محمد قاسم “ابن الجزيرة”
m.qibnjezire@hotmail.com
m.qibnjezire@hotmail.com
لا يصعب على أي باحث متأمل، ومتابع مهتم؛ أن يلاحظ أمرا فيه غرابة قد يسهو بعض الناس عنه أحيانا، بسبب اعتيادهم عليه؛ لاستمرار حضوره في الحياة السياسية، بل وقد صار جزءا من الممارسة المقبولة سيكولوجيا، و ذهنيا (ثقافيا) أيضا؛ باعتباره يندرج تحت مسميات ومفاهيم دخلت علم السياسة تحت عنوان الواقعية السياسية، وأصبحت متداولة…!
تتجلى هذه الغرابة في:
إن الثقافة السياسية، والممارسة فيها، تكون وفق نهج “اللامنطق” عقليا– إذا صح التعبير- و”تحكّم المصالح الذاتية”.
أو بتعبير آخر، وفق منظور ذاتي/سيكولوجي”نفسي”، وتتناول المشكلات السياسية بنهج المحاجّة و الحوار في الظاهر … وفي سياق يوحي بالنهج المنطقي.لكنه ذو طبيعة سوفسطائية –أو جدلية- كثيرا ما يعبر عنها بتوصيف “سجالية”.
ويعتمد “المغالطة المنطقية” التي تهدف إلى التلاعب بالحقائق للوصول إلى الإقناع، لما يرغب –ويريد- السياسيون…وتستند إلى فكرة فلسفية هي عدم وجود حقيقة ثابتة، وبالتالي، فان الإقناع هو الأساس.
لذا فإن الثقافة السياسية –في الحصيلة – هي” ثقافة القوة والغلبة“.
وهذا هو المعنى الدارج في الثقافة الاجتماعية عموما؛ في القول” ثقافة شريعة الغابة”.
ومن الواضح أن هذه الثقافة السياسية لا تعترف بـ“القيم الأخلاقية المجردة والمطلقة” والتي تتبنى قيما مثل: المساواة والعدالة وبناء الروح الإنسانية المشتركة “المطلقة” وإبداع نظام –ومنهج- يؤمن علاقة واضحة وسلسة بين النظم والشعوب على أساس المعنى الإنساني الأعم بل المطلق…
بل تبنت فكرة إخضاع العلاقات الإنسانية وقيمها فكرة “النسبية” العلمية.
وهو نهج يحاول اختصار جهود مضنية في البحث فيما هو اقرب إلى السهولة فيه، وأكثر استجابة لمصالح شرائح وطبقات وفئات اجتماعية مستفيدة بما تملك من أسباب القوة.
وعلى الرغم من أن التعامل مع المطلق قضية سجالية، وقد يكون شائكا أيضا، لكنه – المطلق- كـ“مثل أعلى” وضابط ، قد يكون مهما وضروريا ، وحظه في التطبيق يشبه “القوانين و الدساتير” والتي تتأثر تطبيقاتها بالحالة الذاتية لمن يطبقها ،أي تبقى –بمعنى ما –مطلقة كمبدأ.
فما يمنع إذا، البحث أيضا عن صيغة للمطلق القيمي–ومنه القيمة الإنسانية الأعم والمشتركة بين بني آدم جميعا- بحيث يكون له دور في حياة الممارسة السياسية، فلعل ذلك يساهم في بقاء جذوة في الحس الإنساني المشترك، لئلا تطغى روح المصلحة العمياء-الصماء …فحسب.
إن غياب هذه الصيغة يبقي على “نظرية الفصل بين السياسة والقيم الأخلاقية الإيجابية” مما يُغلّب روح المصالح …وهذا يقلل –إن لم نقل يلغي- جذوة الحس الإنساني القيمي المشترك في الممارسة السياسية، فيستحيل-وفقا لذلك- المقابل البشري مجرد شيء يُقيّم بما له من فائدة ومصلحة –بغض النظر عن القيمة الإنسانية المشتركة فيه ومعه.!
ومن العوامل التي تعتمدها الثقافة السياسية المسماة “الواقعية” اعتماد أسلوب “المسك من اليد الموجوعة” و“سياسة الأمر الواقع” و ” الواقعية السياسية” بغض النظر عن مدى توافقها مع قيم إنسانية مفترضة…والمصلحة البشرية الأعم، وما يشابه هذه المفاهيم التي تسهم في العمارة والبناء …!
