قضية للنقاش – 63 هل الثورة بحاجة الى حكومة ؟

صلاح بدرالدين

    هذا هو السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه الآن بقوة ازاء اقرار البعض من المعارضة وتحديدا الطرف الأكثر قبولا لدى المجتمع الدولي ” الائتلاف الوطني ” بتشكيل حكومة ثم تأجيل التنفيذ من اجتماع الى آخر بعد الوصول الى المرحلة الأخيرة وهي تسمية رئيسها وأعضائها فدعوات تشكيل حكومة المنفى أو مؤقتة أو انتقالية التي نتابعها في وسائل الاعلام لم تنطلق من الداخل الثوري أبدا ولم تكن منذ اندلاع الانتفاضة الثورية السورية قبل نحو عامين على جدول أعمال الثوار أو في أولويات حاجاتهم الملحة بقدر ماهي تلبية لالحاح دولي – اقليمي أطلقته فرنسا وأعادت طرحه في مؤتمرات ” أصدقاء الشعب السوري ” وفي اللقاءات الثنائية مع أطراف المعارضة السورية من دون معرفة خفايا الدعوة اليها سوى تبريرات معلنة من قبيل تسهيل آليات عمل المعارضة في التواصل مع دول العالم وتنظيم شؤون الثورة والتسريع بتأمين المساعدات .
  بالرغم من اختلاف الرؤا بين القوى الدولية المعنية بالشأن السوري من جهة وبين أطراف المعارضة بالخارج وحتى بين أعضاء – الائتلاف – من الجهة الأخرى حول جدوى تشكيل الحكومة أصلا أو طبيعتها وأهدافها القريبة والبعيدة ورئيسها وأعضائها ومكان عملها الا أنه من الواضح أن هناك رابطا يجمع كل الداعين الى تشكيلها يعبر عن نفسه بالميل للدخول في حوار مع النظام الحاكم بعد فرض الحكومة العتيدة كأمر واقع ممثلا عن الثورة ومعبرا عنها والانخراط في العمل الدبلوماسي بالانسجام الكامل مع التوجه الغالب في الارادة الدولية وبخاصة التفاهم الأمريكي – الروسي كحجر الزاوية للانتقال الى الحلول الوسط والتسليم بالتعامل مع النظام – وقد يكون بدون رأسه – وذلك بالعكس من أهداف الثورة وثوابتها في اسقاط النظام سلطة ومؤسسات ورموزا وقواعد  .

  من المعتقد أن الثورة وهي بمرحلتها الأولى أي اسقاط النظام لاتحتاج الى حكومة بل الأولوية لحشد الطاقات والاسراع في انجاز مهام هذه المرحلة بأقل الخسائر وهناك على الأرض وخاصة في المناطق المحررة التي لم تكتمل بعد سلطة تمارس وظائفها وهناك مجالس عسكرية ثورية وشعبية منتشرة قد يعوزها الضبط والربط ولكنها فاعلة في مواجهة قوى النظام وجميعها بأمس الحاجة الى السلاح الفعال والتموين والتمويل ومن واجب المعارضة تأمينها ولايحتاج الأمر الى حكومة لتحقيق ذلك .
  الطريق الأسلم كما أرى هو دعم الجيش الحر في تعزيز صفوفه واعادة هيكلته من جديد واستكمال ترتيباته السابقة منذ عامين للوصول الى قيادة موحدة للثورة في كل مناطق البلاد أما اذا كان لابد من تشكيل حكومة أو هيئة تنفيذية أو أداة ادارية موحدة أو كيان تنظيمي تحت أية تسمية فمن الأفضل أن تكون نواته من شباب الثورة وحراكها وقواها العسكرية الميدانية على الأرض لأنهم أدرى بشؤونهم أولا وأقرب الى فهم الاحتياجات الشعبية وأكثر الماما بتقدير الموقف من النظام ومن مسائل الحرب والسلام وقد يحتاجون في المسائل الاجرائية الى خبراء ومستشارين من الخارج من الذين يشهد تاريخهم على نزاهتهم وتفانيهم في النضال المعارض بمقارعة نظام الاستبداد وتضحياتهم من أجل الحرية والتغيير وتمتعهم بسجل ناصع في العمل الوطني منذ عقود .
 والقضية تحتاج الى نقاش

– عن صفحة الكاتب على الفيسبوك – salah badradin

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…