صلاح بدرالدين
لاشك أن أي تقييم حتى اللحظة ” للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ” الذي أعلن من – دوحة قطر – سيبقى دون البلوغ الى الحكم النهائي حتى يصدر برنامجه السياسي الكامل ونظامه الأساسي وما نستند اليه في هذه العجالة اضافة الى المعرفة السابقة بمن ساهموا بولادته القيصرية من سوريين وعرب وأجانب وببعض بواطن الأمور هو البيانات الصحفية وتصريحات المشاركين الاعلامية التي لم تخرج من الأطر الشكلية العامة .
بداية ومن حيث المبدأ علينا التأكيد أولا على ان كل أطياف المعارضات السياسية والحزبية والشخصيات الوطنية من التقليديين والجدد التي ظهرت في الخارج والداخل وتأطرت تحت عناوين مختلفة بعد اندلاع الانتفاضة الثورية تشكل بمجموعها الاطار العام للحركة الوطنية السورية التي قد نجد فيها وبينها تيارات مازالت لم تحسم موقفها السياسي الحاسم من النظام أو من يشكل عائقا أمام انتصار الثورة أو مازال يلحق الأذى بالصف الوطني وهي بدون استثناء لم تنبثق عن الثورة السورية ولم تخرج من أحشائها بل نبتت وازدهرت على هامشها وبالتالي ليست مخولة بقيادتها بل يمكن أن تدعمها وتنتصر لها بمختلف السبل اذا ارادت وهي تمثل الطبقات والشرائح والمكونات والفئات والأفراد التي تعبر عن مواقفها ومصالحها كما أنه لاشك بأن أي اتفاق بين مجموعات العمل الوطني المعارض تحت شعار مواجهة النظام هو لصالح الشعب السوري وثورته ومن هذا المنظور نعتبر أن ماتم بدوحة قطر من لقاءات واتفاقات تمخضت عنها ذلك الائتلاف ورغم بعض الغموض والكثير من المآخذ سيكون مكسبا للشعب والثورة اذا ما سار مستقبلا على برنامج وطني ديموقراطي يعزز الوحدة بين مكونات الشعب ويزيل الانقسام ويقدم الدعم والمساندة لقوى الثورة بالداخل من دون شروط أي أننا نتعامل مع الحدث ليس لكون ” الائتلاف ” يمثل الثورة ويقودها بل لأنه احدى روافد حركة المعارضة الأساسية لدعم الثورة ونصرتها .
واذا كان لابد من التعاطي مع الموضوع وابداء الرأي حول التركيبة الجديدة نقول لم يتضمن هذا الائتلاف غالبية الأطراف والقوى والتيارات السياسية والشخصيات المعارضة كما تم استدعاء الكثيرين بدوافع حزبية وعقائدية وشللية قد لاتمثل شيئا على الأرض وكان النصيب الأكبر للمجتمعين من حصة الاسلام السياسي ورأس حربته الاخوان المسلمون واستبعاد ممثلي التيارات الديموقراطية والليبرالية باشارات مباشرة من دول اقليمية وخاصة قطر وتركيا أما اذا استثنينا حضور من ينطق باسم كل من اتحاد التنسيقيات والهيئة العامة ( رغم اشكاليات تمثيلهما الشرعي ) وكذلك الظهور المرتب لأحد ضباط الجيش الحر على شاشة – الجزيرة – القطرية لم تكن هناك أية مشاركة حقيقية وجادة من الداخل الثوري ( قوى الحراك السلمي ومجاميع الجيش الحر والتنسيقيات الشبابية وممثلي المكونات الوطنية ) بل تابع السورييون مواقف غير مؤيدة لما حصل في الدوحة من جانب معظم ضباط الجيش السوري الحر وقد كان حجب الثقة عن السيد رياض سيف ( صاحب المبادرة المفترض ) واحلال أحد أقطاب الاسلام السياسي محله في ترأس الائتلاف عملا جلب المزيد من علامات الاستفهام أضيف الى تساؤلات حول مسألة غياب ممثلين عن دول اقليمية فاعلة وبالتالي ادخال موضوع المعارضات السورية في متاهات الصراع الاقليمي على النفوذ وبشكل خاص في جانب التنافس الاخواني – السلفي .
