أوَّلُ الغيثِ نقدٌ ذاتيّ

خالد جميل محمد
(نائب رئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا)
 

الأخوة المخْـلصون الساخطون على عمل المجلس الوطني الكردي يحقُّ لهم أن يعاتبوه على تقصيره إزاء ما يجري من وقائع وأحداث يعجز المجلس بتخلخله الملموس عن التعامل معها بجدية وبصورة لائقة تسمو على الصغائر التي تنشغل بها أحزابنا التي يهيمن على عملها (غالباً) حالة من التسيُّب جعلت المجلس الوطني الكردي عاجزاً عن الارتقاء إلى مستوى العمل المؤسساتي المأمول منه حتى الآن، رغم الجهود والمحاولات العقيمة التي بذلت في هذا المجال،
حيث تهيمن خلافاتها العبثية وتناقضاتها على كيانه وسيرورة برامجه، وانتقلت أمراضها المزمنة إليه بالعدوى التي تبيَّنَ أنه تصعب معالجتها معالجة مُجْدِيةً ما دامت هي نفسها لا تُـقرُّ بحقيقة تلك الأمراض المتمثلة في سيادة العقلية الإقصائية عليها وانعدام برامج واضحة المعالم لديها، وفي عدم استعدادها للقيام بالواجبات المترتبة عليها، خاصةً في أخطر مرحلة يمر بها شعبنا ووطننا الآن، إضافة إلى انشغالها بالمصالح الضيقة عادةً، بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن اللذين تحوَّلا إلى وسيلة لغايات بدلاً من أن يكونا غاية تخدمها الأحزاب بصفتها وسائل من أجل هذه القضية، لا العكس كما نعانيه راهناً… 
ولأن من حق الشعب الكردي أن يمارس النقد فلا بدَّ من المبادرة بنقدٍ ذاتيٍّ بات أمراً ملحّاً، لعله يكون ضرباً من الضغط على كلِّ من يتسبّب (من الأفراد أو التنظيمات) في تعطيل عمل المجلس الوطني الكردي الذي يتوجب على الجميع أن يجمعوا الجهود لإنقاذه من الغرق في بحر الصراعات والمكاسب الثانوية والأنانيات الفردية، في ساعة الصِّفْر هذه..!
وهذا أول الغيث!.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….