محاولات وتداعيات زرع الفتنة القومية في سوريا

افتتاحية صحيفة كوردستان

   تشهد الحروبُ العبثيةُ، وبالوكالة التي تحدث على الجغرافيا السورية والأزمات السياسية الشديدة كلها محاولات من جهات عديدة لزرع الفتنة القومية بين المكوّنات السورية، خاصة بين العرب والكرد.  
  يظهر بين الفينة والأخرى التجييش المتصاعد من قبل بعض الميليشيات المسلحة والمُؤتَمَرة من الغير وشخصيات تدّعي أنها اجتماعية، يحرّضون على خلق الصراع والعداء بين العرب والكرد وبالرغم من ادّعاءاتهم أنهم غيورون ومدافعون عن العرب أو الكرد، إلا أن هدفهم الرئيسي هو زرع الفتنة وتحقيق مصالحهم الضيقة. 
   فالميليشيات بمسمياتهم المختلفة وبممارساتهم لا يمثلون العرب، و(قسد) ومسلحو ب ي د بتسمياتها المختلفة بسلوكها وممارساتها لا تُمثّل الكرد بل تعبّر عمّا أظهرت الأنظمة الحاكمة في سوريا من سلوكًيات سلبيًة تجاه الكرد، مما أدّى إلى تفاقم المشاكل وتهديد السلم الأهلي والاجتماعي في البلاد. 
   هناك جماعات مسلّحة وشخصياتٌ اجتماعيةٌ تحاول استغلال التّوتُّرات القومية في سوريا بهدف زرع الفتنة بين العرب والكرد. تستخدم هذه الميليشيات وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج النعرات وتحريض الأطراف السورية ضد بعضها البعض خدمة لجهات مغرضة وأجندات إقليمية معروفة، ولخدمة النظام الذي يسعى إلى الابتعاد وتجنُّب الحلّ السياسي على الرغم من أن هؤلاء يدّعون الدفاع عن المكوّنات العربية أو الكردية، إلا أنهم في الواقع لا يهتمون إلا بمصالحهم وخدمة الأجندات المعروفة والمُضرّة بالشعب السوري وبالبلاد بأكملها.
  هنا لا يمكننا تجاهل الأنظمة الحاكمة التي توالت على سدّة الحكم في سوريا والتأثير السلبي الذي تسببّت فيه على العلاقات بين العرب والكرد. لقد قامت هذه الأنظمة بارتكاب جرائم عديدة ضد الكرد في سوريا، ممّا أدى إلى زعزعة الثقة والتفاقم العنيف للنزاعات القومية. هذه الجرائم تشمل القمع والاعتقال التعسفي والتهجير القسري وغيرها من الانتهاكات الخطيرة التي مارستها ومازالت مستمرة، وآثارها واضحة.
   يبقى التأكيد أنّه من المهم أن نعزّز قيم العيش المشترك في سوريا، وأن نسعى جميعًا لنشر ثقافة السلم الاجتماعي، ونحن في حزبنا الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا كتبنا كثيراً من العبارات والشعارات وأظهرنا المواقف في هذا المجال، وفي شأن الإخوّة العربية الكردية وتعزيز أواصر الإخوة التاريخية والمصير وقيم العيش المشترك.
 هذه مسألةٌ استراتيجيةٌ بالنسبة لنا، ويجب أن تكون كذلك لجميع الأطراف المعنية. وينبغي على جميع المكوّنات السورية تجاوز الفتن والاتهامات المتبادلة، وأن يعملوا سويًا من أجل إعمار الوطن وتحقيق المصالح المشتركة.
  إن زرع الفتنة القومية بين المكوّنات السورية يهدّد السلم الاجتماعي ويضعف قوة البلد، ويعزّز فرص الحرب والعنف. يجب على المجتمع السوري بأكمله الالتزام بقيم العيش المشترك ونشر ثقافة السلم الأهلي والاجتماعي. 
   معاً، يمكننا تجاوزُ الفتنة، والتحريض المستمر، والعمل نحو بناء سوريا أفضل، وتحقيق السلام الشامل في البلاد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….