لتكن «سوتشي» اختراقا باتجاه الحل

افتتاحية جريدة المساواة /  العدد 507  *
مع نهاية العام الحالي أنهت جنيف جولتها الثامنة , وبالتوازي معها تعددت جولات استانا دون أن تحقق هذه الجولات ما يتطلع إليه الشعب السوري وتلملم جراحاته وتحد من معاناته بشكل جلي , وبينهما تحاول سوتشي أن تجد لها موطئ قدم لتدخل معهما في سباق الأماكن والأسماء المتداولة برقم واحد , وإذا كانت جنيف واستانا قد حددت مساراتها بكل ما لها وما عليها وصار أوراقها في المتناول فان سوتشي بموعد انعقادها وملفاتها لا تزال قيد الدرس تتأثر بسخونة العمليات الميدانية , والمتغيرات السياسية المفاجئة اقليميا ودوليا , ولم تتضح معالمها كما يجب لمناقشه ما عدّ لها ويعدّ فيها , وان ما تم تسريبه هو فقط الحجم الكبير المزمع للمشاركين فيها تجعلها محفلا للمصالحة واستعراضا للدور الروسي أكثر من ما ستخرج بها من مخرجات محددة .
لا احد يستطيع أن ينكر ما لروسيا الاتحادية من مصالح إستراتيجية في سوريا تجذرت عبر عقود من العلاقات التاريخية وان ينكر ما لها من دور وما تملكه من أوراق ضاغطة نحو إيجاد حل للازمة السورية , والى جانب ذلك لا تستطيع روسيا أن تتجاهل ما قدمه السوريون من تضحيات وما يتطلعون إليه في بناء دولة الحق والقانون , وإذا كانت تجد في سوتشي إسهاما منها للاقتراب من الحل فان ما يجعل هذا الإسهام ناجعا هو توافقه مع الجهود الدولية وخاصة مع جنيف الذي جاء بتوافق دولي وبرعاية من الأمم المتحدة لا أن تكون بديلا عنه وان يدفع بالملفات المتوافقة فيه إلى الأمام بعيدا عن الأخرى الخلافية مثل ما يتعلق بسلة الدستور التي بادرت هي منذ بداية استانا بطرح أفكار جديرة بالمناقشة والاهتمام فيها , كدولة فدرالية تمتلك من الخبرة ما يمكن أن يدفع باتجاه دستور توافقي تكون لا مركزية الدولة أساس ما يجمع السوريين في ظل الانقسام الحاصل ويؤمن بشكل صريح حقوق الأفراد والمكونات الإنسانية والقومية والثقافية الأمر الذي يجعل في ما إذا تحقق اختراقا من سوتشي باتجاه الحل الواقعي والمناسب وإلا ستكون سوتشي مجرد استعراض تتوالى عديد أرقامها .
ورغم أهمية المؤتمرات والملتقيات الدولية التي تنعقد بشأن الأزمة السورية لإيجاد حل لها ورغم ما للدول المعنية والراعية لها ومن بينها سوتشي وروسيا الاتحادية من دور , يبقى أهمية إرادة السوريين بكل مكوناتهم وقواهم السياسية المعبرة عنها من مكانة في ذلك , وإذا جاء توحيد وفد المعارضة في جنيف وتقديمها بعض الرؤى والأفكار الجديدة خطوة في هذا الاتجاه فأن الجرأة في حسم المسائل الخلافية تدفع القوى الدولية لحسم موقفها أيضا خاصة إذا عني ذلك بما ينشده السوريون من دولة متعددة القوميات والأديان , ديمقراطية تتحقق فيا طموحات الجميع في الحرية والكرامة والحقوق وفق العهود والمواثيق الدولية , دولة يطمئن لها المجتمع الدولي بعيدة عن التوغل العنصري القومي أو الديني والتي ترى فيها الإرهاب بيئتها الصالحة للنمو والتمدد .
*الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف نيسان واعد بعد نسيان وتناس خرجت إلى السطح، ومن جديد، في أعقاب مؤتمر السادس والعشرين من نيسان عام 2025 في مدينة قامشلي، الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الكرد السوريين، أصوات ما فتئت منذ سنوات تنفث أحقادها ضد الكرد باسم قضايا زائفة. كما اعتادت هذه الأصوات أن تختبئ وراءه. إذ لم يعد الأمر مقتصرًا على معاداة”…

د. محمود عباس حين تهتز الأرض تحت أقدام الأزمنة القديمة، وتبدأ طبقات التاريخ بالتصدع، لا يعلو إلا صوت أولئك الذين فقدوا البوصلة، أما الحكماء فيراقبون، لأنهم يعلمون أن كل ولادة جديدة تبدأ أولاً بصراخ الجاهلين، ولا يظهر صوت الجهالة فجأة، بل يطفو من ركام قرون لم تُصفّ حساباتها مع ذاتها. واليوم، كما أدركتُ وتابعتُ عن كثب، فإن نسبة…

زاكروس عثمان اعلن رئيس النظام السوري المؤقت ابو محمد الجولاني رفضه لمقررات كونفرانس وحدة الموقف والصف الكوردي, والذي عقد في قامشلو 26.04,2025, تجاوبا مع موقف الجولاني و توجيهات زبانيته ارتفعت سوية اصوات الشوفينيين والسلفيين العرب تؤكد رفضها لمطالب الكورد، داعين إلى معالجة القضية الكوردستانية من خلال إجراء استفتاء عام في سوريا، وعلى ضوء النتائج يحدد مصير الكورد، وقد يبدو…

نظام مير محمدي * حوالي ظهر يوم السبت الموافق 26 أبريل (نيسان)، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس في محافظة هرمزغان، والذي يُعد أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في إيران، مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية. وبينما لم تُنشر حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة، معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم…