الدكتور محمد شفيق إبراهيم
لا يخفى على أحد مدى استعداد الشعب الكردي على التضحية وتقديم الغالي والنفيس في سبيل قضيته، وتحرره من سيطرة الأجنبي على مقدراته، وبالمقابل لا يخفى على أحد أيضا مدى ابتلائه بقيادات و أشباه قيادات يعملون من أجل مصالحهم الخاصة، وجلهم لم يستطيعوا التخلص من النظرة الحزبايتية الخاصة، وحتى الكثير منهم لا يزال يعشعش في رؤوسهم أفكارا متخلفة من عشائرية أو عائلية والكثير منهم غير مؤهل فكريا للقيادة، وهذه العقلية بالذات ادت مع الزمن الى حدوث انشقاقات عمودية وأفقية في جسم الحركة الكردية و أحزابها المختلفة بدون استثناء، مما ادى الى وجود أعداد كبيرة وغير مبررة من الأحزاب الكبيرة والصغيرة والصغيرة جدا،
وهذا ما عقد العمل النضالي للشعب الكردي في سبيل حقوقه القومية، وعرقل نضال المخلصين منهم (على قلتهم)، وهذا السبب بالذات يفسر بطئ المجلس الوطني الكردي في اتخاذ القرارات المناسبة في وقتها، واذا ما اتفقوا على شيء ما يكون الوقت قد فاتهم، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية من تاريخ شعبنا الكردي في سوريا، ولهذا السبب انتبهت القواعد الحزبية المختلفة بعدم جدوى الأطر الموجودة وعدم فاعليتها في التصدي للمهام المطلوبة من الحركة السياسية ككل، فأخذت تضغط باتجاه دفع القيادات الكردية للالتقاء مجددا، وهذا ما نلمسه مؤخرا في تحركات قواعد الأحزاب الكردية الثلاثة (البارتي ، واليكيتي و الآزادي) لتشكيل قيادات مناطقية مشتركة، والطلب من قياداتهم بالإسراع في انجاز الاتحاد السياسي بين الاطراف الثلاثة السائرة على نهج البارزاني الخالد كما يدعون، ونتمنى لهم النجاح في مسعاهم هذا، لان انجاز هكذا اتحاد سياسي سوف يقلص عدد الأحزاب، واذا ما حذت الأحزاب الأخرى المتقاربة فكريا حذوهم، فاننا سنكون إمام مرحلة لملمة أشلاء الأحزاب الكردية في إطار أحزاب معتبرة ولها وزنها الفعلي الحقيقي على الأرض، وهذا ما سيدفع بقيادات تلك الأحزاب الى التمسك بمصالح الشعب شاءت أم ابت، ولا يمكنهم عندئذ من العمل من أجل مصالحهم الخاصة فقط بل سيكونون تحت المراقبة ونظر الشعب مباشرة خاصة اذا استطاعت القواعد الحزبية المخلصة على فرض قواعد جديدة وضوابط حديثة لتداول القيادة الحزبية، وكل ذلك ستقوي الحركة السياسية الكردية أمام المعارضة العربية الشوفينية والتي تمتنع حتى الآن من الاعتراف بحقوق الشعب الكردي كما يجب حسب الاعراف والقوانين الدولية.