الكورد السوريون يتخبطون، ينكشفون في ربع الساعة الاخيرة من الثورة

فرحان مرعي

وهذه نتيجة طبيعية للتراكمات السياسية والفكرية السابقة، للعقلية الحزبية العشائرية، لخمسين سنة من الروتين القاتل والسكون والجمود والانقسام ، هذه السنين الطويلة بهذه المواصفات السلبية  لم تفرز قوى حقيقية ، قوى ايجابية على الأرض ،ولم تفرز شخصيات كاريزمية مثقفة ،نحن الكورد نحصد ما زرعناه خلال خمسين سنة من السياسات الخاطئة والتفكير الخاطئ ،هذا شيء طبيعي يجب أن لا يصدم أحد ،لا يدهش أحد، ولا يستغرب منه أحد ، رغم إننا لا ننكر خلال هذه الخمسين سنة تضحيات البعض و نضالاتهم السياسية والثقافية والوطنية ، المسألة نسبية نوعاً ما ، ولكن الصورة العامة كانت سلبية، رمادية، متخلفة.
منذ بداية الثورة كتبنا إن الحركة السياسية الكردية مع كل ما قدمت في سبيل الشعب الكردي غير مؤهلة لقيادة المرحلة غير مؤهلة لقيادة هكذا ثورة شعبية وطنية شبابية بسبب ترهل قي بنيتها السياسية والفكرية والحزبية وإنها بنت مرحلة تاريخية معينة استنفذت قواها وجدواها واعتقد أن الاعتراف لم يكن هزيمة ولا عيباً بقدر ما كان قوة وشجاعة وتحرراً فكرياً وثقافياً ولكن  للأسف هذا  لم يحدث بل قامت القيامة على العديد من الكتاب والنقاد الذين حاولوا وضع القطار على السكة السليمة .
إن ما يجري الآن على الأرض في معظم المناطق الكردية من فوضى وتخبط والتصرفات العشوائية الصبيانية الغير مدروسة والغير عقلانية لأكبر دليل على ما نقول ونحن لا نستبعد دخول المنطقة الكردية في لعبة النظام والأجندات الدولية والإقليمية كان من الممكن تجنبها لو توفرت الحكمة السياسية وإرادة تغيير حقيقية والمسؤولية الوطنية ووضع مصلحة الشعب الكردي فوق كل اعتبار .
لو أن الحركة السياسية الكردية وضعت المصلحة الوطنية الكردية في المقدمة وتركت عقدها السياسية ونزعاتها الفردية لو تركت الشباب والفئات المقهورة تعبر عن آمالها ورغباتها ومصالحها من خلال الثورة لاستطاعت الثورة أن تفرز قياداتها وقواها السياسية المرحلية  وحتى قواها العسكرية ولاستطاعت أن تضع حجر الأساس للمرحلة القادمة، ولكن الأمور جرت بسرعة وبعيدة عن مصالح الشعب الكردي والخشية متوقعة من كل الاحتمالات.


الثورة كفعل تغيير جذري لم يصل إلى كردستان سوريا ، الثورة كعملية تغيير وتطهير وتصفية وغربلة لم تفعل فعلها بعد في المناطق الكردية ،كعملية صقل سياسي لم تنجز بعد لذلك وجدنا الانسحابات الكردية من مؤتمرات المعارضة السورية  التي دلت على هزيمة العقلية السياسية الكردية وعدم قدرتها على الصراع السياسي والفكري مع الخصم والمختلف في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخ الصراع في سوريا ،إن هذه الثورة انجزت الكثير في المناطق السورية الأخرى عملت على تطهير المجتمع وأفرزت قوى سياسية وقيادات شبابية ونسائية قادرة على ادارة المرحلة المقبلة ، صحيح في هذه الظروف تطفو على السطح القاذورات واللصوص والإجرام  وقوى ظلامية ولكن في النتيجة لا يدوم إلا الأفضل و الأثمن .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…