لماذا التحالفات الكردية السورية هشة

 دلكش مرعي

هذا السؤال طرح للمناقشة من قبل الكاتب الكردي // جان كورد // 

بداية نقول إن هذه التحالفات الشكلية لم تكن  فعالة في الماضي ولن تكون فعالة في الحاضر ولا حتى في المستقبل فالكل يعلم قصة هذه الأحزاب وقصة انشقاقها من الحزب الأم قبل عقود … وكيف بدأت تتكاثر عن بعضها كالمتوالية العددية حتى وصلت العدد إلى أكثر من سبعة عشرة حزباً ومازال الحبل على الجرار والسؤال المطروح هنا وبقوة هو لماذا انقسمت هذه الأحزاب أصلاً ؟ هل السبب كان في ظهور خلافات وهوة سياسية وفكرية عميقة وواسعة بين هذه الأحزاب ؟ وإذا كان هذه الخلافات العميقة والهوة السياسية موجدة فعلاً فكيف لها أن تتحالف ؟
الحقيقة أن هذه التحالفات تشبه إلى حداً كبير المسرحية الهزلية المضحكة والمقززة …
فهذه الأحزاب تنقسم ومن ثم تتحالف عبر بيان على الورق ومن ثم تعلن للملأ بأن هذا التحالف هو انتصار كبير للشعب الكردي وبأنها حققت إنجازاً تاريخيا له .

وحتى لا نسترسل كثيراً في هذه الأمور اختصاراً نقول: بأن هذه الظاهرة هي نتاج وحصيلة طبيعية للنهج والبنية الفكرية العامة لهذا الأحزاب فالشعب الكردي يعاني من أزمة سياسية وثقافية عامة منذ عقود بسبب الانقسامات والصراعات الحزبية من جهة وبسبب عدم وجود نهج تحرري واضح وممنهج يتمكن من خلاله هذه الأحزاب من إزالة الأسباب السلبية التي أوصل هذا الشعب إلى هذا الواقع أي أن نهج وفكر هذه الأحزاب هي نهج تقليدي غير منتج وغير مؤهل سياسيا لقيادة هذه المرحلة ولهذه الأسباب وغيرها ظلت الهشاشة الفكرية والثقافية تعشش في البنية العامة للمجتمع الكردي وداخل شرائحه الاجتماعية المختلفة  ….
 فلو أن الكرد أتبعوا حلول ناجعة  وانطلقوا بقواهم السياسية والثقافية والفكرية من معاير علمية استندوا عبرها على تجارب الشعوب والتزموا بمعطيات العلم وحصيلة العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية الحديثة التي كانت لها صلة مباشرة بآفاق التقدم الإنساني في عالمنا المعاصر فلو التزموا بهذه المعطيات العلمية  لتمكنوا عبر هذا الالتزام أن يضعوا جملة هذه الأمور في مسارها الصحيح وبأسس متينة قابلة للتطور والاغتناء ولحققوا نتائج إيجابية ومثمرة في معظم المجالات المذكورة ولتمكنوا من الابتعاد عن البحث والحلول البليدة الكامنة في تراثنا المترهل  الذي كان سبباً رئيسياً في إيصال هذا الشعب على ما هو فيه وجعله يعيش في مؤخرة  صفوف الشعوب وفي المقاعد الخلفية من هذه الصفوف ….


فعلى الرغم من ويلات هذا التراث الذي لم ينتج عبر تاريخه سوى الأزمات والمآسي  لهذه الشعب مازال معظم القوى السياسية والثقافية والاجتماعية مازالت تسير في فلكه ولم تتمكن من التحرر من قيمه ومفاهيمه الضارة …
 أن هذا الواقع  يستوجب ويفرض على الجميع العمل لحل هذه الإشكالية  والتركيز على ما هو علمي منتج ومثمر والاستفادة من تطبيقاته في المجالات السياسية والثقافية المختلفة ….

 
بالإضافة إلى ما ذكر فقد أثر الايديولجيات ذات المفاهيم الشمولية بعقائدها الجامدة على تطور الحركة السياسية والثقافية في اتجاهاتها المختلفة  ومازالت تأثير هذه الايديولجيات واضحة على توجهات بعض القوى على الساحة السياسية والثقافية وعلى توجهات بعض القوى المجتمعية هنا وهناك …..
وقد تمخضت عن جملة هذه الأوضاع  ثقافة سياسية بعيدة في معظمها عن الحداثة وعن تلبية حاجة المجتمع الكردي في المجالات المذكورة وعبر هذا النهج لم يستطع المثقف أو السياسي أن يحقق هوية سياسية أو ثقافية معاصرة ومتحررة ومتخصصة تتفاعل مع المجتمع الكردي وتنفض عنه غبار السياسات الغابرة المستنفدة تاريخيا أي أن السياسي لم يتمكن من تطوير النهج السياسي لتكون سياسته مقبولاً ومتفاعلاً مع شرائح المجتمع  ولا المثقف حقق ما هو المطلوب منه ثقافياً داخل هذا المجتمع ليكون المجتمع أكثر قدرة وتنظيماً على استيعاب مهامه الوطنية والقومية ومن أجل جملة الأمور المذكورة نؤكد بأنه من الخطأ الجسيم أن نطرح قضية الشعب الكردي وما تعرض له عبر تاريخه الطويل من مآسي وويلات بالإضافة إلى حالة التخلف الحضاري والتبعثر السياسي بتجريد هذه القضية عن إطارها الفكري ولقيمي والروحي المجتمعي أي إننا لا نستطيع أن نفصل بأي حال من الأحوال ثقافة الشعوب وقيمها التراثية العامة عن ما يحصل لها من تطور أو تخلف لأن النتائج السياسية في معظم المجتمعات هي افرزات طبيعية لقيم وثقافة هذه المجتمعات أي // أن دودة الشجرة وعلتها هي في داخل الشجرة ذاتها // مثل كردي .

 وأخيراً لابد من تقديم الشكر للكاتب // جان كرد // الذي طرح هذا الموضوع للمناقشة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…