خطاب الأسد في دائرة التكرار

المحامي حسن برو

بعد مرور 21 شهراً لازال النظام متمسك بخطابه المكرر بدون ان يتقدم قيد أنملة باتجاه الحل الحقيقي للازمة السورية الذي يعرفها كل السوريين طريق إليها ، وبنفس الأسلوب المعهود يعود كما الخطابات السابقة باتجاه شرح وتفاصيل “المؤامرة الكونية “التي تتعرض لها سورية ، معتبراً ان للدول الاقليمية دور اساسي في الازمة الحالية ،وكأنه عاد في هذا الخطاب بدون أن يلتفت إلى ما دُمر من المدن على مدى الأشهر السابقة وتخريب البنية التحتية وانهيار معنويات جنوده ومؤيديه وهروب مموليه ، وازدياد عدد المهجرين السوريين إلى أكثر من مليون لاجئ ، بالإضافة إلى عشرات الالاف من الشهداء وأكثر منهم من المفقودين وضعفيهما من المعتقلين ،
كل ذلك لم يلقى من الرئيس السوري أي التفاته جدية ، مبدياً في الوقت نفسه نظرته الشمولية للأمور وحلها في سورية من خلال عقد مؤتمر وطني تطرحه الحكومة ‘ في حال وجود شركاء للحل السياسي وهو مالم يجده الأسد حتى الآن ملوحاً في الوقت نفسه بالتهديد بأن الحل السياسي لن يغنينا عن الرد ، وكأنما يضع الأسد شروطاً وهو لايزال في الموقع القوة التي تخوله لفرضها ، ويعلم جميع المتابعين في الشأن السوري بأنه في موقع ضعيف بل وضعيف جداً ، وقد قطع من خلال خطابه هذا الطريق على أي حل سياسي قريب الذي كان يتأمله المراقبين ليكون خطابه هذا بداية لها ، إلا أنه تمسك في خطابه بما لازال مؤمناً به ……..ان الازمة تتعلق بدول الراعية للجماعات المسلحة بقوله :((تلتزم الدول المعنية الإقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وإيواء المسلحين بالتوازي مع وقف المسلحين كافة العمليات الإرهابية مما يسهل عودة النازحين السوريين إلى أماكن إقامتهم الأصلية بأمن وأمان.

بعد ذلك مباشرة يتم وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا المسلحة التي تحتفظ بحق الرد في حال تعرض أمن الوطن أو المواطن أو المنشآت العامة أو الخاصة لأي اعتداء)) ولذلك لا يرى الأسد حتى الان بان معاناة الشعب السوري هي أساس الازمة ومركزاً على حق الرد ….فهل يعني بأن يقتل الشبيحة وأجهزة الأمن الشعب السوري دون أن يحركوا ساكناً ويتفرج العالم عليه كما يُفعل الآن …؟ وحتى الآن لم يأخذ الشعب السوري من كل الدول الاقليمية والدولية سوى “كلمات التهديد والوعيد التي تغني ولا تسمن ” والذي ربما سيستمر إلى الشهور قادمة ….؟ اما عن ” آلية ضبط الحدود” أي على الشعب أن يُذبح ولا يهرب أيضاً أو يفكر باللجؤ إلى الدول المجاورة ، وبما ان الرئيس الأسد اختار أن تقوم الحكومة باتصالات مكثفة بالأحزاب والقوى الراغبة بالحوار فهذا يعني بأنه لن يجد شركاء له في الحوار وفي الحل السياسي الذي يطرحه ؟؟! …….لأن غالبية المعارضة كانت تشترط رحيله قبل أي حوار وهذا ما ستتمسك المعارضة به أكثر بعد هذا الخطاب والذي يقول فيه الأسد ((أي حوار مع “عصابات تؤتمر من الخارج مع أصحاب فكر متطرف لا يؤمنون إلا بلغة الدم والقتل والإرهاب،  (…) أم نحاور دمى رسمها الغرب وصنعها وكتب نصوص الرواية عنها….)) و عندما يصّر الأسد على حصر الحوار مع المعارضة السياسية في الداخل ……..

