اللغة الكوردية ليس بديلاً عن الثورة

 فرحان مرعي

يقول الشاعر السوري نزار قباني:
“سامحونا ، سامحونا..

إن رفضنا كل شيء..

وكسرنا كل شيء..

واقتلعنا كل شيء..

ورمينا لكم أسماءنا..

فالبوادي رفضتنا….

والموانئ رفضتنا..

والمطارات التي تستقبل الطير صباحاً ومساءاً …رفضتنا..

إن شمس القمع في كل مكان ….أحرقتنا..

سامحونا..

إن بصقنا فوق عصر ما له تسمية
 سامحونا إن كفرنا”

سامحونا إن كفرنا باللغة الكوردية أمام هول ما يحدث على أرض سوريا ، سامحونا إن قلنا لقد شغلتنا الترهات عن الثورة وأخذت من وقتنا الكثير من نقاشات عقيمة واجتماعات مملة ومطولة كما لو كنا في خلية إدارة الأزمة وانعقاد دائم ، ولكن الأزمة هنا أزماتنا الشخصية وصراعاتنا الداخلية والحزبية .
منذ بداية الحراك الثوري الشعبي دأب البعض في الشارع ووراء الكواليس تمييع مشاركة الكورد في الثورة بحجج واهية وذرائعية مفضوحة والهروب من الواقع واتهام المعارضة العربية قبل أن تلتم وتتشكل، وهذه الذرائعية أخذت من وقتنا وهمتنا…..

ثم انتقلنا إلى دائرة أخرى من الصراعات الداخلية حول كيفية إدارة المظاهرات وآلياتها وبرامجها، اختلفنا حول مسألة رفع الإعلام والصور لمدة لم تقل عن ثلاثة أشهر وتوصلنا في النهاية – وعندما يئس البعض منا – إلى حل يرضي السلطة هو وقف المظاهرات ليغمز ويلمز البعض ويهمس: نجحت العملية ولكن  المظاهرات ماتت ؟؟؟ ما إن تخطينا هذه الإشكالية الشكلية والتي عبرت عن سذاجتنا وبساطتنا وتفكيرنا السطحي ليبدأ الأحزاب وينشغلوا بفتح المكاتب الحزبية التي أصبحت موضة موسم الخريف، دعوات افتتاح، نعوات، بوكيات ورد، ندوات ثقافية، قهوة مرة، ويتخلل السهرات وجبات كونكان وتريكس، وشغلتنا المقاهي الجديدة عن الثورة، وبالتزامن مع ضجة المراكز الحزبية دخل عنصر جديد على خط الصراع الداخلي ولكنه في هذه المرة عنصر حساس ويمكن اللعب عليه، لأنه يمس الوتر القومي إلا وهو مسألة تعليم اللغة الكوردية.
في الحقيقة نحن من حيث المبدأ مع تعليم اللغة الكوردية بشكل رسمي وغير رسمي وفي كل زمان ومكان حسب الظروف والإمكانيات المتاحة وباعتبار اللغة من إحدى مقومات الأساسية للقومية الكوردية، ولكن بحيث لا يتعارض هذا التعليم مع متطلبات المرحلة واستحقاقاتها ولا يخلق مشكلة ولا يستغل لأهداف سياسية، أن اللغة تمتلك حساسية قومية مفرطة ويمكن أن تستغل لأهداف سياسية وهذا هو وجه الخشية، لذلك يجب أن لا نفرط بتعليم أولادنا على مذبح اللغة الكوردية، فالنظام لا يهمه كثيراً- بل من صلب سياساته- أن يغلق المدارس والجامعات حتى يتفشى الجهل والتسكع، وعلينا أن نتعلم من التجربة التركية وسياستها عندما أغلقت المدارس في المناطق الكوردية ،لذلك علينا أن لا نعطي  المبررات للنظام لتنفيذ هذا المشروع الخطير ،وللأسف أصبح هذا الموضوع الشغل الشاغل لشعبنا في هذه المرحلة الحساسة ورغم أهميته فهو من الحقوق المتاحة للجميع ومن السهل ممارسته ولا يستطيع احد ان يمنعني من التكلم بلغتي ورغم ذلك   ظهر هنا وهناك بوادر خلاف وصراع حول هذه المسألة، نتمنى أن لا يتحول إلى حالة إغلاق المدارس في المناطق الكوردية وتنجح العملية وتسقط المدرسة.
في الواقع لسنا ضد فتح المراكز الحزبية ولا ضد تعليم اللغة الكوردية بل نؤكد على موقفنا وهو إعطاء الأولوية للثورة السورية ونجاحها وإنهاء الاحتلال وحماية السلم الأهلي في المناطق الكوردية وغيرها ومساعدة وإغاثة النازحين والمنكوبين من جراء الحرب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…