من المفارقات العجيبة …!!!

دلدار بدرخان 
إذا تخلى الكُردي السوري عن قضيته، وتنكر لحق شعبه في الحرية والكرامة، يُكافأ من قبل العرب ويحتفى به، ويُصنف في خانة الكُرد الجيدين والمعتدلين، ويُضرب به المثل في الوطنية، لا لأنه وطني فعلاً، وإنما لأنه ساير الرواية السائدة وتنازل عن حقوقه القومية والسياسية .
بينما إذا تخلى العربي السوري عن حقوقه القومية والسياسية، يرمى بالخيانة والعمالة، ويقصى من المشهد ويخوَّن بلا تردد.
إذا تضامن الكُردي مع آلام شعبه ودافع عن حقوقه، يُنبذ ويُتهم بالتعصب والانفصال من قبل العرب ، أما إذا تضامن العربي مع قضيته وحقوقه حتى لو كانت القضية التي ينادي بها خارج حدود الوطن السوري، يمجّد ويكرَّم كصوت وطني وشريف للعدالة.
إذا قام أحد العرب بجرائم ضد الكُرد، يصبح بطلاً وطنياً وقومياً من الطراز الممتاز كما في حالة أبو عمشه ومن شابهه من مجرمي الحرب، وتُكرَّم أفعالهم بالنياشين، بينما لو أرتكب هذا الشخص نفس الجرائم ضد طائفته أو ضد العرب، يُدان كمجرم حرب ويحاسب أمام الإعلام والمحاكم.
إذا ساعدت مجموعة عربية في سورية دولة إقليمية وحاربت ضد الكُرد، تُقدَّم لها الأوسمة والرتب العسكرية، ويُشاد بوطنيتها وولائها للدولة، أما إذا قامت شريحة أخرى بنفس الفعل مع العرب، تُصنَّف فوراً كخونة وعملاء، ويُطالب بإقصائهم ومحاكمتهم بتهمة الخيانة والعمالة والتآمر مع العدو ضد الدولة .
إذا مارس أحدهم الاستبداد ضد العرب ، يُهاجم وتُرفع ضده الشعارات والتنديدات، أما لو مارس نفس الاستبداد ضد الكُرد يبرر فعله ويعتبر حامي الدولة والقانون.
إذا طالب الكُردي بحقوقه القومية والسياسية والثقافية يُتهم بالانفصال والتمرد، بينما لو طالبت جماعة عربية في أي مكان ما في هذا العالم بنفس الحقوق، يقال عنهم إنهم وطنيون أبطال، ويطالبون بحقوقهم المشروعة 
حين يدافع الكُردي عن نفسه ويحمل السلاح لحماية قريته، يُتهم بالإرهاب وبتشكيل جماعات وميليشيا خارجة عن القانون، بينما لو فعلت جماعة عربية الشيء نفسه، تُسمى قوات وطنية و ثورية.
حين يُطالب الكُردي بحقه في الدستور ، تُثار الشكوك والخوف من تفكك الدولة، لكن حين تُمنح امتيازات لطوائف عربية  يُنظر إليها كاستحقاق طبيعي وتطور ديمقراطي، وحق مشروع للاغلبية .
هذه المفارقات ليست مجرد أخطاء، وإنما وجهٌ آخر للقمع باسم الوطنية، وحين يصبح الظلم قاعدة، فإن المطالبة بالحق تُعد جريمة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…