الفقر يقرع أبواب الحكومة .. فهل تستجيب ؟؟؟

سليمان اوصمان
Slmanss@yahoo.com
 
تطلق في الوسط الاقتصادي السوري تسميات عدة على شريحة الفقراء التي تزداد باستمرار مثل محدودي الدخل أو الذين يعيشون تحت خط الفقر أو أدنى مستويات المعيشة أو صغار الموظفين وغيرها من المصطلحات والتعريفات التي لا تطعم فقيرا ولا جائعا ..الخ  .
 والأنكى من ذلك أن اغلبهم ليس موظفا حكوميا ولا يتقاضى راتبا أو منحة أو مكافأة  بالرغم من أنهم يدفعون ضرائبهم على أكمل وجه كضرائب الكهرباء والمياه والهاتف والنظافة..

غير أن أوضاعهم تزداد سوءا  يوم بعد آخر فهم  وحدهم يتحملون أعباء المعيشة، وتقع على عاتقهم زيادة أسعار المحروقات والبيض والدجاج وغير ذلك، ورغم ذلك لا تعطف عليهم الحكومة ولا تقدم لهم مساعدات أو حلولاً تخرجهم من هذه الأزمة .


 يختلف معنى الفقر من جهة لأخرى ومن مستوى لآخر، فقد عّرفت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بأنه ـ أي الفقر ـ هو حرمان الإنسان المستمر أو المزمن من الموارد والإمكانات والخيارات والأمن والقدرة على التمتع بمستوى معيشي لائق وكذلك الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
 ويدخل تحت قائمة الفقراء من لا يجد عملا أو من لا يكيفه دخله لعيش حياة كريمة هو وأسرته وكذلك اضطر للعمل في الأعمال الدنيا في سبيل كسب الرزق حيث لا يجد غيرها.
الأمر المهم بالنسبة لنا أن الحكومة تعترف بوجود الفقراء والمهمشين، لكن مشكلتها  انها لا تعرف كيف تقوم بتقليص عددهم وتحد من مخاطر هذه الآفة كون الفقراء يزدادون ويتكاثرون  كلما فتحت الحكومة أبوابها أمام المستثمرين والصناعيين والاحتكاريين لأن الفقير لا ناقة له ولا جمل في هذه المشاريع والاستثناءات بل انه الضحية .
إن مشكلة الفقر في البلد ليست جديدة على الإطلاق، وإنما تعود لعشرات السنين الماضية  إلا أن آثارها الخطيرة بدأت تظهر على السطح وتعيق خطط الدولة .

إذ يشير تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سورية إلى وجود مليوني شخص غير قادر على تأمين حاجاته الأساسية خلال العامين الماضيين، و أن 3,5 مليون فقير بينهم مليونا شخص لا يتمكنون من الحصول على الغذاء وغيره،  كما تصل معدلات الفقر إلى 60% في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، والمفارقة الطريفة أن المناطق المذكورة تعد أغنى مناطق سورية بالموارد الطبيعية، وان 58% فقراء يعيشون في الإقليم الشمالي الشرقي الذي يضم نحو نصف سكان سورية  .
وفقا لهذه الأرقام المخيفة وحجم التحدي الكبير ما الذي فعلته وتفعله الحكومة ؟  وما هي الإجراءات العملية التي نفذتها أو قد تنفذها وما موقع فقراء هذه المناطق في الخطط المتعددة التسميات أو التي يقال عنها “الخمسية “.
 لقد قامت الحكومة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإجراء دراسة  لترى كيف  تجعل السياسات الاقتصادية الكلية أكثر نصرة للفقراء، وكيف يمكن ضمان مساعدة  تلك السياسات حصول الفقراء على فرص اقتصادية اكبر، وتساءلت الدراسة أيضا عن قدرة  التنمية بمفردها للحد من الفقر مؤكدة أن عدم المساواة يضر بالنمو.

ففي سورية ينفق أفقر 20%  من السكان 7% فقط من إجمالي الإنفاق بينما ينفق أغنى 20% نصف الإنفاق تقريبا .
ودعنا نتساءل هل حققت هذه الدراسة جزءاً بسيطاً من أهدافها ؟ أم أنها ولدت ميتة واصبحت في خبر كان ؟ .

على ارض الواقع ورغم ما يقال عن خطط وتوجهات إلا أننا نعيش الفقر بشكل يومي وعلى أكثر من جبهة ونشعر بأن المشكلة تفاقمت أكثر وأصحاب ذوي الدخل المحدود يتضاعفون ويتضاعف همومهم
المعيشية المتعددة .
فبدل أن تقدم الحكومة حلول اسعافية للفقراء وتحتضنهم وتجد بدائل ومصادر للمحتاجين والمعترين والمعذبين سارعت إلى فتح باب الاستثمارات والبنوك الخاصة والمصارف، بل أنها ساهمت في تعقيد المشكلة بشكل اكبر من خلال تحرير الأسعار والارتفاع الجنوني لأسعار العقارات والإيجارات  والمواد الاستهلاكية .
الحكومة تحتاج إلى قرارات عملية وأفعال حقيقية لمعالجة مشكلة الفقر باعتبارها مسألة وطنية في المقام الأول بالإضافة إلى أبعادها الإنسانية والاجتماعية.


 وإذا لم يتحرك منظرو اقتصاد السوق الاجتماعي وأصحاب القرار بوضع خطة إستراتيجية للقضاء على الفقر فانه سيشكل اكبر تحد للدولة والمجتمع، كما تحولت البطالة إلى اخطر مشكلة في وجه التنمية .
  لا يطلب المواطن السوري من حكومته فعل المعجزات والمستحيلات، بل على الأقل أن تحذو حذو دولة البحرين التي لا تبلغ مساحتها دوما وحرستا، حيث تقوم الحكومة البحرينية بإعانة الفقراء وتدفع للعاطلين عن العمل من مواطنيها راتبا شهريا يبلغ (250) ريالا للجامعي و( 125) لغير الجامعي.
 المسألة بكل صراحة تحتاج إلى الشجاعة فهل تمتلك حكومتنا الشجاعة الكافية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…