من هنا يأتي أهمية وضرورة دور الحالة الثقافية الاجتماعية العامة لمجتمع أو شعب أو امة، بل البشرية جمعاء…
ومن هنا يأتي أهمية وضرورة دور الوعي بحقيقة ما يسلكه السياسيون؛ مستثمرين مختلف المؤثرات في سيكولوجية – ذهنية أو ( ثقافة) الآخرين، وخاصة تلك المؤثرات الآتية ممن يسمون مؤيدون–ومتعاطفون-… مهما كانت الأسباب والمبررات …وهؤلاء-المؤيدون والمتعاطفون- مرتبطون؛ إما بالمشاعر العميقة في النفوس نتيجة المعتقدات وتمازجها مع التراث الثقافي والمصالح المفترضة… –كالدين والطائفة والمذهب والقبيلة والعشيرة…الخ.
وإما بالمصالح، وفي حالات قليلة؛ بالقناعة العقلية والانسجام مع القيم الأخلاقية المفترضة أنها عامة ومشتركة في حياة البشر…
وتطرح أسئلة:
كيف يمكن لمثل هذه الثقافة أن تلبني حياة ناجحة ومشتركة؛ أساسها ثقافة إنسانية –قيمية- مشتركة تراعي الخصوصيات في سياقها؟!
وما هو الموقف والدور… لمختلف الفئات والشرائح والتكتلات …بل والأفراد… حيال مثل هذه الممارسات التي تتجه نحو انعدام الأمان والاستقرار وما يبنى عليهما في الحياة الكونية عموما…؟!
بل وكيف نحدد المسؤولية الإنسانية-الأخلاقية…الدينية… الإنسانية…لكل فرد أو جماعة أو شريحة ،تجاه ما يجري في الممارسة السياسية والتي ترتقي غالبا إلى عنف؛ يهدم، ويدمر القيم، والنفوس، والحياة وما فيها0معطيات الكون التي يفترض استثمارها لمصلحة الإنسانية جميعا، لتوفير حياة آمنة ومستقرة للبشرية ، وإنتاجا يوفر الأمان من الفقر فضلا عن تحقيق الرفاهية المبحوث عنها دوما؟!
نعلم من قراءة التاريخ ، أن الاتجاهات الأيديولوجية –أيا كانت قومية أم دينية…أم غيرها- هي الأكثر اعتمادا على العنف تحت عناوين مختلفة لعل أبرز الشعارات فيها ، الشرعية الثورية-الانقلابية…!
وإذا كانت القوى الأيديولوجية الدينية تتقبل القيم الأخلاقية– نظريا على الأقل- فإن القوى الأيديولوجية الأخرى- خاصة القومية الممركسة- إذا صح التعبير- والماركسية… لا تقر ذلك إلا في سياق أيديولوجيتها التي تبلورها هي لنفسها …
ففي الأولى هناك –على الأقل- اله كوني ترتبط به- وربما تمارس سلوكها باسمه تجاوزا- لكن الاعتراف بوجوده ومحاسبته قائم…وهذا ينمي حاسة وجدانية عميقة الجذور في الثقافة البشرية يمكن لبعض الوعي بها أن يفهم التجاوز عليها…
أما الثانية فترتد إلى اجتهادات ذاتية بحتة، و بلورة ذاتية أيضا –تحت غطاء فلسفي- بحيث تغيب فيها القيم والضوابط المعروفة، وتتحول إلى نهج مغالط –وبالتالي إلى استئثار يؤدي غالبا إلى الاستبداد…
يقول يفغيني بريماكوف، السياسي الروسي المعروف، في كتابه “الشرق الأوسط –المعلوم والمخفي” ما يلي:
الصفحة 73:
” كانت الجماعات أو الأحزاب الشيوعية التي تكونت في البلدان العربية منذ الفترة الاستعمارية مرتبطة بالاتحاد السوفيتي عن طريق الأممية الشيوعية بشكل مباشر وكان في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي قسم العلاقات الدولية الذي كان يجري اتصالا مع جميع الأحزاب الشيوعية الأجنبية وكان فيه قسم للعمل مع الأحزاب الشيوعية العربية…”
الصفحة 75:
“…..وبهذه الصورة أظهرت الأيديولوجية نفسها من جديد من الناحية التطبيقية “كخادمة” للسياسة.
