دلدار بدرخان
إذا تخلى الكُردي السوري عن قضيته، وتنكر لحق شعبه في الحرية والكرامة، يُكافأ من قبل العرب ويحتفى به، ويُصنف في خانة الكُرد الجيدين والمعتدلين، ويُضرب به المثل في الوطنية، لا لأنه وطني فعلاً، وإنما لأنه ساير الرواية السائدة وتنازل عن حقوقه القومية والسياسية .
بينما إذا تخلى العربي السوري عن حقوقه القومية والسياسية، يرمى بالخيانة والعمالة، ويقصى من المشهد ويخوَّن بلا تردد.
إذا تضامن الكُردي مع آلام شعبه ودافع عن حقوقه، يُنبذ ويُتهم بالتعصب والانفصال من قبل العرب ، أما إذا تضامن العربي مع قضيته وحقوقه حتى لو كانت القضية التي ينادي بها خارج حدود الوطن السوري، يمجّد ويكرَّم كصوت وطني وشريف للعدالة.
إذا قام أحد العرب بجرائم ضد الكُرد، يصبح بطلاً وطنياً وقومياً من الطراز الممتاز كما في حالة أبو عمشه ومن شابهه من مجرمي الحرب، وتُكرَّم أفعالهم بالنياشين، بينما لو أرتكب هذا الشخص نفس الجرائم ضد طائفته أو ضد العرب، يُدان كمجرم حرب ويحاسب أمام الإعلام والمحاكم.
إذا ساعدت مجموعة عربية في سورية دولة إقليمية وحاربت ضد الكُرد، تُقدَّم لها الأوسمة والرتب العسكرية، ويُشاد بوطنيتها وولائها للدولة، أما إذا قامت شريحة أخرى بنفس الفعل مع العرب، تُصنَّف فوراً كخونة وعملاء، ويُطالب بإقصائهم ومحاكمتهم بتهمة الخيانة والعمالة والتآمر مع العدو ضد الدولة .
إذا مارس أحدهم الاستبداد ضد العرب ، يُهاجم وتُرفع ضده الشعارات والتنديدات، أما لو مارس نفس الاستبداد ضد الكُرد يبرر فعله ويعتبر حامي الدولة والقانون.
إذا طالب الكُردي بحقوقه القومية والسياسية والثقافية يُتهم بالانفصال والتمرد، بينما لو طالبت جماعة عربية في أي مكان ما في هذا العالم بنفس الحقوق، يقال عنهم إنهم وطنيون أبطال، ويطالبون بحقوقهم المشروعة
حين يدافع الكُردي عن نفسه ويحمل السلاح لحماية قريته، يُتهم بالإرهاب وبتشكيل جماعات وميليشيا خارجة عن القانون، بينما لو فعلت جماعة عربية الشيء نفسه، تُسمى قوات وطنية و ثورية.
حين يُطالب الكُردي بحقه في الدستور ، تُثار الشكوك والخوف من تفكك الدولة، لكن حين تُمنح امتيازات لطوائف عربية يُنظر إليها كاستحقاق طبيعي وتطور ديمقراطي، وحق مشروع للاغلبية .
هذه المفارقات ليست مجرد أخطاء، وإنما وجهٌ آخر للقمع باسم الوطنية، وحين يصبح الظلم قاعدة، فإن المطالبة بالحق تُعد جريمة.