البرزاني وكرد سوريا

بقلم عبدو خليل

لا يستطيع أحد أن ينكر ما للسيد مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق من مواقف حازمة مما يجري في سوريا، وذلك منذ الأيام الأولى للحراك الثوري الذي اندلع من درعا، كان ومايزال الرجل واضحا وصارما، عندما كررها أكثر من مرة.

مؤكدا احترامه لخيارات الشعب السوري.

لم يتوقف عند هذا الحد عندما قارب البرزاني وفي مناسبات عدة  بين البعث العراقي والبعث السوري ، وربما الكل يتذكر كيف رفض الرجل دعوة النظام لزيارة دمشق ولمرتين.

كانوا على استعداد لاستقباله كرئيس أقليم وحكومة، وكانوا أي النظام .

مستعدا لرفع العلم الكردي في سماء دمشق ومد البساط الأحمر أمامه من مطار دمشق حتى قصر الشعب، كان جليا كشمس ساطعة.

لن يجلس مع طاغية يقتل ويقمع شعبه.
هذا الموقف ربما تناساه الكثير من قادة الحركة الكردية ومن سياسي المعارضة السورية، حتى ان السيد البرزاني طلب من اول وفد للمجلس الوطني الكردي عام 2011عندما زار أربيل .

طلب منهم ضرورة الالتحاق الحقيقي بركب الثورة السورية ، وحفزهم على المشاركة الفعالة مع المعارضة والشعب السوري لأسقاط الديكتاتور ، وعرض عليهم دعما لا محدودا شريطة رص صفوفهم ، يومها كانت بعض أبواق الحركة الكردية المنقادة من حزب الاتحاد الديمقراطي تكفر وتخون البرزاني .

وراحت تتلهى بالفتات الذي رماه لهم النظام .

دورات ومدارس باللغة الكردية وافتتاح مكاتب للأحزاب وبيوت الشعب ومسيرات تكرس نهجا حزبيا معينا ، بالإضافة لاستلام وتسلم المناطق الكردية بإيعاز وتخطيط من أجهزة النظام ، في نفس الوقت كانت حكومة الأقليم ورئيسها يفتحون لأمعات الحركة الكردية الباب تلو الأخر في المحافل الدولية .

حيث صال وجال قادة الحركة .

المنتهين الصلاحية بيولوجيا وسياسيا.

حطوا في عواصم القرار العالمي دون أن يتمكنوا من صياغة علاقات عامة جديدة التي هي في حقيقة الأمر جوهر السياسة ومبتغاها.

كانت مجرد رحلات ترفيهية لم تأتي أكلها بشيء.
وما حدث فعليا ان طرفا معينا ابتلع الساحة السياسية لكرد سوريا وسخرها لأجنداته .

بقوة الحديد والنار ، ليتدخل البرزاني مرة ثانية .

وكانت اتفاقية أربيل لمنع التشتت وللابتعاد عن شبح الاقتتال الكردي الكردي ، ولدت الهيئة الكردية العليا التي بقت حبرا على ورق من حيث تطبيقها على الأرض ، بل على العكس صارت مظلة للكثير من الانتهاكات في ظل تعنت الاتحاد الديمقراطي بعدما وجد الأرض ممهدة ليقيم امارته ذات اللون الواحد والرأي الواحد والا فمصير كل من يختلف معه السجن او التصفية او التهجير .


وقد يقول قائل مامناسبة هذا الكلام .

المناسبة ان أربيل لم تمل ولم تكل من محاولاتها في اقناع كل الأطراف الكردية بضرورة الجلوس حول طاولة واحدة .

ليس فقط لأنهم ملة واحدة بل لأن مصيرهم واحد .ولأنها أي أربيل تدرك حساسية المنعطف التاريخي الذي تمر فيه المنطقة .

ويبقى السؤال هل يستطيع القبطان انقاذ السفينة التي تميل جهة اليمين واليسار بعدما اشتد الصراع بين ركابها .

أم ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ؟
—————
*النقطة الحساسة: زاوية يكتبها عبدو خليل لموقع (ولاتي مه) وتبث عبر راديو نوروز اف ام 

لمتابعة الحلقات السابقة انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…