ابراهيم محمود
ربما كانت رؤية مئات المشاهد التي تمثّل كيف نهبت عناصر” شذاذ الآفاق ” وتحت اسم ” الجيش السوري الحر ” وبإشراف من عناصر من ” الجيش التركي “: مدينة عفرين، في 19-3/2018، وبشكل مقزّز، إنما تعبيراً حياً عن بنية هؤلاء الغزاة وتطفلهم الكلي على أي مفهوم ” ثوري- إنساني- تحرري “، وتحديداً من قبل تركيا المنتشية بما تحققه بزعم أنه ” انتصار ” على ” الإرهابيين ” الأكراد، والذين نهبوا المدينة من الحمام إلى الجرّار المعطَّل، والغزاة كانوا دواعش من لون آخر، وبدا رفع العلم التركي فوق مبنى بلدية عفرين خازوقاً ” في مؤخرة كل من صفَّق لهذا الغزو، أنى كان، وأنى يكون: كردياً مترَّكاً ومستتركاً أو خلافه.
لعل رؤية هؤلاء النهابين، لصوص الدجاج والحمام وحتى زبالة عفرين توهماً أنها ربما تخفي ما هو مفيد لهم، جاءت تعزيزاً لمقولة هي أنهم بعيدو الصلة كلياً عما هو مسمى بـ ” الوطن “، إنما مرتزقة، وتحت الطلب، ومن قبل دولة مثل تركيا التي لم يزل قسم محتسب من كردنا وساسة كردنا يتلمسون فيها ” عصا ” موسى السحرية، لخلاص واهم ومهين حقاً.
إن رفع العلم التركي وهو في رفرفته خازوق في مؤخرة من اجتاحوا عفرين، طمعاً مقرصناً في أموال أهل عفرين وممتلكاتهم، قبل سواهم، وشهادة على أنهم غير معنيين بكل ما له صلة بسوريا البلد، الشعب، الوطن، ومن جهة أخرى، تأكيداً على النهاية الوخيمة لهذا المسمى بـ” الجيش السوري الحر “، فهو ليس بجيش، إنما مجموعة ميليشيات وتنظيمات لا يجمعها رابط إلا كونها تجد مواقع لها في سوريا الخارطة: الخرائط، من داخل سوريا وخارجها، وهي تبرِز رغبات بهيمية وأكثر توحشاً مقارنة بالمتردد عنها، وهو ليس بسوري، لأن هناك من هو من الخارج، كما تقدَّم، ومن قدِم وهو في الداخل، وليس بحر، بالعكس، إن الجاري يشير إلى مدى همجية الوقائع على الأرض، وأمام سمع العالم وبصره، ومن ثم فإن مؤشر الأحداث يفصح عن أن الانتحار الذليل الذي يؤول إليه أمر هؤلاء المتطفلين على كل شيء.
هنا، يهمني التأكيد على نقطة، وهي أنني لست بمدافع عن أي جهة” كردية ” أو غيرها، وأنا أشدد على بعض مما عاينت في مآسي عفرين وما بين “18-19 ” آذار 2018 خصوصاً، ومهزلة ” الجهاد ” الأردوغاني، و” فتحه ” المتأسلم والمراهنين عليه.
إن رؤية العلم ذاك، أكثر من إشارة إلى ما يرمي أردوغان وقادة جيشه ورموز الطورانية والعثمانلية في نظامه ومن حوله إلى تحقيقه، أي تقسيم المقسم، والتوسع في مساحة الطورانية العثمانلية، والذين هرولوا وما زالوا يهرولون لمباركة هذا ” الفتح: الفضح: القبح ” يعرّون أنفسهم بأنفسهم، وسخف منطق المكاشفة على الأرض، إذ لو توفر الحد الأدنى من الاعتبار للذين غزو عفرين، وأهل عفرين، لما رفع العلم ذاك بمثل هذه السرعة القياسية، ودالة ” الرفع ” هذه: الانتصار على الكرد، العقدة الأردوغانية المستعصية ولكل الساسة والقادة الأتراك الذين يقلقهم الحضور الكردي بازدياد، سرعة تزيد في مدى نأي ساسة أنقرة عما هو ” إنساني ” من جهة، وبؤس الغافلين الكرد عما يجري بالطريقة هذه من جهة أخرى.
من المؤسف جداً، أن كرداً ” لنا ” لم يتوقفوا بعد، عند هذه الإشارة ” العلم التركي ” ورفعه في المكان المذكور ومغزاه.
إنما الممكن قوله أيضاً، هو أن رفع العلم ذاك كان صفعة لكل من يتحدث باسم ” الجيش السوري الحر” وركلة في مؤخرته مجدداً، سواء في فنادق ” خمس نجوم ” أو دونها هنا وهناك،وقادم الأيام سوف يظهِر ما هو أقبح وأفضح وأوضح مما شاهدنا وانكشف الغطاء عنه في الأيام القليلة الماضية .
دهوك، في 24-3/2018