محمود عباس لم نتطرق فيما ذكر سابقاً، وهنا ايضاً، إلى ما سيحدث ضمن منظومة المجتمع الكردستاني بمؤسساتها وأحزابها من التطورات والتغيرات النوعية وسننئى عنها في القادم، فهي قضية ذاتية، تخص المنظومة.
أما في الإطار الموضوعي، التركي والدول المجاورة المحتلة لكردستان.
في الفترة القادمة، سينتظرون قراراً من تركيا.
3 – بعملية السلام الجارية وفي حال استمرار المفاوضات، ستضطر “ب ي د” و “ي ب ك” في سوريا من تغيير استراتيجيتها في داخل سوريا وأولها الاستغناء عن جهات معينة مثل هيئة التنسيق الوطنية، وبالتالي مواجهة السلطة السورية بشكل مباشر، وسترضخ للتمثيل بوضع قواها العسكرية تحت هيئة مشتركة فعلية من القوى الكردية.
أو أن تركيا ستستخدم وجودهم العسكري على حدودها كورقة ضغط على مسيرة المباحثات والتململ فيها.
4 – ستجاهد تركيا والاقليم في بعضه، عزل الكريلا من اسلحته، وبها ستكون نهاية القوة العسكرية ل ب ك ك، والتي هي القوة الضاغطة الكبرى على طاولة المحادثات القادمة في المستقبل، لذلك من المتوقع حصول القنديل على بعض الضمانات قبل القدوم على هذه الخطوة، ايران من جهتها ستحاول ان تقنع قنديل بالحفاظ على سلاحها في الوقت الحاضر، بعكس ما تظهره في اعلامها، من خلال المجموعة المشاركة مع الهلال الشيعي في استراتيجية المنطقة.
رضخت تركيا إلى عملية السلام قبل أن ترضخ حزب العمال الكردستاني، وهي حقيقة واضحة لكل مضطلع إلى الواقع التركي السياسي – الإقتصادي، وعلاقاتها الدولية، وتوجهها العالمي وغاياتها في المنطقة، رغم إن عبدالله أوجالان كان يطالب بها منذ فترة ديميريل.
كما وان عملية السلام أنهت الحرب كقوتان متوازنتان، ولا يمكن وضع جهة في الميزان المنتصر أو المنهزم، والتالي يؤكد على هذه الحقيقة:
1- تركيا تجاهد للدخول إلى الوحدة الأوروبية، ليس كرغبة بل كواقع سياسي إقتصادي، ومن أحد أكبر الموانع هي القضيتان الكردية والقبرصية.
2- الدعم المادي الهائل لحكومة أردوغان بشكل خاص، والتي بلغت 70 % من الدخل القومي العام، من قبل الشركات الرأسمالية العالمية لتطوير إقتصادها، لجعلها إحدى أهم الدول الإسلامية تطوراً وديمقراطية، كنت تجبرها على خلق سلام بينها وبين الكرد، الذين أخترقت قضيتهم حدود تركيا الجغرافية ولم تعد مجدية ادعائها بإنها قضية داخلية بحتة.
3- برزت قوى معارضة شبه عسكرية أخرى داخل أراضي تركيا، ومنها القوة العلوية، تحت اسم بعض التيارات الإشتراكية، خاصة بعد ظهور الثورة السورية، وهذه بدأت تستلم دعما من السلطة السورية، وقبل أن تتفاقم كان على تركيا أن تهدئ إحدى اهم الصراعات الداخلية، ربما خوفا من تلاقي القوى الحديثة مع تلك.
4– ظهور القوى الأوروبية خارج معسكرات الناتو وعلى طول حدودها مع سوريا مع صواريخ باتريوت، والتي اصبحت بحد ذاتها قوات مراقبة دولية لا تختلف عن قوات السلام الدولية، والتي ستعطي تقارير إلى دول الناتو حول حقيقة الحوادث وبواقعية وأهمها صراع الكرد مع القوات الحكومية، وهي بحد ذاتها ستؤثر على العديد من توجهات تركيا.
5 – مواجهة الإعلام العالمي والداخلي للسياسة التركية الداخلية، ففي الوقت الذي كانت تدافع فيه عن القضية الفلسطينية وتدعم الثورات الجارية في منطقة الشرق الاوسط، كانت تتلقى انتقادات حادة ولاذعة عند كل مواجهة دبلوماسية، على إنها تتحدث عن السلام والديمقراطية وداخلها غارق في الصراع الإثني ويغيب فيها العدل، وكان الإعلام الإسرائيلي القوي عالمياً وإعلام السلطات التي تقمع الثورات في مقدمة الإعلام العالمي، في نشر القضية الكردية لا حباً بالكرد بل لغاية ذاتية.
6 – تأكيد الخبراء الإقتصاديين في الداخل ومن قبل الشركات العالمية، على أن تركيا سوف لن تتمكن من أن تستمر في إزدهارها الإقتصادي الحالي و لن تتمكن من بلوغ القدرة الإقتصادية – السياسية المخططة لها بدون إشراك الشرق التركي في العملية التنموية، وهي المنطقة الكردية، وبوجود الصراع وغياب السلام فالمنطقة ستبقى في شبه عزلة عن الإقتصاد العام، والحقيقة أنه للشركات العالمية الداعمة لتركيا لها اليد الطولى في خلق السلام في المنطقة، ومن المتوقع ظهور احتياطات نفطية مهمة في المنطقة، كما وأنها منطقة رئيسة لتمرير خطوط النفط العالمية، ولا ننسى ضخامة الموارد المائية في الشرق حيث المنطقة الكردية، إجمالا المنطقة غنية بكثيره وبقائها خارج عملية التطوير الاقتصادي التركي غير مجدية لتركيا وبالتالي للشركات العالمية.
لهذا ولغيرها من العوامل السياسية والفكرية الحضارية، والتي تبرز على ساحة المنطقة، وعلى حدود تركيا بشكل خاص، والتي تؤثر بشكل مباشر على الداخل التركي، وعلى القوميين الأتراك ذاتهم، تبين أن حكومة أردوغان أنتبهت أو أجبرت على الإنتباه إلى كل هذه الأبعاد، وعليه فهي مصرة على عملية السلام ومضطرة إليها أكثر من حزب العمال الكردستاني، رغم تشددها في البعض من تصريحاتها، والتي هي على الأغلب لترضية القوى السياسية المناوئة، وتأليب رأي الجماهير التركية التي بنيت على مدى عقود لتكون ضد ال ب ك ك، وبينتهم على انهم مجموعات ارهابية وعبدالله أوجالان زعيمها كان قاتل جنود الأتراك.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية
mamokurda@gmail.com
الجزء الأول: