قصور الأوهام والخطب النارية لن تنقذ النظام الإيراني!

نظام مير محمدي *

أکبر ضربة مٶلمة تلقاها النظام الإيراني على مر ال44 عامًا من عمره، کانت إنتفاضة سبتمبر2022، والتي جعلت النظام رغما عنه أمام الامر الواقع وأرغمته ولأول مرة بعد إنتفاضة مندلعة بوجهه، أن يجري تغييرًا على خطابه وتصرفاته، ولعل المتابع للشأن الإيراني يلاحظ بأن النظام وعلى أثر إنتفاضة سبتمبر، سعى من أجل حل معضلاته الخارجية وإيجاد سبيل من أجل رفع العقوبات عنه، کما يسعى تزامنًا مع ذلك بالتأکيد على إنه يسعى لتحسين الاقتصاد ورفع مستوى الإنتاج ومنح ذلك الأولوية، الى جانب خطبه النارية التي يواظب عليها القادة والمسٶولون من أجل الإيحاء بأن النظام بخير وإنه تجاوز الأزمة وإسترد عافيته.
النظام الإيراني وبعد مرور فترة قصيرة على ماقد بدر عنه وفق ماذکرناه أعلاه والتي تٶکد من إنه على أحسن مايرام وإنه في طريقه لتحسين أوضاعه الاقتصادية، فقد خرج «سجاد بادام»، مدير عام التأمينات الاجتماعية بوزارة العمل في حکومة رئيسي، بتصريح يمکن من خلاله الاستدلال على إن کل خطب تحسين الاوضاع الاقتصادية ورفع مستوى الانتاج الصادرة من قبل قادة النظام وفي مقدمتهم خامنئي مجرد هراء وهواء في شبك!
سجاد بادام، خلال تصريحه أشار بکل وضوح على إن النظام في طريقه للإفلاس عندما قال: سنضطر قريبًا الى بيع جزيرتي كيش وقشم ومحافظة خوزستان لنتمكن من دفع رواتب المتقاعدين! وهذا کلام غير مسبوق ويٶکد مدى عمق أزمة النظام الاقتصادية خصوصًا عندما أضاف: “حتى لو بعنا 3 ملايين برميل نفط دون عقوبات وحصلنا على كل الأموال، ما زلنا لا نستطيع حل أزمة المتقاعدين. كان ينبغي أن ننجز 85.000 مليار عمل بناء في 5 أشهر، لكن تم تنفيذ 13.000 مليار فقط، أي 20٪”، ولو قمنا بمقارنة بسيطة بين هذا التصريح وبين خطاب خامنئي بمناسبة العام الإيراني الجديد (النوروز 1402هجري شمسي) وکذلك خطب رئيسي ووزراء له بنفس السياق، فإننا نجد تناقضا کبيرًا جدًا بينهما مع ملاحظة إنه ليس بإمکان سجاد بادام، مدير عام التأمينات الاجتماعية بوزارة العمل، أن يطلق هکذا تصريح جزافًا ومن دون وجود مبررات ومسوغات لذلك.
النظام الإيراني على الرغم من کل محاولاته ومساعيه المحمومة من أجل العبور من أزمته الخانقة جدًا والتي تضاعفت تأثيراتها وتداعياته عليه من جراء الانتفاضة الشعبية وإستمرار عزلته الدولية، فإن يقف يائسا أمام مفترق طرق لايقود أيا منها الى نتيجة مرضية له، وهو عندما يسارع في إطلاق الخطب الرنانة ويعد بمستقبل زاهر سوف يجري فيه تغيير في عموم الاوضاع وإنه “أي النظام”، سيلحق الهزيمة بکافة أعدائه، فإنه لايدري إن الوعي السياسي للشعب الإيراني قد وصل الى حد ومستوى لم يعد فيه بوسعه خداعه وممارسة الکذب معه، خصوصًا وإن هذا النظام ولحد الان کما يبدو لم يتعظ من إنتفاضة 16 سبتمبر التي إندلعت بهذه القوة لأن الشعب لم يعد يثق بالنظام شروى نقير، ومن هنا فإن قصور الاوهام والخطب النارية  لن تنقذ النظام الإيراني.
في النهاية؛ برأيي، بعد تجربة هذا النظام لمدة 44 عامًا، فإن إقالة المدير العام لا تعالج الألم فحسب ، بل تضيف أيضًا مشاكل إلى جبل المشاكل. الحل الأصلي يجب علی النظام الإيراني إقالة خامنئي ورئيسي وحسين أمير عبد اللهيان ومحمد جواد ظريف وكمال خرازي وعلي اكبر ولايتي و.. وتسليمهم إلى محاكم الشعب. ومن ثم ستقوم المعارضة الإيرانية بتسليم 50 تيرابايت (TB) من الوثائق والبيانات لإدانتهم الى المحكمة!
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…