الآن ومع كل الأسف يتم استحضار التاريخ والموروث الحزبوي المقيت والعمل عليه لتستمر تلك الظاهرة السلبية بين PYD على اعتبار هو الوريث الشرعي للموروث النضالي والثقافي والتنظيمي لـ PKK وبين أحزاب الاتحاد السياسي والعزف على وتر التناقضات واستغلال مشاعر بسطاء الناس والاحتقان الحزبوي وربما لأجندات خارجية لها بعض من السبب الموضوعي في ذلك مما جعل من طبيعة العلاقة والمقاربة بين كل الأحزاب والكتل السياسية المتشكلة على الأرض تدخل في أزمة خانقة في ظل الأزمة السورية الأكثر اختناقا .
انطلاقا من منهج عنيد ومسبق الحكم لبؤر ترفض العمل مع الآبوجيين حسب وصفهم كبارزانيين باتت أزمة عدم الثقة تستفحل يوم عن يوم بسبب ظهور خلافات يومية لا يغلق بابها واتهامها لبعضها حول في أمور منفعية وممارسات قد حصلت دون تقديم أي طرف إثباتات ووثائق تؤكد صحة الإدعاء بل اقتصرت الحجج وترجمت نفسها من خلال الكلام الشارعوي والسيل العارم من التهم و التخوين بين أنصارPYD وأنصار أحزاب الاتحاد السياسي في الشارع الكردي ولكن الرأي العام الشعبي والثقافي يعتقد بأن السبب هو الصراع على مناطق النفوذ وامتلاك الأرض وبسط السيطرة عليها بعد انسحابات القوى الأمنية للنظام من عدد من المدن الكردية وهنا شعرت تلك الأحزاب بأن وجودها وحضورها الشخصي باتت في خطر في الوقت الذي زعمت سابقا أنها تمثل 80% من المجتمع الكردي وباتت موقفها لدى أنصارها ضعيفا وحرجا فكان ولا بد لها من حركة وتحريك في الاتجاه المعاكس.
في الوقت الذي انتهز PYD بجميع مؤسساتها التنظيمية الفرصة وعملت ليل نهار واستنفرت كل قواها البشرية من خلال كادره المتدرب والحرفي ذووا الخبرة في التنظيم والإدارة الذين كانوا أعضاء في تنظيم PKK سابقا فتنامت قواه إلى حد مخيف بالنسبة لتلك الأحزاب وبعد اعتقاد وحقيقة منظورة بأن YPG قد أصبحت الحاكم الفعلي على الأرض.
مع دق نواقيس الخطر والاستنفار لدى تلك الأحزاب التي جاءت متأخرة وغير مخطط لها عملياتيا ومن دون مشروع سياسي واضح أوالبحث عن مصادر القوة .
بعد بناء PYD قوة متعاظمة عسكرية وأمنية على الأرض يلاحظ بأن أغلب أنصار PYD وربما أصابهم نوع من الغرور والتفكير الحزبايتي ونزعة التحدي والفردية على حساب ضعف وتراجع الأطراف الأخرى مما جعل من أنصار الطرفين مستقطبين أكثر ومشحونين بالشوارد المتخالفة في الوسط الشعبي الكردي من أي وقت مضى..
وبدأ من جديد وبقوة السيل العارم من التهم والتخوين تشق طريقها في المجتمع الأهلي الكردي والحزبوي من جديد على حساب الوحدة الوطنية الكردية وخاصة بعد انسحاب المفارز الأمنية من مدينة رميلان النفطية وحقولها باعتبارها المركز الاقتصادي الأول في سوريا وتربسبيي عاصمة عرب الجوالة حسب اعتقاد تلك القبيلة الطياوية وكذلك بلدة جل آغا ذات المكون المختلط ودخول قوات YPG إليها .فانكفأت تلك الأحزاب على نفسها ذهولا من الحدث الطارئ وزادت احتقانا وغلا من جديد بدل المشاركة والشراكة مع PYD على السراء والضراء مثلما فعلت بعض من أحزاب المجلس الكردي الانضمام إلى حراك YPG و تلك الظروف كانت بالفعل فرصة متاحة للمقاربة ووأد الخلافات ولكن لم يكن هناك نية لذلك بسبب فوضوبة القرار لدى تلك الأحزاب ولكن أحداثا مؤسفة أخرى في برج عبدالو وباسوطة ربما هي مفتعلة باتت تظهر على السطح قضت على أمال هذا التوجه الكردواري الشعبوي والقومي على المدى المنظور على الأقل ..
خلاصة القول والمطلوب : بناء على مقولة ليس الكل على صح وليس الكل على خطأ فما زال هناك الكثير من الوقت أمام الحركة الكردية وقواها الديناميكية بشكل عام والمجلسين الكرديين والحركة الثقافية القيام بالعمل المشترك والتعاون على أسس المصالح الكردية العليا وبناء قوة عسكرية موحدة تستوعب الجميع لتخطي هذه المرحلة بأكبر قدر ممكن من المكتسبات وأقل الخسائر و حماية وتحصين المجتمع الكردي من الأخطار و الانزلاقات المحتملة مستقبلا ريثما يتجلى المشهد العام والمعالم الواضحة لحل للأزمة السورية وحينها يكون للكرد أوراق وخيارات متعدد على طاولة الحوار السوري كقوة لها شخصية على الأرض وسياسة لها معالم واضحة أكثر من ذي قبل قد تطمع في صداقتها والتحالف معها القوى السورية الأخرى في رسم وإدارة سوريا الغد ..
علما بأن حقوق الشعوب تحققها الشعوب برمتها ومن خلال طاقاتها وليست الأحزاب بل يمكن أن تقود الأحزاب الشعوب عبر جبهة وطنية تحررية وقيادة مبدعة ومضحية باعتبارها القوى الأكثر تجربة وتنظيما ونخبوية في المجتمع ..
12.3.2013