ومنذ أواسط الستينات اخذ يسود في الاتحاد السوفياتي نهج المزيد من البراغماتية تجاه البلدان العربية، وقلّ بشكل متزايد النظر إلى الأحداث في الشرق الأوسط على ضوء الخلافات بين الأنظمة القومية والأحزاب الشيوعية المحلية وجرى الحديث في اللقاءات في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي مع ممثلي الأحزاب الشيوعية عن ضرورة التقارب مع قادة البلدان العربية البرجوازيين الصغار وأوصوهم بالموافقة على أن القيادة الثورية القومية -وليس هم- تعتبر في المرحلة الراهنة القوة البارزة في حركة التحرر في العالم العربي..”.
ومن الوسائل الدارجة والمتبعة في النظم الأيديولوجية، إلهاب الساحة الشعبية–والسيكولوجية فيها– لا الذهنية- بعوامل عدة منها مثلا:
التجمعات المنتظمة، واستثمار أي مناسبة لهذه التجمعات، وتعبئة الجماهير بالحماس عبر شعارات صاعقة ومُدغدغة للمشاعر، أو الطموحات أو الأطماع والرغبات الخاصة، عبر منهج مدروس نفسيا…ومنها ملاحظة أن يكون الخطاب لها في حالة التجمع مهيّجا، حيث تسود “غريزة القطيع” وهي حالة نفسية تظهر في حالة التجمعات …مستفيدة من ناحيتين على الأقل:
– تأثير غريزة القطيع في تمرير الشعارات والأفكار والقرارات …الخ.
– استثمار الجمع والتجمع في إيجاد حالة هيبة – أو نوع من الرهبة – لدى الحضور، أو ما يسمى “الضغط الاجتماعي” فضلا عن الإيحاء بالخوف في شكل ما…لئلا تبقى فرصة –ومساحة- للتفكير الفردي أن ينهض..ويعيش فعاليته المميزة…!!
هذه نتائج تجارب– أي حقائق- أكدها علماء النفس، ويستثمرها السياسيون-القادة والكوادر المؤثرة …-للأسف.
ليصبح تطويع الناس بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة هو الهاجس في هذه الثقافة السياسية،
إن الثقافة السياسية، والممارسة فيها، تكون وفق نهج “اللامنطق” عقليا– إذا صح التعبير- و”تحكّم المصالح الذاتية”.
أو بتعبير آخر، وفق منظور ذاتي/سيكولوجي”نفسي”، وتتناول المشكلات السياسية بنهج المحاجّة و الحوار في الظاهر … وفي سياق يوحي بالنهج المنطقي.لكنه ذو طبيعة سوفسطائية –أو جدلية- كثيرا ما يعبر عنها بتوصيف “سجالية”.
ويعتمد “المغالطة المنطقية” التي تهدف إلى التلاعب بالحقائق للوصول إلى الإقناع، لما يرغب –ويريد- السياسيون…وتستند إلى فكرة فلسفية هي عدم وجود حقيقة ثابتة، وبالتالي، فان الإقناع هو الأساس.
لذا فإن الثقافة السياسية –في الحصيلة – هي” ثقافة القوة والغلبة“.
وهذا هو المعنى الدارج في الثقافة الاجتماعية عموما؛ في القول” ثقافة شريعة الغابة”.
ومن الواضح أن هذه الثقافة السياسية لا تعترف بـ“القيم الأخلاقية المجردة والمطلقة” والتي تتبنى قيما مثل: المساواة والعدالة وبناء الروح الإنسانية المشتركة “المطلقة” وإبداع نظام –ومنهج- يؤمن علاقة واضحة وسلسة بين النظم والشعوب على أساس المعنى الإنساني الأعم بل المطلق…
بل تبنت فكرة إخضاع العلاقات الإنسانية وقيمها فكرة “النسبية” العلمية.
وهو نهج يحاول اختصار جهود مضنية في البحث فيما هو اقرب إلى السهولة فيه، وأكثر استجابة لمصالح شرائح وطبقات وفئات اجتماعية مستفيدة بما تملك من أسباب القوة.
