لماذا الفيدرالية

  برزان سليمان
عن صوت كوردستان *
تأسس أول تنظيم كوردي في كوردستان سوريا, في الرابع عشر من حزيران سنة 1957, باسم(البارتي الديمقراطي الكوردستاني), كحزب يستمد طاقته و قوته من الجماهير العريضة, التواقة لمثل هذا التنظيم ليناضل من خلاله بشكل منظم جامع لجميع الشرائح والفئات الكوردية.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن, لم تكن هناك استراتيجية واضحة لجميع الفصائل والأحزاب التي خرجت من رحم الحزب الأم, وباتت تفتقر إلى فكر يتوافق مع كل مرحلة من المراحل التي مرت بها سوريا سواء الفترة الواقعة بين سنوات 1958-1961 , أي مرحلة الوحدة بين سوريا ومصر وما حملتها من فكر قومي عروبي, أو الفترات اللاحقة لها وخاصة منذ انقلاب حزب البعث في الثامن من آذار سنة 1963, فأمست سوريا محكومة بحكم شمولي, يتمثل بالحزب الواحد والفكر المؤدلج التسلطي والقمعي الواحد.
ففي بداية نشوء الحركة الكوردية في هذا الجزء من كوردستان, رفع البارتي شعار(تحرير وتوحيد كوردستان) وسرعان ما تم التراجع عنه لعدم توافقه مع تلك المرحلة وعدم وجود الحد الأدنى من إمكانية تحقيقه
ثم بات المطلب الوحيد لجميع فصائل الحركة الاعتراف الدستوري بحق الشعب الكوردي في سوريا؟؟, وتأمين الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية, كمطلب اتسم بالغموض والازدواجية في التعبير عنه, ودون الإسهاب في شرحه والتعمق في مضمونه لئلا يشكل إحراجا على حامليه والمطالبين به.
أما اليوم وفي خضم الثورة السورية, ومشاركة الشعب الكوردي فيها منذ لحظة اندلاعها, كشريك أساسي, والتغيرات الجيو بوليتيكية التي تطرأ على المنطقة , لابد من تحديد المطلب الكوردي بشكل واضح, بما يتناسب مع وجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية(ذاتيا), والتطورات الدولية ومواقفها تجاه القضية الكوردية (موضوعيا), وهذا المطلب يتمثل في الفيدرالية كحل أمثل للقضية الكوردية كونها تشكل ضمانة حقيقية للكورد في سوريا الجديدة.
فالنموذج السوري أقرب الى النموذج العراقي من حيث التركيبة الاجتماعية والاثنية والطائفية وخصوصية الموقع الجغرافي, والعلاقات الدولية لكل من الدولتين العراقية والسورية.
وتكمن الأسئلة في:
1-إن لم يكن الكورد في كوردستان العراق يتمتعون بالفيدرالية ماهو المصير المنتظر لهم, في ظل الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق بعد سقوط نظام صدام, ابتداء من حكومة المالكي, مرورا بحكومة الجعفري, وانتهاء بحكومة المالكي,
2- هل التركيبة المجتمعية في سوريا تسمح بنظام مركزي, يضمحل فيه جميع المكونات الدينية والطائفية والاثنية, في ظل التمايز بين مكون وآخر, وهل يمكن أن يتطور الاقتصاد الوطني في ظل هذا النظام؟؟ بالمطلق لا لأن النظام المركزي الشمولي هو الذي أدى الى الثورة وتقديم مئات الألوف من القرابين من أجل التخلص من هذا النظام ومرتكزاته.
3- هل الدول التي تعتمد النظام الفيدرالي تتجزأ, أم أن الدول التي تعتمد حكم المركز في الإدارة تتشرذم وتفتقر الى كل مقومات الدولة.
في الحقيقة أن الحل الفيدرالي في سوريا, واعتماد مبدأ
الديمقراطية واللامركزية السياسية هو الحل الأمثل وضمانة أكيدة لسوريا الجديدة التعددية تحافظ على كرامة المواطن السوري أيا كانت قوميته أو دينه أو طائفته , كذلك ستكون صمام أمان للشعب الكوردي في كوردستان سوريا .

* جريدة شهرية يصدرها مكتب الاعلام المركزي للبارتي الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…