إبراهيم اليوسف
منذ أيام، وأنا أحاول الكتابة، عن الدم السوري الذي يسفك، على نحو استثنائي، على يدي من يعتبر سورياً، وذلك من خلال استحضار الأسطورة التي ترى، أن جبل قاسيون شهد أولى جريمة في التاريخ، حيث أن جريمة قتل نصف العالم، إنما تمت في هذا الجبل -تحديداً- وللمفارقة، أنه الجبل الذي يشهد أعظم قصة للإيثار في تاريخ البشرية، حيث فيه ” مغارة الأربعين” التي ترى الأسطوة أنه لجأ إليها أربعون نبياً، هروباً من الظلم المحيق، المحدق بهم، ولم يكونوا ليملكون إلا رغيفاً واحداً، كان يقدمه كل منهم للآخر، من دون أن يأكله إلى أن قضوا جميعاً…!؟
طبعاً، هناك الكثير، عن هذا الجبل السوري العالي، صنو عرفات -تاريخياً- والذي كان يحج إليه الناس إلى وقت طويل، مثنى وزرافات، ويمارسون شعائرهم الدينية، ليلة كل وقف، كي يكون بديلاً عن الحجِّ الرئيس، الذي تحول بينهما آلاف الأميال، إلى أن تم إنهاء ذلك، رسمياً، درءاً لأي التباس في أحد أركان الدين، ومن بين ما يذكر عنه أضرحة عدد من النبيين، محددين بأسمائهم، كذي الكفل، ويونس، وغيرهما عليهم السلام، يحتضنها هذا الجبل الأشم….!.
والأكثر دهشةً، في الأمر، أن هذا الجبل هوالأجدر بأن يكون عنوان الحزن العظيم، قبل ولادة الكربلائية، اللاحقة، ولعل في إشارة المصدر ذاته، إلى أن جبريل عليه السلام قد نزل إلى المكان لمواساة ثكلى البشرية الأولى، أمَّهم الأولى حواء، وأبيهم الأول، آدم.
ثمَّة الكثير، من الكلام هنا، كنت أرغب، في الانطلاق منه للحديث عن الدم الجديد السيال، الدفاق، المسترخص، الثمين، دم أهلنا السوريين، الذي يستعيد أرومة الأسطورة، عبر روح قاتل، آثم، آخر، جسَّد لغة القتل، ليس بالعفوية الأولى التي تمَّت في التاريخ، وجعلتنا خاسرين، إلى ماشاء الله، مادام نصف سكان البشرية، أفنوا بفناء هابيل، وإنما عبر القتل المدروس، المخطَّط له، وما أوسع البون بين قتل يرتكب، خطأ، في مجرَّد جزء من الدقيقة، وقتل بات يستمر منذ عشرين شهراً، وحتى الآن، كمسرحية، أبطالها محليون، وكومبارسها دوليون، وشهودها العالم كلّه..!
إلا أن مادعاني، إلى أن أردف موضوع قتل قابيل لهابيل، بالنعت الكردي، هو ما نشهده من سموم الحقد الكردي الكردي، التي باتت تنتشر، وراح ضحايا ذلك، خطفاً، وقتلاً، وسطوة خوف، وقلق، وتوتر، وابتعاداً عن التفكير بالمهمة الرئيسة: إسقاط النظام، وحلّ القضية الكردية في سوريا حلاً عادلاًًًًًًًًً، بعد كل هذا الاضطهاد المقيت، المستمر، منذ عقود من العقل الشوفيني الذي راح يخطط لمحو احداثيات حضور الكردي، في مسرح وطنه، بأسوأ مما تم على يدي شطره الصدامي في العراق، وهو ما يحتاج إلى قراءات ودراسات عميقة، لابد وأن تكتب -لاحقاً- في ظل سوريا الجديدة.
وقابيل الكردي، لايزال يظنُّ النقد مؤامرة كونية عليه، والبكاء على الضحية التي يقتلها بكلتا يديه جريمة، وخيانة، ونكراناً لعظمة أناه، ولكي يثبت أخوه الكردي أنه كردي، عليه أن يصفق، إذا ما اختطف كردي كردياً، وأن يرقص ويسبح بحمده، إن انتهك حرمته، وكرامته، وإن كل تفكير خارج دائرة تفكيره، إنما هي المنكر عينه، وهو يشكل أغرب حالة في التاريخ -طراً- لأن كل من يقوم بممثل هذه الممارسات، إنما يبحث، في ما إذا كان حريصاً على أخوته لأخيه، أن يبدي الندم، ويفكر بالعودة إلى جادة الصواب، لا أن تدفعه ذهنيته لاختراع أسباب تخوين من يقول له: لا، وهو القائل: لا، لمن هو أشد ظلماً، وطغياناً، في الأصل.
