هل يقف الكرد مع انفسهم ؟!

حواس محمود

لا أريد – في هذه المقالة – أن أدخل في تنظيرات وسفسطة وجدل بيزنطي كما عادة الكرد الشطار بالكلام ،والكسالى بالعمل والتنفيذ إذا كان ذلك لصالحهم أو لصالح قوميتهم ، ولكي لا ابتعد بعيدا عن الواقع أخص بالذكر كرد سوريا وبخاصة في المرحلة والظروف الراهنة من مرورهم بمفصل تاريخي هام وحاسم ومصيري ، وكعادتهم الكرد يضيعون الفرص التاريخية بكفاءة نادرة ، باللجوء الى الفوضى والعبث والاعتباطية والتمظهر والاستعراضية واللف والدوران والتهجم والخصومات والمهاترة والقذف الكلامي وربما بالايذاء المادي الواضح – وهذا ما يحدث الآن للأسف –
لنقولها بصراحة بسبب حجم الاستبداد الطويل وتشويه بنية المجتمعات ومنها المجتمع الكردي وتفريخ اتجاهات سياسية وحزبية ونقابية ومجتمعية عديدة استمرأت الاستبداد والفساد تحولت كل المبادئ والشعارات الداعية للتحرر من الاستبداد نفسه ونشدان الحرية الى مجرد شعارات للتجارة بتلك المبادئ والإضرار بها وقتلها بمزاودات ومصادرات واستلابات ذات طابع انقلابي واضح، فالثورة السورية التي عمت المدن السورية كان رد فعل الأحزاب الكردية تجاهها بالبداية التشكيك وبخاصة من حركات الشباب الكرد ومظاهراتهم ووصموهم بالعجينة والصبينة ولكنها ما ان طال زمن الثورة حتى انضمت  لنفس الحراك المشكك به سابقا  دون درس ومراجعة نقدية أي دون احترام عقول الجماهير تماما كما فكر الاستبداد الذي يتكلم نيابة عن الشعب الذي يعتبرونه قطيعا يحتاج للراعي والراعي هو زعيم : زعيم العشيرة زعيم القبيلة زعيم الطائفة زعيم الحزب زعيم الدولة وهكذا بدأ الخلاف يدب في صفوف الحركة السياسية الكردية التي عجزت بتشتتها جمع الكرد على أهداف مشتركة ، وأقولها بصراحة بحجم الضجيج والصراخ القوي بالدفاع عن الشعب الكردي: هي تتنازل  عن حقوق الشعب الكردي لأنه كيف نصدقها ونحن نراها بالعين المجردة اربعة اقسام في مظاهرات الجمع اشتاتا متفرقة تماما كما كان آباءهم وأجدادهم فهم قد ورثوا ذلك منهم خير توريث ، نحن كنا متفائلين بوعي الشعب الكردي في سورية فوصلنا الى ان هذا الوعي وعي نظري سرعان ما يتمرغ في وحل التشتت والتمسك بالرأي والخضوع لأجندات خارج إطار الدائرة المحلية الضيقة واذا كان لسائل يقول لي أفصح  أقول له :  لا توجد قوة كردية واحدة تمثل الشعب الكردي في سورية ، ولا يوجد هدف مشترك للقوى الكردية ، ولا يوجد التحام حول الثورة ، ولا تحالف مع السلطة القائمة ، ولا برنامج عمل للمرحلة القادمة ، ولا يوجد تفكير أو تساؤلات معرفية وفكرية يوظف بها كتاب وخبراء ومحللون كرد وغير الكرد لمعرفة مآلات الحالة السورية وبالتالي الكردية لكي يستطيع السياسي أن يجد طريقا مفروشة بأنوار ومصابيح تضيئ له دربه السياسي بأقل عوائق وبأقل خسائر وبأقل الجهود لكن هذا غير موجود ، الموجود  أن تتحول بعض القوى إلى حالات استعراضية وتسيئ إلى بعض  الأماكن أو الأشخاص سلما أو عنفا وتلجأ إلى ممارسات مضطهدي الشعب الكردي المنبوذة و المعروفة لدى القاصي والداني، المهم هو السيطرة ، والقوى الأخرى تتيه في درب سوريا الطويل فتخونها بوصلتها وتقف ملتصقة بطقوس يومية واسبوعية بانتظار فرج ربي أو من يأتي منقذا لها من السماء أو من تحت الأرض!! لتوقف تشتتها وانقسامها لكي تعود إلى حياتها الطبيعية أمنة مستقرة وكأن يداها لم تمارسان الخطأ وكأنها لم تضيع وقتا وأحلاما وجهودا متناثرة هنا وهناك بصراحة أنا كما غيري من الكتاب أدق ناقوس الخطر بالنسبة  للكرد في سورية بالانطلاق من جملة ملاحظات وعوامل  يعرفها القاصي والداني وذكرت في طيات المقالة
أرجو من الشعب الكردي (بسياسييه ومثقفيه وعقلائه) أن يكون في مستوى ما يحدث لبلده سوريا ولمناطقه الكردية وأن يفتح عينيه وان لا يجامل ويتراخى فمركبنا كما قال بعض الزملاء الكتاب والسياسيين سيغرق بنا – لا سامح الله –  إن لم ننتبه للخطر وعندها لن يفيدنا لا الندم ولا التراجع ولا من يحزنون
………………………………………………..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يروي تاريخ الكرد في سوريا حكاية تداخل معقد ومرير بين الصمود والاضطهاد، معكساً تفاعلًا طويل الأمد بين التهميش السياسي والاجتماعي والإصرار على الوجود والهوية. رغم العقود التي حملت سياسات تهجير ممنهجة مثل مشروع الحزام العربي وغيره من سياسات العزل والتغيير الديموغرافي، ظل الكرد راسخين في أرضهم، مدافعين عن ثقافتهم وحقوقهم، وساعين لإقامة سوريا متعددة الثقافات تضمن الكرامة لجميع…

