صلاح بدرالدين
خلال اكثر من خمسة عقود لم تتوفر الأرضية المناسبة لظهور حركة ديموقراطية سورية بشكل طبيعي ، ووفقا للمعايير المعروفة في علم السياسة ، تعبر عن مصالح وطموحات مختلف الطبقات ، والفئات ، والمكونات القومية ، والثقافية ، والاجتماعية ، وذلك بسبب دكتاتورية الطيف الواحد ، والحزب الواحد ، ووسائل القمع ، ورفض الآخر المختلف ، والحلول الأمنية لتنظيم المجتمع على مقاس الآيديولوجية السائدة ، ولاشك ان ذلك الوضع أدى الى الانفجار ، واندلاع الانتفاضة الوطنية على كامل الأراضي السورية .
وبسبب تلك الحالة التي لم تكن مقصورة على سوريا وحدها ، بل شملت مختلف بلدان موجات ثورات الربيع والتي كانت أنظمتها الحاكمة شبيهة بالنظام المستبد في سوريا ، اطلقت على انتفاضاتها ، أو ثوراتها حسب توصيف الكثيرين ، صفة ( العفوية ) أي بدون تخطيط مسبق من قوى سياسية مناضلة مجربة على الأرض ، وهذه حقيقة لا خلاف حولها في التجربة السورية .
حاولت أحزاب وتنظيمات – تقليدية – كانت قياداتها في بلدان الاغتراب منذ عقود ، ولم تشهد في كل عمرها مؤتمرات ، ومراجعات ، وتجديد ان تتسلل الى صفوف الثورة والمعارضة بدعم بلدان إقليمية معينة ، ولكنها اساءت التصرف ، واخفقت في بداية الطريق ، وانعكس افتقارها الى الشرعيتين التنظيمية ، والثورية ، على شرعية الثورة بالذات لانها قيست بمقياس من قادها ولو تسللا ، ولذلك بدأت المجموعات الوطنية السورية الحريصة على سلامة مسار الثورة ومن ضمنها حراك ” بزاف ” ، ومنذ عام ٢٠١٢ العمل من اجل استعادة الشرعية من خلال ( المؤتمر الوطني السوري ) وعلى الصعيد الكردي ( المؤتمر الكردي السوري الجامع ) ، ولم تنجح تلك المساعي ليس بسبب النظام المستبد الحاكم آنذاك ، بل لان الأحزاب والجماعات المهيمنة على ( المجلس الوطني السوري ، ومن ثم الائتلاف ، والمجلس الوطني الكردي ، وسلطة الامر الواقع ، وميليشياتها المسلحة ، التي تفتقر الى الشرعية ) رفضت ذلك ، وحاربت المشروع بكل مااوتيت من قوة ، ومن الملفت ان نفس هذه الأطراف التي كانت ضد ( المؤتمر الوطني السوري) في عهد النظام السابق تروج اليوم لعقده بعد ان خسرت الحاضر والمستقبل ،اما الجماعات الحزبية ، وسلطة الامر الواقع التي تطالب بمؤتمر وطني ، مازالت تقف بالضد من عقد ( المؤتمر الكردي السوري ) .
بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول عام ٢٠٢٤ على ايدي فصيل – جبهة النصرة ، أعلنت ادارتها الحاكمة عن حل – الجبهة – معتبرة نفسها إدارة انتقالية ستستمر لخمسة أعوام ، وترجمة ذلك بالواقع انها لاتتمتع بالشرعية الوطنية الجامعة طوال هذه المرحلة الانتقالية ، وهناك مآخذ جادة على طول هذه المدة ، ومطالبات باقتصارها على عام مثلا ، ثم تجري العملية السياسية بشكلها الديموقراطي ، وتتم المشاركة الوطنية من مختلف المكونات ، والتيارات السياسية ، وتتذلل العوائق ، وتحل المشاكل المرحلة من العهد السابق .
والمفارقة ان الإدارة الانتقالية تعترف مباشرة او غير مباشر بعدم استكمال شرعيتها الشعبية الوطنية ، اما أحزاب المعارضة – السابقة – وكرديا جماعات – ب ك ك – السورية ، وأحزاب المجلس الوطني الكردي ، تصر على انها شرعية ! وتمثل المكون الكردي !؟ ، وما اراه بهذا الصدد فان جميع هؤلاء ، ومعهم من يزعمون تمثيل الطوائف ، لايتمتعون بالشرعية الوطنية ، والقومية ، والاجتماعية ،و وان سوريا لن تعود الى وضعها الطبيعي المنشود الا باستكمال هذا الامر وإنجاز شروطه .
وهكذا فان شرعية الجميع قيد التشكل .
الذين أتوا بالشرع ،هم الذين يقررون مسير سوريا ….وهم يقررون من عليه الاجتماع حوله…
انتهت مدة صلاحية المعارضة، وخاصة في الخارج…والذي انتهت صلاحيته معروف مكانه..بضاعة جديدة في سوريا ولاتنتهي صلاحيتها.