في سلسلة الربيع الثوري المتواصل مازالت الحالة
السورية في مكان الصدارة ومحط الأنظار على الصعد الاقليمية والعالمية من حيث المدة
الزمنية التي تقترب من استكمال الذكرى السنوية الثانية وأعداد الضحايا البشرية من
الشهداء والجرحى والمعتقلين والمهجرين والنازحين وحجم الدمار في المدن والبلدات
والأرياف والظروف المعاشية الكارثية واصابة كافة مناحي الحياة الاجتماعية
والتعليمية والصحية بالشلل وفي ظل كل ذلك الوضع المأساوي لم تتوقف ملاحم البطولة
التي تسطرها قوى الثورة من حراك وتنسيقيات وجيش حر في مقاومة الآلة الحربية
الهمجية لمختلف أسلحة البر والجو والبحر لأعتى النظم العسكرية – الأمنية – الفئوية
المقامة خصيصا لمواجهة الداخل
مخازن الأسلحة الروسية والممولة بالسيولة النقدية والمساعدات الاقتصادية وأرقى
أجهزة التنصت والتشويش والملاحقة ومجاميع من خبراء حرب المدن والتشكيلات
الميليشياوية المضادة للانتفاضات الشعبية من جمهورية ايران الاسلامية والعراق
وميليشيا حزب الله اللبناني كل ذلك يشير وبمالايدع مجالا للشك الى حقيقتين :
الأولى وحشية نظام الأسد الذي جمع كل الجوانب المظلمة القاتمة للأنظمة الفاشية
والنازية والشمولية الأوروبية المقبورة في القرن الماضي وتراث حزب البعث العراقي
المخلوع في العنصرية والطائفية والمقابر الجماعية واستخدام الأسلحة الكيماوية ضد
الشعب واصراره على حرق سوريا كيانا وأرضا وشعبا ومن ثم تقسيم أشلائها المتبقية
والحقيقة الثانية تتجلى باالمضمون الوطني التحرري الديموقراطي لكفاح غالبية
السوريين وبلوغ حراكهم المقاوم من أجل التغيير رغم كل المعوقات الى مصاف التحولات
الكبرى في التاريخ الحديث وتطور انتفاضهم الى ثورة من طراز جديد قد تشكل نموذجا
لحركات الشعوب الأخرى من أجل التغيير الديموقراطي الناجز .
السوري العظيم معرض للكثير من التحديات الماثلة ليس من العدو الرئيسي فحسب بل من (
حلفاء مرحليين ) في الصفوف الداخلية الى درجة أن قوى دولية مهمة تعتبر من ( أصدقاء
الشعب السوري ) بدأت بالتشكيك في صدقية وحتى وطنية فصائل ومجموعات مشاركة بالثورة
وتتهم أخرى بالارهابية والانتماء لمنظمة القاعدة وكل ذلك بمثابة جرس انذار لنا
جميعا عسى ولعل أن يتم معالجة الأمر واعادة التوازن الى الاختلال الحاصل بين
الواقع والمشاع وبين الثورة والعمل السياسي بأقل الخسائر واعادة الاعتبار الى
المشروع الوطني السوري الذي قامت في ظله الثورة بل خرجت من أحشائه .
لثورتهم لا لحكم المرشد لا لسلطة الاخوان ولكن بعد فوات الاوان التوانسة قالوها
ايضا في ذكراهم السنوية لا لحكم النهضة – الاخوانية – في كلا البلدين ركب الاخوان
موجة الثورة قبل أن تشرف على الانتصار بقليل أي في اللحظات الأخيرة واستثمروا
نتائجها لصالحهم في غفلة عن القيادة الشبابية الحقيقية للثورة التي اعتبرتها
السيدة هيلاري كلنتون ” بعدم النضج السياسي والافتقار الى الخبرة ”
واسترخاء ولانقول – تواطىء – من الأحزاب والتيارات القومية – الناصرية والليبرالية
التقليدية التي عجزت عن التميز بين السيء – نظام مبارك – والأسوأ – حكم الاخوان –
أو لأسباب فكرية – ثقافية ترتبط بمضمون فهم العلاقة بين العروبة والاسلام .
