تركيا مع الثورة تركيا مع الإرهاب!!


محسن طاهر*


 

أظهرت السلطات
التركية تعاطفا كبيرا مع الشعب السوري منذ الأيام الأولى لانطلاقة ثورته التي
ألهبت شرارتها أظافر أطفال درعا الميامين, مما أدى إلى اندلاع الحركات الاحتجاجية
والمظاهرات السلمية المناهضة للسلطة الفاسدة في عموم سوريا, لقد استقبل الموقف
التركي المؤيد للثورة بتأيد وترحيب من لدن أبناء الشعب السوري, خاصة بعيد قبولها استضافة
عشرات الآلاف من المهجرين السوريين, في الوقت الذي أبدت معظم النظم العربية في
البداية حذراً وتوجساً من دخول اللاجئين أراضيها, عدا إقليم كوردستان الذي شرع
بفتح المعابر الحدودية التي تقع تحت سيطرته منذ اليوم الأول, لاستقبال المعوزين والفارين
من بطش النظام الهمجي وآلته المدمرة, ووفرت لهم سبل العيش وتوفير الملاذ الآمن لهم
ولا يزال. 

فُسّرتْ الوقفة التركية
إلى جانب شعب يتعرض لأبشع صنوف القتل والتدمير على يد جلاديه, على أنه موقف إنساني
نبيل؛ فراحت الجموع المحتشدة في ساحات الحرية تهتف لتركيا ولقادتها في مناطق
متفرقة من البلاد, عدا المناطق الكوردية كون الكورد أكثر دراية من غيرهم بالسياسات
التركية قديمها وحديثها, فالنظام الذي يبدي وقوفه مع حرية السوريين وحقوق الشعب
الكوردي وحريته في كوردستان الغربية, حريُّ به أن يحقق رغبات وتطلعات الشعب الكوردي
في كوردستان الشمالية البالغ تعداده ما يقارب الثلاثين مليون نسمة أولاً, وفي حين
لا يزال يتعامل باستحياء مع فيدرالية كوردستان, رغم إنه المستفيد الأكبر اقتصادياً
في المنطقة من راهن الإقليم المتنامي.
 إن أكذوبة النظام
الرسمي التركي ومراميه في مساندة ثورة الحرية والكرامة السورية, صارت أكثر جلاء
بعد أحداث (سري كانييه) فالمرتزقة المأجورين الذين جندتهم حزب أردوغان الحاكم,
لزرع الرعب والموت في شوارع المدينة, الهدف منه إفراغ المناطق الكوردية من ساكنيها
الأصليين, وتالياً الحيلولة دون حصول الشعب الكوردي على حريته, وحقوقه القومية في
كوردستان الغربية, وذلك من خلال العمل على دق الإسفين بين مكونات المنطقة, من
قومية ودينية ومذهبية؛ وإلا كيف يفسر الدعم اللا محدود لجماعات قوموية شوفينية مأجورة
(راغب نواف البشير نموذجا) كانت حتى الأمس القريب تعيش تحت إبط النظام البعثي
الحاكم, إلى جانب قوى ظلامية إرهابية عابرة للحدود (غرباء الشام, أحفاد الرسول,…الخ)
أقدمت على قتل وتهجير وترويع الناس الآمنين المسالمين, وتدمير المنطقة التي عرفت
بالأمن والاستقرار طيلة أيام الثورة, وبعدما خلت المنطقة مؤخراً من قوات النظام
وأجهزته الأمنية السيئة السيط, أمست أسيرة أزلام أردوغان ومرتزقته المأجورين وإنْ
إلى حين, ولكن الشعب  الذي أنجب الشيخ
الشهيد قاضي محمد, والخالد البارزاني مصطفى…, كفيل أن يفشل جميع المؤامرات التي
تحاك ضده, من قبل الأنظمة الغاصبة لكوردستان, ويتصدى حتى الرمق الأخير لجميع
المحاولات الرامية لشق وحدة الصف الكوردي, والحيلولة لمنعه من تحقيق حريته وتقرير
مصيره بنفسه.

   
 على أردوغان أن يدرك تماماً,
بأن مصلحة بلاده لا يستقيم مع الإرهاب والغلاة العنصريين والمأجورين, وعليه أن
يعيد النظر في سياساته الحمقاء, بخصوص ما يجري في منطقتنا, ولا يقيس الأمور بعدة
مكاييل؛ فلا يجوز مساند الثورة السورية نهاراً, وإعداد المعاول لهدمها ليلاً, كما
يتطلب منها احترام رغبات شعبنا الكردي في كردستان الغربية, واحترام خصوصيته القومية,
وعدم التدخل في شؤونه الداخلية, ولا بدّ من التأكيد مجدداً, بأن إرادة شعب متجذر
في عمق التاريخ, قاوم على الدوام جبروت الطغاة, وأفشل سياسة التتريك والتفريس
والتعريب ردحاً من الزمن, أقوى وأصلب من هدير الطائرات وفعل المدافع وراجمات الصواريخ,
وسيخرج شعبنا من كل المعارك والمآزق, موحداً وأصلب عوداً وأقوى عزيمة.

   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

 
* عضو
اللجنة السياسية لحزب آزادي الكوردي – سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…