيث يمكن القول بكل جرأة بأن هذا البديل الحقيقي يتجلى في المجلس الوطني للمقاومة الذي يتمتع بقوة فدائية ومقاتلة وذات خبرة عظيمة منتخبة من الشعب ولأجل الشعب ومستقلة ومتشكلة مع بنية ديمقراطية ويتمتع بقيادة منسجمة ومعروفة في إيران وخارج إيران وتملك نظاما إداريا يعرف بالمرحلة الأولى بعد سقوط نظام الملالي وأيضا يملك منصة معلنة من أجل إيران الحرة غدا تم فيها عرض حل ديمقراطي وتقدمي من أجل أهم مشاكل المجتمع.
وحاليا أنشؤوا في داخل وطنهم آلاف معاقل الانتفاضة تقوم بتوجيه وقيادة الانتفاضة تحت رايتها. ولم يمر يوم ولم نجد فيه استهدافا لمظاهر النظام من قبل هذه المعاقل. والشعب الإيراني سيحافظ على انتفاضة ضد الملالي في ظل مثل هذا الدعم اللامتناهي. فحضور معاقل الانتفاضة اليوم تحول لنقطة أمل للشعب من أجل التضامن والتوحد وإعطاء المعنويات من جهة و إذعار الأجهزة الحكومية القمعية من جهة أخرى. وقد أثبتت التجربة بأنه أينما تواجدت هذه القوة كانت قوة تحدد الوضع والمصير في إيران. لأن الحرب بين القوة الحاكمة وقوة المقاومة بدأت منذ أربعين عاما ماضية وماتزال مستمرة والآن دخلت مرحلتها النهائية. 
الآن وعشية الذكرى الأربعين لسقوط نظام الشاه الشعب الإيراني مصمم على إحياء ثوابته ومثله التي لم تتحقق حتى الآن في سبيل نيل الحرية والسيادة الوطنية والشعبية ومصمم على الاستمرار في نضاله. لأن ميزان القوى يصب في صالحهم الآن أكثر وأفضل من أي فترة مضت. فمعنويات وإرادة الشعب قوية والقوة القيادة ثابتة ومستعدة والعقوبات في أشدها وحكم الملالي مضطرب ومختل أكثر من أي وقت مضى. علي خامنئي وبقية المسؤولين الصغار والكبار يعلمون جيدا بأن المحرك الأساسي لانتفاضة الشعب الإيراني هي المقاومة الإيرانية التي جعلت من الانتفاضة مستمرة وزادت من حدة الانتفاضة في وجه الملالي عدة أضعاف.
من الجدير بالذكر أن الظروف تقترب من حدوث تطورات كبيرة فيما يتعلق بإيران. فالإيرانيون خارج البلاد ومن خلال عقدهم لمظاهرات كبيرة في الثامن من فبراير في باريس يريدون النداء بمطالب وثوابت ومثل الشعب الإيراني المنتفض لكي يدعوا مؤتمر وارسو والمشاركين فيه لدعم الانتفاضة والمقاومة الإيرانية. وهذا السبيل الوحيد والصحيح والعاجل في نفس الوقت لحل قضية إيران وتخليص العالم من الداعم الأساسي للإرهاب في العالم. 
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…