وعلى الرغم من أن التعامل مع المطلق قضية سجالية، وقد يكون شائكا أيضا، لكنه – المطلق- كـ“مثل أعلى” وضابط ، قد يكون مهما وضروريا ، وحظه في التطبيق يشبه “القوانين و الدساتير” والتي تتأثر تطبيقاتها بالحالة الذاتية لمن يطبقها ،أي تبقى –بمعنى ما –مطلقة كمبدأ.
فما يمنع إذا، البحث أيضا عن صيغة للمطلق القيمي–ومنه القيمة الإنسانية الأعم والمشتركة بين بني آدم جميعا- بحيث يكون له دور في حياة الممارسة السياسية، فلعل ذلك يساهم في بقاء جذوة في الحس الإنساني المشترك، لئلا تطغى روح المصلحة العمياء-الصماء …فحسب.
إن غياب هذه الصيغة يبقي على “نظرية الفصل بين السياسة والقيم الأخلاقية الإيجابية” مما يُغلّب روح المصالح …وهذا يقلل –إن لم نقل يلغي- جذوة الحس الإنساني القيمي المشترك في الممارسة السياسية، فيستحيل-وفقا لذلك- المقابل البشري مجرد شيء يُقيّم بما له من فائدة ومصلحة –بغض النظر عن القيمة الإنسانية المشتركة فيه ومعه.!
ومن العوامل التي تعتمدها الثقافة السياسية المسماة “الواقعية” اعتماد أسلوب “المسك من اليد الموجوعة” و“سياسة الأمر الواقع” و ” الواقعية السياسية” بغض النظر عن مدى توافقها مع قيم إنسانية مفترضة…والمصلحة البشرية الأعم، وما يشابه هذه المفاهيم التي تسهم في العمارة والبناء …!
من هنا يأتي أهمية وضرورة دور الحالة الثقافية الاجتماعية العامة لمجتمع أو شعب أو امة، بل البشرية جمعاء…
ومن هنا يأتي أهمية وضرورة دور الوعي بحقيقة ما يسلكه السياسيون؛ مستثمرين مختلف المؤثرات في سيكولوجية – ذهنية أو ( ثقافة) الآخرين، وخاصة تلك المؤثرات الآتية ممن يسمون مؤيدون–ومتعاطفون-… مهما كانت الأسباب والمبررات …وهؤلاء-المؤيدون والمتعاطفون- مرتبطون؛ إما بالمشاعر العميقة في النفوس نتيجة المعتقدات وتمازجها مع التراث الثقافي والمصالح المفترضة… –كالدين والطائفة والمذهب والقبيلة والعشيرة…الخ.
وإما بالمصالح، وفي حالات قليلة؛ بالقناعة العقلية والانسجام مع القيم الأخلاقية المفترضة أنها عامة ومشتركة في حياة البشر…
وتطرح أسئلة:
كيف يمكن لمثل هذه الثقافة أن تلبني حياة ناجحة ومشتركة؛ أساسها ثقافة إنسانية –قيمية- مشتركة تراعي الخصوصيات في سياقها؟!
وما هو الموقف والدور… لمختلف الفئات والشرائح والتكتلات …بل والأفراد… حيال مثل هذه الممارسات التي تتجه نحو انعدام الأمان والاستقرار وما يبنى عليهما في الحياة الكونية عموما…؟!
بل وكيف نحدد المسؤولية الإنسانية-الأخلاقية…الدينية… الإنسانية…لكل فرد أو جماعة أو شريحة ،تجاه ما يجري في الممارسة السياسية والتي ترتقي غالبا إلى عنف؛ يهدم، ويدمر القيم، والنفوس، والحياة وما فيها0معطيات الكون التي يفترض استثمارها لمصلحة الإنسانية جميعا، لتوفير حياة آمنة ومستقرة للبشرية ، وإنتاجا يوفر الأمان من الفقر فضلا عن تحقيق الرفاهية المبحوث عنها دوما؟!
نعلم من قراءة التاريخ ، أن الاتجاهات الأيديولوجية –أيا كانت قومية أم دينية…أم غيرها- هي الأكثر اعتمادا على العنف تحت عناوين مختلفة لعل أبرز الشعارات فيها ، الشرعية الثورية-الانقلابية…!
