الكادحين والفقراء يدفعون ثمن فساد النظام والحرس التابع له

نظام مير محمدي* 

مازال الإيرانيون البسطاء الذين يعيشون تحت خط الفقر وبالكاد يحصلون على لقمة عيشهم، يدفعون ثمن فساد نظام الملالي الحاكم وقوات الحرس التابعة له والتي تستحوذ على معظم مقدرات البلد، و وفقاً للمصادر الحكومية الرسمية، من المتوقع أن تتضمن ميزانية عام 2023 “زيادة بنسبة 20٪ في رواتب الموظفين الحكوميين”. ومع ذلك، حتى إذا تم تنفيذ زيادة بنسبة 20٪، فإنها بالكاد ستخفف الألم الاقتصادي الذي يواجهه الشعب الإيراني. نسبة التضخم الحالية، التي تبلغ أكثر من 45٪، قد أذابت القوة الشرائية لرواتب الموظفين بسبب سنوات من سوء إدارة الاقتصاد من قبل الحكومة.
تُجادل بعض وسائل الإعلام الحکومیة بأن: “زيادة الأجور بشكل مفرط تسهم في التضخم”، على النقيض، يعتقد العديد من الخبراء الحكوميين أن زيادة الأجور يجب أن تكون نسبية مع معدل التضخم، ومع ذلك، تتجاهل الحكومة هذه العوامل وتؤكد على أن زيادة الأجور هي المسبب الرئيسي للتضخم.
تمر إيران بصعوبات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة، وذلك بشكل رئيسي بسبب السياسات القمعية لنظام الملالي الذي أثر بشكل مباشر على حياة واقتصاد الشعب الإيراني، شهد المواطنون من الطبقة الوسطى تدهوراً كبيراً في معيشتهم، حيث انخفضت مستويات معاشاتهم بسبب الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المستشري.
وتنسب وسائل الإعلام الحکومیة ضعف الاقتصاد في البلاد إلى عوامل مثل العقوبات، والتي بالفعل ساهمت في زيادة التضخم، ومع ذلك، الجريمة الحقيقية هي الفساد وسوء الإدارة الراكدة داخل النظام الكهنوتي الحاكم، وخصوصًا في الحرس، الذي يمارس السيطرة على اقتصاد إيران، لإخفاء فسادهم، يلومون العقوبات عن مشكلات الاقتصاد في البلاد.
تسعى حكومة الملالي بقيادة رئيسي إلى تنفيذ سياسات انكماشية لمكافحة التضخم، لسوء الحظ، تترتب عواقب هذه السياسات بشكل كبير على عاتق موظفي الحكومة، تُجادل الحكومة في ضرورة هذه السياسات لمنع التضخم غير المتوقع، ولكنها تأتي على حساب معيشة الموظفين، دون أن يكون هناك تحسن كبير في الأفق.
المجتمع الإيراني في أزمة بسبب الصعوبات الاقتصادية، الطبقة الغنية والمؤثرة مثل النخبة الحاكمة، والجماعات المافياوية المرتبطة بالحكومة، وضباط الحرس الفاسدون، يبقون غالبًا في مأمن من تأثيرات التضخم، ومع ذلك، الطبقة الوسطى، بما في ذلك موظفو الحكومة الذين يطالبون بحقوقهم، يعيشون تدهورًا كبيرًا في معيشتهم. أكثر من 60٪ من سكان البلاد الآن يعيشون في الفقر، وهم من يتحملون عبء التدهور الاقتصادي، حياتهم اليومية في خطر، والفقر أفسدها.
سياسات مكافحة التضخم التي تتبناها الحكومة تسببت بأكبر الأضرار للطبقة الوسطى وللموظفين، مما يزيد من معاناتهم، تركز الحكومة على المشاريع المصممة لخدمة مصالح الكهنة الحاكمين، مما يعني أن الغالبية العظمى من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة سيظلون يعانون وحياتهم تزداد سوءً. الخيار الوحيد المتبقي للشعب الإيراني هو التغيير، ومزيد من التغيير.
الشعب الإيراني هو ضحية سوء الإدارة الاقتصادية وسياسات الانكماش التي دفعت بمعيشتهم إلى الحافة، عدم استعداد الحكومة لمعالجة أسباب الصعوبات الاقتصادية الجذرية، بما في ذلك الفساد وسوء الإدارة، يضع عبئاً على عاتق الموظفين والطبقة الوسطى، مع تزايد المظاهرات والمطالبات بالتغيير، يجد الشعب الإيراني نفسه بدون خيار سوى المطالبة بالتغيير، وسيكونون مصرين على ذلك.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي * حوالي ظهر يوم السبت الموافق 26 أبريل (نيسان)، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس في محافظة هرمزغان، والذي يُعد أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في إيران، مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية. وبينما لم تُنشر حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة، معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم…

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…