بمناسبة مرور مائة يوم على ولادة الاتحاد السياسي والاتحادات الكردية الفاشلة !

ادريس عمر-المانيا

لكل مرحلة من مراحل نضال الشعوب, أدواتها, ومتطلباتها ومستلزماتها, وشعاراتها , وتحالفاتها, واتفاقاتها, بما يتناسب مع المرحلة وضروراتها..

أما الحركة الكردية فمنذ بداية تأسيسها 1957 وحتى الأمس القريب مارست نفس الآليات والأساليب ونادت بنفس الشعارات والمطاليب, لا بل  انبثق أو انشق العديد من التنظيمات من حركة الأم وساهمت في تفتيت جسم الحركة وأدت إلى عدد غير معقول ولامقبول من الأحزاب التي يصعب علينا حفظ أسماها لتشابهها, إلا أذا اقترنت باسم السكرتير أو الرئيس!!
هذا التشتيت والتقسيم أسبابه لم تكن فكرية أو ايديولوجية أو حول برامج الحزب وأهدافه بل كانت معظمها لأسباب شخصية وأنانية بحتة, وبالتالي أثرت سلباً على مصداقية هذه الأحزاب وعلى نشاطها, وفقدت  الجماهير الكردية ثقتها بالحركة السياسية, لذلك بقي الكثير من المثقفين الكرد والشباب والناشطين خارج الأطر السياسية تائهين ضائعين لا يعرفون إلى أين يرسي بهم سفينتهم إلى البر.

وبعد انطلاق الثورة السورية 15 آذار 2011 ضد طاغية دمشق , شارك الشباب الكردي في الثورة تزامناً مع الشباب السوري ومن خلال التنسيقيات التي تشكلت أعقاب الثورة, أما الاحزاب الكردية فلم تكن تملك قراءة صحيحية لما يجري في البلاد ولم تستطع وضع استراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع التطورات الحاصلة في سوريا, لذلك بقيت مترددة من حيث المشاركة في الثورة من عدمها بالرغم من مشاركة البعض منها في المظاهرات والاحتجاجات وكانت في الصفوف الأمامية مع التنسيقيات الشبابية علماً أن القسم الاعظم منها ظل متردداً ولم يشارك, كما هناك من وقف إلى جانب النظام في مواجهه المظاهرات ومحاولة منعها.

بعد ضغط الشارع والتنسيقات والمستقلين لتوحيد الموقف والخطاب الكردي للخروج برؤية واضحة عن مطاليب الكرد ولكي يحقق الكرد أهدافهم المشروعة, تم تشكيل مجلس وطني كردي وبدعم من الجهات الكردستانية, وخاصة بدعم من الرئيس مسعود البرزاني.

ومن ثم مجلس غرب كردستان التابع لحزب ب ي ده.

وحاول رئيس الاقليم السيد مسعود البرزاني توحيد مواقف الكرد وجمع المجلسين في أربيل وتم توقيع اتفاقية اربيل وعلى أثر ذلك تشكلت الهيئة الكردية العليا التي أصبحت مركزاً للقرار الكردي في سوريا.

بالرغم من تباين في المواقف والاتجاهات والممارسات على الأرض الكل حاول أن يلتزم باتفاقية اربيل لأنها عقدت  برعاية الرئيس مسعود البرزاني.