إن حادثة إطلاق النار، في كوباني، على المتظاهرين الكرد، وقتل أحدهم – في إطار سجل خاص لهكذا قتل…- وجرح آخرين، لمجرد أنهم يرفعون لافتات، لاتعجبهم، ولمجرد أنهم يعتزون بعلم كردي، هو الأصل عندهم، في ضمائرهم، ولن يستبدل بسواه، إلا إثر اتفاق شعبي عام، إلى جانب أنهم يرفعون علم استقلال، يتم الاتفاق عليه، من قبل الملايين التي صنعت الثورة، ولها الفضل على صاحب البندقية نفسها، في أن يرسم ملامح حضوره من جديد، بعد أن تآمر العالم عليه، وهو الضحية في الأصل، والمعول الأكبر عليه، في الإنجازات الوطنية والقومية الكبرى، هذه الحادثة، تدفعنا -جميعاً- ومجدداً، لأن نقف في وجه من يحول الثورة عن مسارها، ويلهي الكردي بمشاغل داخلية صغيرة، ما يشكل خطراً على حاضره، وحقه، ومستقبله.
من هنا، فإننا لاننتظر أي تسويغ من أحد لما يتم، لأن الجريمة جريمة، وانتهاك الحقوق بتفاصيلها الصغيرة والرئيسة انتهاك، أياً كان فاعل ذاك، بل إننا لننتظر أمراً آخر، وهو أن يقول أخوتنا هؤلاء، وهم في ذروة ارتباكهم السياسي، والسلوكي: سنعود إلى فيء الأخوة العالي، ولا وقت الآن، لتشخيص كل ماتم -على فداحة الخسارات الباهظة، وعمق الجراحات السحيقة، الأليمة-لا أن نفلسف أخطاءنا، ونصدر فتاوينا إلى العالم بغية إقناعه، وكأن أربعة ملايين كردي، في اجتماع حزبي، وما عليهم سوى الطاعة للقرار المنزل…أو الفرمان الرباني…..!
إن هؤلاء الأخوة -وهم الأعزاء- وليس لأحد منا ثمة موقف مسبق منهم، نفرح بأفراحهم، ونحزن بأحزانهم، جرحنا واحد، حلمنا واحد، وألمنا واحد، وقضيتنا واحدة، وخلاصنا واحد، هم نحن، ونحن هم، ولكن، لابدَّ عليهم من أن يعترفوا وبصوت عال، مدو، أنهم أخطأوا، فإن ذلك سيرتفع إلى مقام حجم تضحيات هذا الحزب الجسام، عبر سنين طويلة، وليس أمامنا من وقت فائض، للهاث، والتفكير بالخيارات، لأننا فعلاً -ركاب سفينة واحدة- إن غرقت غرقنا جميعاً، بل سكان بيت واحد… سكان ذات واحدة… شركاء روح واحدة… فلنفتح قلوبنا لبعضنا بعضاً، ولنفتح كذلك نوافذ أرواحنا على حب بعضنا بعضاً، ولنعلم جميعاً أن من ينقد بدم قلبه، إنما هومعني بنا، وليس مجرد مارق، أفاق، نؤلب صبيتنا البلهاء،لرشقه بالحجارة…..!
شخصياً، وعلى خلاف نبوءات كثيرين، ممن غرقوا في تشاؤمهم، نتيجة متابعاتهم، لما يرتكب-كردياً- من أخطاء فادحة، كهذه، مازلت متفائلاً أن صوت الضمير الكردي، في أي زمان ومكان، لابد أن يعلو، لأن المرحلة حساسة، وخطيرة، فلنقرع جميعاً الأجراس، ونضع أصابعنا على الجرح، مهما كانت ضريبة ذلك…!
والأكثر دهشةً، في الأمر، أن هذا الجبل هوالأجدر بأن يكون عنوان الحزن العظيم، قبل ولادة الكربلائية، اللاحقة، ولعل في إشارة المصدر ذاته، إلى أن جبريل عليه السلام قد نزل إلى المكان لمواساة ثكلى البشرية الأولى، أمَّهم الأولى حواء، وأبيهم الأول، آدم.
ثمَّة الكثير، من الكلام هنا، كنت أرغب، في الانطلاق منه للحديث عن الدم الجديد السيال، الدفاق، المسترخص، الثمين، دم أهلنا السوريين، الذي يستعيد أرومة الأسطورة، عبر روح قاتل، آثم، آخر، جسَّد لغة القتل، ليس بالعفوية الأولى التي تمَّت في التاريخ، وجعلتنا خاسرين، إلى ماشاء الله، مادام نصف سكان البشرية، أفنوا بفناء هابيل، وإنما عبر القتل المدروس، المخطَّط له، وما أوسع البون بين قتل يرتكب، خطأ، في مجرَّد جزء من الدقيقة، وقتل بات يستمر منذ عشرين شهراً، وحتى الآن، كمسرحية، أبطالها محليون، وكومبارسها دوليون، وشهودها العالم كلّه..!
إلا أن مادعاني، إلى أن أردف موضوع قتل قابيل لهابيل، بالنعت الكردي، هو ما نشهده من سموم الحقد الكردي الكردي، التي باتت تنتشر، وراح ضحايا ذلك، خطفاً، وقتلاً، وسطوة خوف، وقلق، وتوتر، وابتعاداً عن التفكير بالمهمة الرئيسة: إسقاط النظام، وحلّ القضية الكردية في سوريا حلاً عادلاًًًًًًًًً، بعد كل هذا الاضطهاد المقيت، المستمر، منذ عقود من العقل الشوفيني الذي راح يخطط لمحو احداثيات حضور الكردي، في مسرح وطنه، بأسوأ مما تم على يدي شطره الصدامي في العراق، وهو ما يحتاج إلى قراءات ودراسات عميقة، لابد وأن تكتب -لاحقاً- في ظل سوريا الجديدة.
