مرة أخرى حول مسألة بنية العقل العربي (الحقوقي هيثم المالح نموذجا)

د.إسماعيل حصاف*

    خلال لقائي بمعارض سوري بمدينة هولير عاصمة كردستان ، قلت للرجل:” من الضروري أن تقوم منظمات ذات الشأن، بفتح دورات خاصة لرجالات المعارضة العربية في سوريا،بهدف تغيير بنية العقل لديهم وصولا إلى  الإنفتاح على الديمقراطية للإعتراف بالمكون الآخر”.

     وليس غريبا لرجل من أمثال السيد هيثم المالح وهو حقوقي وسجين سابق ويدعي بالدفاع عن حقوق الإنسان، أن يحمل في بنية عقله أفكارا سوداء شوفينية رافضا لكل لون إتني أو طائفي مادام قد تربى على ثقافة قرووسطوية رافضة لكل ماحوله من قوميات ومذاهب وأديان (وهو الأمر الذي يشترك فيه معا الحاكم والمعارض العربيين)، ولكن الغريب في الأمر أنه رجل حقوقي ومعارض بارز في سوريا.
      قبل عامان صرح أحد الساسة الكرد في غرب كردستان” ياخوفي من أن يأتي يوم، ويكون هيثم المالح واحد من واضعي الدستور السوري الجديد، حينها لن يكون للكرد نصيب فيه”.

وحقا هذا ماحدث، حين رفض الرجل التوقيع على بيان لوقف الإقتتال الداخلي في سه رى كانيه (Serê kanyê)، لوضع حدد للتدمير وللقتل، والسبب هو حسب ماورد في welati.net ذكر إسم الكرد إلى جانب العرب، علما أن المدينة كردية قوميا، مع التركيز على ضرورة حماية حقوق جميع الأقليات الدينية والإتنية فيها، وكردستانية جغرافيا.

    هنا لابد الوقوف عند نقطتين مهمتين تخصان السيد المالح: أولهما،وحسب مصادر من المعارضة نفسها، أن منزل السيد المالح والذي يقدر باكثر من خمسين مليون ليرة سورية، يقع في ضاحية الأسد على مقربة من منزل محمد ناصيف، حيث تقع أهم الدوائر الأمنية للنظام، ويحتاج الوصول لداره إجتياز عشرات الحواجز الأمنية.
  وثانيهما، أن السيد المالح خرج من سوريا برفقة مجموعة معارضين الداخل وبتكليف من الجهات الأمنية، بهدف الإلتحاق بمعارضة الخارج من أجل تقويضها وهو بنفسه إعترف بذلك أمام شخصيات سياسية مهمة، لكنه خرج من السرب ملتحقا بالمعارضة الحقيقية.
   وأخيرا لابد من إبداء ملاحظات أساسية في هذا الإطار:
1-  أن السيد هيثم المالح يعرض تاريخه للخطر بمواقفه اللامسؤولة هذه، فهو محامي معروف حاصل على إجازة في القانون ودبلوم في القانون الدولي العام.

ومن المفروض أن يميز مابين الحق والباطل، وأن لايراد لكلمة حق أن تكون باطلا.
2-  معتقل سابق، أعتقل في الفترة مابين (1980-1986) ومابين سنوات (2009-2011)، ومضرب عن الطعام عدة مرات، فعليه أن يشعر بمشاكل وقضايا الآخرين.
3-  منذ العام 1989 يعمل في منظمة العفو الدولية، وأحد المساهمين بتأسيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان.

فأين دفاعه إذن عن شعب يعود تاريخه إلى (5000) سنة ويعيش على أرضه التاريخي ومناضل من أجل حقوقه القومية المشروعة، فلا بد أن تتبرأ منه تلك المنظمات صونا لمصداقياتها.
4-  وهو القائل في مقابلة تلفزيونية:” المستقبل مرهون بيد الشعب، وأن على الناس أن تدافع عن مصالحها، وأنه على كل مواطن أن يعي حقوقه ويدافع عنها”، ودفع سنتان من عمره في السجن عن هذه المقابلة، اللهم إذا كان لديه مكيالين في تعريفه بالدفاع عن “المصالح” و” الحقوق “.
    ولابد أن نقول للسيد المحامي هيثم المالح الذي نكن لنضاله كل التقدير: ” لامكان لسياسي في رسم سوريا المستقبل، إذا ماعادى الشعب الكردي وقضيته المشروعة، لأن الكرد يشكلون بيضة القبان في عملية التوازنات الجديدة ليس فقط في سوريا بل وفي الشرقين الأوسط والأدنى”.
———————–

·  أكاديمي وسكرتير الپارتي الطليعي الكردستاني- سوريا Pêşeng) )

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…