بوتان زيباري في متاهة التاريخ السوري المعاصر، يبرز صراع مركب بين إرادات متشابكة؛ إرادة تسعى لاستعادة كرامة الوطن، وأخرى أسيرة لأوهام السيطرة المطلقة. عند قراءة كتاب “اغتصاب العقل” لجويت إبراهام ماوريتز ميرلو، ندرك كيف تُستخدم سيكولوجيا التحكم في الفكر وتشويه العقل كأدوات مركزية في توجيه الشعوب، وبالأخص في حالة سوريا حيث تتقاطع المأساة مع العبث السياسي. قد يبدو الحديث…

عبدالرحمن كلو على مدارِ السنواتِ السابِقةِ، وفي مرحلةِ النظامِ السابِقِ، كان العديدُ من الوطنيينَ والشرفاءِ الكوردِ من خارجِ نطاقِ منظومةِ حزبِ العمالِ الكوردستانيِّ (ب ك ك) ومن خارجِ دائرةِ المجلسِ الوطنيِّ الكورديِّ، يُطالبونَ بحمايةٍ دوليةٍ لعفرينَ والمناطقِ الأخرى التي تخضعُ للاحتلالِ التركيِّ. هذهِ المطالبُ جاءتْ كردِّ فعلٍ على ما كان يجري في تلكَ المناطقِ من ممارساتٍ إرهابيةٍ تهدفُ إلى التغييرِ…

فرحان كلش الأسئلة الأكثر إلحاحاً في الراهن الزماني، حول ما ولدته وأفرزته الثورة السورية، تكمن في إمكانية الربط المعرفي بين الثورة كخلق جماهيري والسلطة كناتج ثوروي، إذ يمكننا أن نلقي أسئلتنا في حلقة ضوابط تتعلق بالنشوء والفناء الثوري، هل ما نشهده اليوم من وجود إدارة سياسية في دمشق ناتج موضوعي لما شهدته الثورة السورية، أم هذا تدحرج لفكرة الالتفاف على…