وقابيل الكردي، لايزال يظنُّ النقد مؤامرة كونية عليه، والبكاء على الضحية التي يقتلها بكلتا يديه جريمة، وخيانة، ونكراناً لعظمة أناه، ولكي يثبت أخوه الكردي أنه كردي، عليه أن يصفق، إذا ما اختطف كردي كردياً، وأن يرقص ويسبح بحمده، إن انتهك حرمته، وكرامته، وإن كل تفكير خارج دائرة تفكيره، إنما هي المنكر عينه، وهو يشكل أغرب حالة في التاريخ -طراً- لأن كل من يقوم بممثل هذه الممارسات، إنما يبحث، في ما إذا كان حريصاً على أخوته لأخيه، أن يبدي الندم، ويفكر بالعودة إلى جادة الصواب، لا أن تدفعه ذهنيته لاختراع أسباب تخوين من يقول له: لا، وهو القائل: لا، لمن هو أشد ظلماً، وطغياناً، في الأصل.
إن حادثة إطلاق النار، في كوباني، على المتظاهرين الكرد، وقتل أحدهم – في إطار سجل خاص لهكذا قتل…- وجرح آخرين، لمجرد أنهم يرفعون لافتات، لاتعجبهم، ولمجرد أنهم يعتزون بعلم كردي، هو الأصل عندهم، في ضمائرهم، ولن يستبدل بسواه، إلا إثر اتفاق شعبي عام، إلى جانب أنهم يرفعون علم استقلال، يتم الاتفاق عليه، من قبل الملايين التي صنعت الثورة، ولها الفضل على صاحب البندقية نفسها، في أن يرسم ملامح حضوره من جديد، بعد أن تآمر العالم عليه، وهو الضحية في الأصل، والمعول الأكبر عليه، في الإنجازات الوطنية والقومية الكبرى، هذه الحادثة، تدفعنا -جميعاً- ومجدداً، لأن نقف في وجه من يحول الثورة عن مسارها، ويلهي الكردي بمشاغل داخلية صغيرة، ما يشكل خطراً على حاضره، وحقه، ومستقبله.
من هنا، فإننا لاننتظر أي تسويغ من أحد لما يتم، لأن الجريمة جريمة، وانتهاك الحقوق بتفاصيلها الصغيرة والرئيسة انتهاك، أياً كان فاعل ذاك، بل إننا لننتظر أمراً آخر، وهو أن يقول أخوتنا هؤلاء، وهم في ذروة ارتباكهم السياسي، والسلوكي: سنعود إلى فيء الأخوة العالي، ولا وقت الآن، لتشخيص كل ماتم -على فداحة الخسارات الباهظة، وعمق الجراحات السحيقة، الأليمة-لا أن نفلسف أخطاءنا، ونصدر فتاوينا إلى العالم بغية إقناعه، وكأن أربعة ملايين كردي، في اجتماع حزبي، وما عليهم سوى الطاعة للقرار المنزل…أو الفرمان الرباني…..!
إن هؤلاء الأخوة -وهم الأعزاء- وليس لأحد منا ثمة موقف مسبق منهم، نفرح بأفراحهم، ونحزن بأحزانهم، جرحنا واحد، حلمنا واحد، وألمنا واحد، وقضيتنا واحدة، وخلاصنا واحد، هم نحن، ونحن هم، ولكن، لابدَّ عليهم من أن يعترفوا وبصوت عال، مدو، أنهم أخطأوا، فإن ذلك سيرتفع إلى مقام حجم تضحيات هذا الحزب الجسام، عبر سنين طويلة، وليس أمامنا من وقت فائض، للهاث، والتفكير بالخيارات، لأننا فعلاً -ركاب سفينة واحدة- إن غرقت غرقنا جميعاً، بل سكان بيت واحد… سكان ذات واحدة… شركاء روح واحدة… فلنفتح قلوبنا لبعضنا بعضاً، ولنفتح كذلك نوافذ أرواحنا على حب بعضنا بعضاً، ولنعلم جميعاً أن من ينقد بدم قلبه، إنما هومعني بنا، وليس مجرد مارق، أفاق، نؤلب صبيتنا البلهاء،لرشقه بالحجارة…..!
شخصياً، وعلى خلاف نبوءات كثيرين، ممن غرقوا في تشاؤمهم، نتيجة متابعاتهم، لما يرتكب-كردياً- من أخطاء فادحة، كهذه، مازلت متفائلاً أن صوت الضمير الكردي، في أي زمان ومكان، لابد أن يعلو، لأن المرحلة حساسة، وخطيرة، فلنقرع جميعاً الأجراس، ونضع أصابعنا على الجرح، مهما كانت ضريبة ذلك…!