في السياق ذاته اعتقد البعض من المحللين أن اقامة الائتلاف استندت أساسا على تفاهم امريكي – روسي من أجل كسر شوكة واحتكار الاخوان المسلمين للمجلس الوطني السوري والمعارضة بشكل عام والتمهيد لاجراء الحوار مع النظام وذلك ترضية للروس ولكن النتائج أثبتت أن ذلك الهدف لم يتحقق وبقيت سيطرة الاخوان وأعوانهم بل تعززت أكثر واذا صح هذا التحليل تكون مبادرة السيد رياض سيف قد واجهت الاخفاق وولدت ميتة .
من الأرجح أن المهيمنين على المجلس الوطني وأعني الاخوان المسلمون وبعد اخفاقهم في اقتناص شرعية الداخل الثوري رغم ما بذلوه من مساع ومحاولات بدعم اقليمي معروف ورغم ما صرفوا من أموال من أجل شراء ولاءات هنا وهناك خاصة بين أوساط العسكريين وبعض الوجوه – المدنية الليبرالية ! – أرادوا من التركيبة الجديدة وسيلة أخرى لتحقيق الهدف القديم واعادة الكرة مرة أخرى عسى ولعل أن يحالفهم الحظ لذلك يمكن القول أن المجلس المنقاد من الاخوان مازال يبحث عن شرعية مفقودة ويضع الخطط للتأسيس لترسيخ بديل اخواني جاهز سعيا للانقضاض على سلطة الأمر الواقع فور سقوط النظام وذلك اسوة بما حصل في تونس ومصر وما يراد له في ليبيا بتواطىء صارخ من المانحين الاقليميين وعبر أموالهم وفضائياتهم والملاحظ في كل فصول العملية تلك الوتيرة العالية في استعجال الاخوان المسلمين في قطف الثمار حتى لو كانت بطعم العلقم .
واذا كان المسعى الجديد كسابقته لم يستوعب كل المكونات القومية والدينية والمذهبية فلم يحالفه النجاح كرديا أيضا ففيما يتعلق الأمر بالكرد ودورهم في هذا الائتلاف ومدى مشاركتهم فحدث ولاحرج واذا كان صحيحا ماأعلن عن طلب وفد ” المجلس الوطني الكردي ” بتمثيل الكرد في الائتلاف وبقية اللجان بنسبة 15% أرى أنه طلب محق وعادل وكنت قد طرحت هذه الفكرة منذ بدايات الانتفاضة الثورية السورية وطرحتها في العديد من اجتماعات المعارضة السورية ولم تنل التجاوب المطلوب وبهذا الصدد يستغرب الكثيرون من اعتبار المجتمعين بدوحة قطر أن المجلس الكردي أو مجلس الأحزاب الكردية هو الممثل الوحيد للشعب الكردي وفي حين دعوا االعشرات من الشخصيات العربية وغير العربية الوطنية والمستقلة تجاهلوا وجود شخصيات وطنية ومستقلة وناشطة ومثقفة ومناضلة كردية فقط لأنها لاتوالي مشروع الاسلام السياسي ولها مواقف تاريخية واضحة وحاسمة من ألاعيب الاخوان المسلمين وهذا يعتبر اجحافا بحق الشعب الكردي واساءة الى الناشطين الشباب من الكرد الذين أشعلوا الانتفاضة في المناطق الكردية وقدموا التضحيات ومازالوا على رأس الاحتجاجات والتظاهرات السلمية وهنا نوجه السؤال الى أصحاب مبادرة عمان الليبراليين : اذا كنتم اعتبرتم أن المجلس الوطني السوري لايمثل كل الأطياف وفشل في أداء الواجب فلماذا لاتعاملون المجلس الوطن الكردي على نفس المنوال وفي عين السياق ؟.