إلى الواعظين الغيارى!

  خالد جميل محمد

من الأمور التي تتسبب في عدم احتفاظ بعضهم بالاحترام اللائق عندي هو أن صنفاً من الناس ليس لديه أيّ استعداد لأن يخسر قشَّةً مما يملك من مال أو وقت أو إرادة، بل يسعى إلى استغلال أي فرصة لتحقيق المكاسب الشخصية بأي ثمن كان ومع أي جهة كانت وعلى حساب من كانت، ثم يتوجه إليَّ بالمواعظ والنصائح بحجة أنْ (لا ناقة لي ولا جمل) في ما أسلكه من درب نضالي خدمة لمجتمعي ووطني وشعبي، وكأن المقاييس تقتصر على مدى الربح الذي أجنيه شخصياً من نشاطي السياسي أو الثقافي الذي يراه هذا النموذج (تجارة فحسب)، ويستثنى من هذا الحكم أولئك الحريصون عليَّ من باب المحبة والخوف لا من باب الأستذة والتنظير اللذين مللت منهما كثيراً وأرجو من (ذوي المواعظ والنصائح) الكفّ عن هذا السلوك غير السويّ.
وبعيداً عن السياسة، عندما كنت أمارس النقد الأدبي واللغوي، كان أمثال هذا النموذج يدَّعون الحرص عليَّ وعلى الثقافة فينصحونني بتجنب النقد (في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا!) كما كانوا يزعمون، واليوم وأنا أسهم بما أستطيع في مجال النشاط السياسي فيأتي من (يتأستذ) ليوجهني وفق مزاجيا
ته الخاصة وأنانيته التي لا يعترف إلا بها، أو يسيّرني وفق رؤاه التي يتوهّمها يقيناً لا يطاله الشكُّ ولا يأتيه الباطل من بين يديه، دون أن يمنحني الحقَّ في برمجة حياتي بالطريقة التي تعجبني أنا لا تعجبه هو ومصالحه.
فأرجو ممن لديه نصيحة ما أو موعظة ترشدني إلى الابتعاد عن العمل والنشاط السياسي أن يتخلى عن تلك الأساليب ويحتفظ بمواعظه لنفسه أو للجهات التي يخدمها بطريقته هذه عن دراية أو دونها، وألا يستغل تواضعي وأخلاقي معه عندما أنصت إليه باحترام وهو يسهب في مواعظه التي يرشُّها رشاً دون مراعاة لنفسيتي ومشاعري..


فإن كان لدى الناصحين جديد أو بديل فالساحة مفتوحة أمامهم، وليطبقوا على أنفسهم ما يريدونه مني، أو فليتركوني وشأني في اتخاذ القرارات الشخصية التي تخصني وحدي، وأما ما يخص الآخرين فأنا أعبّر عنه بموقفي النضالي وبالعمل الفعلي قبل التنظير..

ودون أن أعاتب أحداً على اختلافه معي، أو خنوعه أو سكوته..

فلكلٍّ وجهته ولا يحق لأحد أن يفرض على غيره ما يقتنع هو به..

أما أن يلتزم هذا (الناصحُ) السكوتَ ويفرض عليّ التزامه هذا فهو يستدعي موقفاً عبرت عنه في رسالتي هذه للواعظين.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…