الذكرى السنوية الثانية أو الثالثة ونلطم على وجوهنا وندعو الى ثورة – تصحيحية –
جديدة ونقول لا لحكم المرشد أم نبدأ من الآن من أجل توفير المزيد من الجهد والوقت
والتضحيات ؟ هل نترك ساحة المعارضة وقيادتها لتسلط الاخوان المسلمين وتحكمهم
بالقرارالسياسي والمال منذ عامين وحتى الآن وما أوصلوا اليه الحالة المستعصية التي
نتعايشها ونلمسها مزيد من الفشل والاحباط والوقوف أمام الطريق المسدود وخذلان قوى
الثورة والجيش الحر وعدم تأمين الحاجيات الأساسية والسلاح والذخائر واغماض العين
عن تسلل الجماعات السلفية – الجهادية ليشكل بعضها وصمة عار على جبين ثورتنا
الوطنية الديموقراطية والعجز عن تأمين الاعتراف الدولي وتضامن المجتمع الدولي مع
القضية السورية والتسبب في تصدع الداخل الثوري واثارة الفتن العنصرية والطائفية
هنا وهناك والتهرب من اغاثة مئات الآلاف من أهلنا ومواطنينا النازحين والمهجرين
بالداخل السوري والخارج .
الليبراليين المحافظين وقلة من الانتهازيين الباحثين عن المصالح الخاصة اللذين
تحاصصوا مواقع المسؤولية في ” المجلس الوطني السوري ” ومن بعده ”
الائتلاف ” مع الاخوان وحصلوا – من الجمل على أصغريه – أم نرفع الصوت عاليا ومن هذه اللحظة : لا
لتسلط المرشد على مقدرات المعارضة لا لاستغلال الاخوان لحاجات قوى الثورة بالداخل
لا لاجندتهم الخاصة من وراء ظهر الثوار والمناضلين وعلى حساب الثورة وحرفها عن
طريقها الوطني الديموقراطي وجوهرها العلماني التقدمي .
لاأدعو هنا الى عزل – الاخوان – أو غيرهم أو
حرمان أحد من شرف المشاركة النزيهة بالثورة فمن الحق المشروع لأي كان أخلاقيا
ووطنيا وانسانيا التواجد على ساحة الكفاح بهدف اسقاط نظام الاستبداد ومن حق كل
مساهم جماعة أو حزبا أو فردا في المرحلة الأولى من الثورة أن يقدم مالديه من أجل
تحقيق الهدف المشترك الأساسي الأول والوحيد وهو اسقاط النظام بكل السبل والوسائل
المشروعة ومن حقه أيضا العمل بحرية وبطريقته الخاصة وتحت ظل شعاره وشعائره الخاصة
ولكن وفي الوقت ذاته من واجبه الالتزام الكامل بالهدف الرئيسي والمبادىء العامة
للثورة وجوهرها السلمي المقاوم وحرصها على كل نقطة دم وصيانتها لوحدة السوريين
الوطنية ونبذ كل الدعوات والنزعات والآيديولوجيات العنصرية والطائفية التي تفرق
ولاتوحد والانسياق لقوانين وقرارات قيادات الثورة والالتزام بها أقول ذلك للجميع
لكل أطياف شعبي السوري ولاأستثني شعبي الكردي وحركته الوطنية وحراكه الثوري يسري
عليهم جميعا مايسري على الآخرين وأقول لهم أن الأولوية لمهمة اسقاط النظام
وماتتطلب من تعاون وتضامن وتلاحم وأن الحقوق الكردية المشروعة وازالة الغبن عن
كاهلهم وترتيب أوضاعهم بمايلبي ارادتهم في سلم الأولويات الوطنية لمرحلة مابعد
اسقاط النظام الشوفيني وليس مقبولا من أي كان كرديا أو عربيا أو أي مكون كان أن
يثور بشروط أو يصبح وطنيا تحت ظل حسابات جانبية فهي ولاشك ذرائع وحجج باطلة الى
جانب ذلك فان بحث المكونات التي حرمت وأقصيت وأضطهدت وهجرت لعقود كاملة مثل المكون
الكردي عن هوياتها المفقودة واعادة الاعتبار لتاريخها ودورها الوطني ليس موجها ضد
القومية السائدة الغالبة بقدر ماهي تعبير عن الخلاص من الاستبداد والتنفس في أجواء
الحرية التي طال انتظارها .
والانقاذ واجب وطني ملح ولم يفت الأوان بعد وأخالف الصديق برهان غليون بوضع
مسؤولية اسقاط النظام على المجتمع الدولي فحسب بل المسؤولية الأولى والأخيرة تقع
على عاتقنا نحن السورييون .