فالسؤال الذي يطرح نفسه من بقي من معارضة السياسية في الداخل ؟؟!! فهل يقصد به قدري جميل …..!!! أم عمر أوسي ….!! أم أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وأصنامها ……..!؟ وبما أن الأسد مازال مستمر للحظة في سياستة “العصا والجزرة” فأنه سيستمر بها وذلك من خلال التأكيد لقوله :(( من كرر كثيرا أن سوريا اختارت الحل الأمني فهو لا يسمع ولا يرى، فنحن لطالما قلنا مراراً وتكراراً إن الإصلاح والسياسة بيد، والقضاء على الارهاب باليد الأخرى…)) فالإصلاح الوحيد الذي لمسه السوريين حتى الان ومنذ بداية الثورة هو ارتفاع وتيرة القتل من خلال الهجوم على أفران الخبز و محطات الوقود وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل الذين يسعون لسد جوعهم أوتدفئة أجسادهم الخاوية.

وعندما يقول أن الأمن غاب عن الوطن فهذا صحيح لأن الأمن كان يقتل ويعتقل ويختطف في السابق دون أن يتلقى الرد أو المقاومة من السوريين ، أما الآن فبات السوريين يردون على الأمن حينما يقوم باعتقال الأطفال ويغتصب النساء وينتهك الحرمات …………….

فالأمن بات مفقود لحاشيته وشبيحته ُوالذين كانوا يتصرفون على هواهم منذ 40 عاماً وكأنها مزرعة خاصة بهم ، بالتالي فأن تكرار الخطابات لن ينقذ الأسد من السقوط الذي يتمناه كل سوري اليوم قبل الغد لإنقاذ ما تبقى من الوطن الذي ينزف فيه كل شيء …..لا الانسان فقط وإنما الحجر والشجر أيضاً .

كلنا شركاء

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح عمر سقطت أركان نظامٍ استبدّ لعقود، وهرب زعيمه إلى حيث يظنّ أن الخطر بعيد. واحتلت فراغ السلطة كيانات مسلحة وجماعات إقليمية تتصارع على النفوذ، وُلدت في ظل هذا الفراغ حكومات مؤقتة وقرارات استثنائية تُحاكي إدارة شأن بلد لا يزال ينزف. لكنّ الجرح الأعظم لا يكمن في تبدّل الوجوه أو تبدّل العواصم الداعمة؛ بل في أن سوريا باتت ساحةً لتجييشٍ…

شادي حاجي يبدو أننا كشعبٍ كردي في سوريا، يعيش على أرضه التاريخية، في طريقنا إلى صراع، بل وصدام صعب وشاق وطويل المدى مع السلطة المؤقتة في دمشق، حول المطالب المشروعة للشعب الكردي في سوريا. ولسنا في وارد حلحلةٍ سريعة لإيجاد حلٍّ عادلٍ للقضية الكردية التي نطمح إليها، نظرًا لاعتماد السلطة المؤقتة في دمشق على الاستجابة الجزئية، وفي الحد الأدنى من…

نارين عمر نؤكّد نحن الكرد على الدّوام على أنّ لغتنا الكردية هي هويتنا وإحدى مقوّمات استمرارنا وديمومتنا، لأنّنا ومنذ احتلال وطننا كردستان وحتى اليوم نعاني من مختلف أنواع الاضطهاد والظّلم ومحاولات طمس الهوية من قبل الجهات المحتلة لكردستاننا، ولكن وعلى الرّغم من محاولاتهم الجبّارة لإضعاف لغتنا وإرغامنا على عدم التّكلّم بها إلا أنّ كلّ هذه الممارسات من قبلهم تدفعنا إلى…

نورالدين عمر اعتراض بعض الناس على السماح بفتح المدارس المسيحية التي تعتمد منهاج السلطة في شمال وشرق سوريا قد يكون مبررًا في بعض الجوانب، لكن من غير المقبول أن يتحول هذا الاعتراض إلى إساءة أو استهداف لأي مكون. لقد لاحظت في الآونة الأخيرة بعض المنشورات التي تشبه خطابات المصفقين لسلطة دمشق، إذ يُتهم المسيحيون بأنهم مؤيدون للنظام ولم يدافعوا…