وإذا كانت القوى الأيديولوجية الدينية تتقبل القيم الأخلاقية– نظريا على الأقل- فإن القوى الأيديولوجية الأخرى- خاصة القومية الممركسة- إذا صح التعبير- والماركسية… لا تقر ذلك إلا في سياق أيديولوجيتها التي تبلورها هي لنفسها …
ففي الأولى هناك –على الأقل- اله كوني ترتبط به- وربما تمارس سلوكها باسمه تجاوزا- لكن الاعتراف بوجوده ومحاسبته قائم…وهذا ينمي حاسة وجدانية عميقة الجذور في الثقافة البشرية يمكن لبعض الوعي بها أن يفهم التجاوز عليها…
أما الثانية فترتد إلى اجتهادات ذاتية بحتة، و بلورة ذاتية أيضا –تحت غطاء فلسفي- بحيث تغيب فيها القيم والضوابط المعروفة، وتتحول إلى نهج مغالط –وبالتالي إلى استئثار يؤدي غالبا إلى الاستبداد…
يقول يفغيني بريماكوف، السياسي الروسي المعروف، في كتابه “الشرق الأوسط –المعلوم والمخفي” ما يلي:
الصفحة 73:
” كانت الجماعات أو الأحزاب الشيوعية التي تكونت في البلدان العربية منذ الفترة الاستعمارية مرتبطة بالاتحاد السوفيتي عن طريق الأممية الشيوعية بشكل مباشر وكان في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي قسم العلاقات الدولية الذي كان يجري اتصالا مع جميع الأحزاب الشيوعية الأجنبية وكان فيه قسم للعمل مع الأحزاب الشيوعية العربية…”
الصفحة 75:
“…..وبهذه الصورة أظهرت الأيديولوجية نفسها من جديد من الناحية التطبيقية “كخادمة” للسياسة.
ومنذ أواسط الستينات اخذ يسود في الاتحاد السوفياتي نهج المزيد من البراغماتية تجاه البلدان العربية، وقلّ بشكل متزايد النظر إلى الأحداث في الشرق الأوسط على ضوء الخلافات بين الأنظمة القومية والأحزاب الشيوعية المحلية وجرى الحديث في اللقاءات في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي مع ممثلي الأحزاب الشيوعية عن ضرورة التقارب مع قادة البلدان العربية البرجوازيين الصغار وأوصوهم بالموافقة على أن القيادة الثورية القومية -وليس هم- تعتبر في المرحلة الراهنة القوة البارزة في حركة التحرر في العالم العربي..”.
ومن الوسائل الدارجة والمتبعة في النظم الأيديولوجية، إلهاب الساحة الشعبية–والسيكولوجية فيها– لا الذهنية- بعوامل عدة منها مثلا:
التجمعات المنتظمة، واستثمار أي مناسبة لهذه التجمعات، وتعبئة الجماهير بالحماس عبر شعارات صاعقة ومُدغدغة للمشاعر، أو الطموحات أو الأطماع والرغبات الخاصة، عبر منهج مدروس نفسيا…ومنها ملاحظة أن يكون الخطاب لها في حالة التجمع مهيّجا، حيث تسود “غريزة القطيع” وهي حالة نفسية تظهر في حالة التجمعات …مستفيدة من ناحيتين على الأقل:
– تأثير غريزة القطيع في تمرير الشعارات والأفكار والقرارات …الخ.
– استثمار الجمع والتجمع في إيجاد حالة هيبة – أو نوع من الرهبة – لدى الحضور، أو ما يسمى “الضغط الاجتماعي” فضلا عن الإيحاء بالخوف في شكل ما…لئلا تبقى فرصة –ومساحة- للتفكير الفردي أن ينهض..ويعيش فعاليته المميزة…!!
هذه نتائج تجارب– أي حقائق- أكدها علماء النفس، ويستثمرها السياسيون-القادة والكوادر المؤثرة …-للأسف.
ليصبح تطويع الناس بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة هو الهاجس في هذه الثقافة السياسية،
ويبقى مصير الناس والبشرية عموما رهنا بصراع المصالح بين السياسيين حتى وان أدى ذلك إلى القتل والتشريد والتدمير وحرق الاقتصاد وإتلاف المنشآت والمؤسسات التي تلبي حاجة الناس في الحياة في مختلف تجلياتها.