الاكراد والانتخابات التركية المبكرة

مرشد اليوسف 
اعتقد ان المشهد الجيوسياسي التركي ( الحالي ) قبيل الانتخابات المبكرة في 4 / 6 / 2018 يختلف جملة وتفصيلا عن المشهد الذي سبق الانتخابات المبكرة في 2015 والتي حصد فيها اردوغان الاغلبية المطلقة ومن يدخل في تفاصيل المشهد وخاصة في العمق سيدرك بأن المجتمع التركي منقسم على نفسه في هذه الفترة افقيا وعموديا اكثر من اي وقت مضى , فالفجوة بين الشرق الكردي والغرب التركي تزداد في اتساع غير مسبوق والمجتمع الكردي الذي يشكل ثلث السكان في تركيا ينكفئ شيئا فشيئا على نفسه بسبب السياسات العدوانية التي يتبعها اردوغان ضد الشعب الكردي ويأتي سجن البرلمانيين الكرد ورؤساء البلديات المنتخبين من حزب المجتمع الديمقراطي HDP وتدمير المدن الكردية على سكانها مثل مدينة جزري ونصيبين وسور آمد وغيرها على رأس الممارسات العدوانية التركية
 وقد لايجد الاكراد في المستقبل القريب خيارا في ظل حكم اردوغان ( خاصة اذا نجح بالاغلبية في الانتخابات المقبلة ) غير العودة الى ملاذ القومية ومن ثم الدعوة الى الانفصال . ولم ينجو الاتراك ايضا من بطش اردوغان فالانقسام العمودي طال الغرب التركي نفسه بعد الانقلاب المزعوم حيث صفى اردوغان خصومه الاسلاميين والعلمانيين معا في هذه الضربة , وهناك اليوم اتراك اردوغان واتراك غولن واتراك العلمانية . 
والوضع التركي الداخلي كوم والتدخل التركي السافر في الوضع السوري كوم خاصة بعد احتلال جرابلس والباب وجزء من ادلب واعلان الحرب على اكراد سوريا واحتلال عفرين , و يجب ان نتصور الشكل والمصير السيئ الذي ينتظر تركيا ان سقطت بين انياب الرئيس الروسي بوتين خاصة وان الهوة تتسع بين تركيا وامريكا يوما بعد آخر . وهكذا تحولت سياسة صفر مشاكل التركية مع الغير الى كومة مشاكل في الداخل والخارج ويزيد الطين بلة جمود الوضع الاقتصادي والانخفاض المتواصل للليرة التركية . 
وعلى ضوء هذه الحقائق ارى بان دعوة اردوغان الى الانتخابات التركية المبكرة مؤشر سلبي لا اكثر ولا اقل , اما بالنسبة له فهي رسالة ايجابية لأنه يدرك في قرارة نفسه ان المشاكل التي ذكرناها ستتفاقم أكثر في الشهور القادمة وسيخسر كثيرا ولهذا يريد ان يهرب الى الامام ليخرج بأقل الخسائر . والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل بوسع اكراد تركيا ان يردوا الصاع صاعين لأردوغان في هذه الانتخابات !!!!!؟؟؟.
 والجواب هو …نعم … ولكن كيف ؟ .
 لاشك ان معركة الانتخابات مثلها مثل المعارك العسكرية فيها المنتصر والمنهزم وبوسع اكراد تركيا ان يكونوا بيضة القبان في هذه الانتخابات ( واقصد هنا اكراد السيد البرزاني واكراد السيد اوجلان معا ) خاصة اذا احسنوا اختيار تحالفاتهم وارى بأن امامهم خياران :
 – الخيار الاول : التحالف مع اردوغان نفسه ( لاتوجد في السياسة عداوة دائمة ) وذلك بشرط تأمين المصالح الكردية . 
– الخيار الثاني : التحالف مع حزب الشعب الجمهوري بزعامة قلشدار اوغلو دون شروط صعبة وهنا لايهم عدد النواب بالنسبة للأكراد فقط المهم هو اسقاط اردوغان من الرئاسة وحرمان حزبه من الاغلبية البرلمانية وهو الخيار الافضل بالنسبة لي . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…