صلاح بدرالدين
أولا – من يقف وراء التصعيد؟:
في غالب الأحيان تستند الاستراتيجية العسكرية – الأمنية الإيرانية على المبدأ الذي ارتبط بالعقيدة العسكرية الصينية (الهجوم افضل وسائل الدفاع)، وقد أدت تطورات الأوضاع بمناطق النفوذ الايراني في الآونة الأخيرة لغير مصلحة السلطة التيو – عسكرية الحاكمة (ضيق الخناق الدبلوماسي بشان الاتفاق النووي من المجتمع الدولي – التهديد العسكري الجاد من جانب الحلفاء بقيادة أمريكا في جوانب الحدود المشتركة العراقية – السورية – الأردنية وقطع الطريق بين طهران والبحر المتوسط – اصطياد إسرائيل لكل شحنات الأسلحة المرسلة الى لبنان – صعود الإرادة الوطنية السورية ضد نظام الاستبداد والوجود الإيراني الاحتلالي ومن تجلياتها حراك السويداء – تململ ضمن صفوف أهالي مناطق نفوذ النظام في الساحل هؤلاء الذين يستمد منهم حكام ايران في العلاقة الخاصة مع نظام الأسد – توسع الشرخ بين مجموعات قنديل المرتبطة بايران في صفوف جماعات ب ك ك السورية وبين من يريد فك الارتباط بمركز قنديل – ارتفاع أصوات ولو خافتة في العراق ضد الهيمنة الإيرانية وميليشياتها – انكشاف خداع الحوثيين باليمن بشان السلام – احتمالات تجدد الانتفاضة المناوئة للنظام داخل ايران – .
ثانيا – من له مصلحة بالتصعيد وخلط الأوراق ؟ :
١ – نظام الأسد بالدرجة الأولى الذي تراجع الى عزلته العربية السابقة، والمعزول أساسا من المجتمع الدولي، والمستهدف من غالبية السوريين حيث كل الدلائل تشير ان حراك السويداء الذي يرفع شعار اسقاطه ورحيله سيكون فاتحة حراكات أخرى ومن ضمنها مناطق الساحل .
٢ – المحتل الروسي الذي تورط في اوحال أوكرانيا، ويعاني العزلة والحصار، ولم يؤمن له حاضنة سورية شعبية صديقة، والطغمة البوتينية الحاكمة تبحث عن اية ثغرة لازعاج الولايات المتحدة والغرب عموما، وزرع الألغام امام سير العلاقات الغربية مع دول افريقيا، واسيا، وامريكا اللاتينية، ويهمها توتير الأجواء في الشرق الأوسط للتخريب على المصالح الغربية، ومن اجل إيجاد من يطلب منها التدخل بواسطة مرتزقة – فاغنر – او ارسال جنودها .
٣ – الصين ذلك المارد الذي استيقظ حديثا من غفوته ويبحث عن أي مسلك يوصله الى بحار الخليج الدافئة حتى لو كان على حساب المبادئ الأخلاقية، ومن مصلحته اشتعال الجبهات ليحل محل الاخرين وخصوصا أمريكا والغرب .
٤ – حركة حماس التي قامت بالانقلاب على سلطة حركة فتح التاريخية، وتسعى الى الحلول محلها في قيادة الفلسطينيين، استغلت ضعف السلطة الفلسطينية الحالية، واستفادت من الدعم الإيراني المفتوح عسكريا، وماليا، وذلك للسطو على سلطة القرار، والثأر لتراجع حركات الإسلام السياسي والاخوان المسلمين في المنطقة، وقد تسربت معلومات عن عتاب قاس لإيران على فصائل غزة من حماس وجهاد بشان تباطئهم، وعدم تحركهم رغم كل المساعدات السخية .
ثالثا – ادوات الإخراج
بحسب المنطلقات، والمعطيات يشكل النظام الإيراني المبادر الأول لتحريك المسارات العسكرية، في جميع الجبهات، وذلك لا يعني مطلقا ان المخطط لم يشارك آخرون في وضع اللمسات الأخيرة عليه وخاصة روسيا، والنظام السوري، وقد تكون الصين اخذت علما بذلك .
رابعا – الخطوات التمهيدية للمنازلة الكبرى
عملية انقرة (لاشعال الشمال والشمال الشرقي واشغال تركيا) التي نفذها مركز قنديل لحزب العمال الكردستاني الموالي لإيران، شكلت الإشارة الأولى لبدء تنفيذ المخطط المرسوم، تلتها عملية الكلية الحربية في حمص، وهي حاجة إيرانية – اسدية كما ذكرنا سابقا، وحاجة روسية أيضا لإيجاد ذريعة للمزيد من الاجرام والتخريب بحق السوريين المعارضين للنظام، وفي هذه الجزئية هناك من يتهم جبهة النصرة بزعامة الجولاني بالتواطؤ مع الروس والنظام، ثم اكتملت – ولم تنتهي بعد – بعملية حماس ضد إسرائيل المتواصلة حتى اللحظة، والتي تتم بطريقة فريدة من نوعها لم تعرف أسبابها وتفاصيلها، ونتائجها حتى كتابة هذه السطور، وهناك من يرى ان أسبابا عدة أدت الى نجاح خطة حركة حماس حتى اللحظة أولها يوم العطلة الأسبوعية والعيد، وثانيها الانقسام العامودي في المجتمع الاسرائيلي نتيجة صراع المعارضة مع حكومة نتانياهو، وتمرد العديد من افراد الاحتياط بالجيش، وضباط الامن ومختلف الإدارات .
خامسا – الاحتمالات
قد تكود ردود الفعل الاسرائيلية العسكرية غير اعتيادية وشديدة تجاه قطاع غزة، وقبل ذلك يمكن لإسرائيل مهاجمة المراكز الحساسة في داخل ايران، وضرب تواجدها في سوريا ومناطق أخرى.
من جهة أخرى من المحتمل ان الشركاء الثلاثة (ايران – روسيا – نظام الأسد) قد خططت أيضا لأعمال مشتركة ما، وقد ترى تركيا انها فرصة لتنفيذ اجندتها في الأراضي السورية .
وفي جميع الأحوال كل الساحات المشتعلة قابلة للتوسع عبر وكلاء ثانويين بانتظار البت النهائي من أصحاب القرار .