حيث كنا نتوقع والكثيرمن المهتمين بالشأن السياسي الكردي العام أن تتوحد القوى الكردية وخاصة في هذا الظرف الحساس ولاسيما احزاب البارتي الأربعة التي تدعي أنها تؤمن بالبرزانية وتحمل رايتها, لعدم وجود مبرر لوجود أربعة أحزاب باسم البارتي ولضرورات المرحلة, لكن ماجرى أنه تم الاعلان عن تأسيس الاتحاد السياسي في مدينة قامشلو 15/12/2012 بين الأحزاب الأربعة التي ترى نفسها قريبة من بعضها من الناحية الفكرية وتؤمن بالبرزانية وبدعم من رئاسة اقليم كردستان السيد مسعود البرزاني, وهي البارتي , واليكتي, وآذادي بشقيه, وقد أسر الخبر السرور في قلوبنا نحن المستقلين ووتأملنا خيراً وقلنا أن هذه المرحلة تتطلب المزيد من الاتحادات والوحدات الاندماجية ورغبنا أن تتوحد القوى الأخرى القريبة من بعضها ايضاً, وتم محاربة الاتحاد من قبل بعض أطراف الحركة , وأبدت عدم ارتياحها بتشكيل الاتحاد  وهذا كان مفهوماً بالنسبة لنا, ولكن للاسف يبدو أن الحركة الكردية ليست مقتنعة ببعضها البعض ولاتستطيع أن تناضل معاً والمشكلة في قيادات هذه الاحزاب, الكل لايرضى إلا أن يكون أمينا عاماً أو سكرتير أو رئيس وهذا ما أدى بنا إلى هذه الحالة, والاتحاد السياسي ظل اسماً ولم يخرج من اطار اصدار بعض البيانات السياسية بالرغم من أن بامكانه أن يصبح قوة حقيقة على الأرض بسبب جماهيرية هذه الاحزاب والدعم الذي يلاقيه من الرئيس البرزاني, ولكن يبدو هناك من يخاف أن لا يبقى الرجل الأول لذلك يماطل ولا يرغب بأن تندمج هذه الأحزاب في وحدة اندماجية وغداً يمر مائة يوم على تشكيل الاتحاد بدون ظهور أي بوادر تفائل بأن الحركة الكردية تفكر أن تضع مصالح الشعب فوق مصالحها الحزبية والأنانية ولو لمرة واحدة .

لذلك الكرد مطالبين بوضع استراتيجية واضحة المعالم وبكل شفافية لتعامل مع بعضهم البعض ومع قوى المعارضة السورية ووضع سقف مقبول للمطالب واقناع الشركاء السوريين بمطاليبهم المحقة وأن يخرجونا من المتاهات بشعاراتهم ومطاليبهم التي لا يعرفون هم أنفسهم ماذا تعني وماذا يريدون هل يريدون “الادارة الذاتية , ام الفيدرالية , أم الحكم الذاتي”  وعندما يقولون الفيدرالية عليهم وضع مشروع كامل متكامل عن الفيدرالية التي نريد ويقوموا بتعبئة الشارع الكردي والسوري وعليهم أن لا يضيعوا الفرصة التاريخية التي تمر بها سورية والمستفيد الاكبر من الثورة السورية هم  الكرد وأن ينضموا إلى الاطر الموجودة كالإئتلاف الوطني وأن يواكبوا التطورات الحاصلة لان عجلة التاريخ لاتتوقف ولا تنتظر المُهملين والمتخلفين..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين اثار الأستاذ مهند الكاطع، بشعاره “بمناسبة وبدونها أنا سوري ضد الفدرالية”، قضية جدلية تستحق وقفة نقدية عقلانية. هذا الشعار، رغم بساطته الظاهرة، ينطوي على اختزال شديد لقضية مركبة تتعلق بمستقبل الدولة السورية وهويتها وشكل نظامها السياسي. أولاً: لا بد من التأكيّد أن الفدرالية ليست لعنة أو تهديداً، بل خياراً ديمقراطياً مُجرّباً في أعقد دول العالم تنوعاً. كالهند،…

د. محمود عباس بصوتٍ لا لبس فيه، نطالب الحراك الكوردي في غربي كوردستان بعدم التنازل، تحت أي ظرف، عن مطلب النظام الفيدرالي اللامركزي، وتثبيته بوضوح في صلب الدستور السوري القادم. فهذا المطلب لم يعد مجرد خيارٍ سياسي ضمن قائمة البدائل، بل تحوّل إلى صمّام أمان وجودي، يحفظ ما تبقى من تطلعات شعبٍ نُكّل به لأكثر من قرن، وسُلب…

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…